“آثار جرش” تنفذ حملة لحماية موقع الحمامات الشرقية وتنظيفه

في نطاق استجابتها لما عرضته “الغد” قبل نحو اسبوع حول ما يتعرض له موقع الحمامات الشرقية في مدينة جرش بالوسط التجاري، أطلقت مديرية آثار جرش، حملة تنظيف وصيانة واسعة للموقع للحفاظ على نظافته، والحد من العبث به، وفق مدير آثار جرش محمد الشلبي.
وقال الشلبي ان ملكية الموقع، تعود الى بلدية جرش الكبرى ومديرية أوقاف جرش، وهو غير مملوك لدائرة الآثار، لكن المديرية تقوم بواجبها الإخلاقي تجاهه، كونه من بين أهم المواقع الأثرية في المحافظة.
وأوضح أن مديرية الآثار، عينت العام الحالي 290 عاملا على حساب المشاريع، بينهم مهندسون وفنيون وعمال وخبراء آثار، بينهم عشرات العمال الذين اسهموا بتنظيف هذا الموقع والمواقع الاثرية الاخرى، وينظفون أيضا مواقع أثرية غير مملوكة لدائرة الآثار، في مسعى منهم لحمايتها من العبث، واستمرار نظافتها على مدار الساعة، بخاصة بعد بدء تعافي قطاع السياحة والعودة التدريجية للنشاط السياحي في المحافظة.
ويعتقد بأن موقع الحمامات الشرقية، من بين المواقع المهمة في المحافظة، والتي ما تزال البعثات الأجنبية تعمل على التنقيب فيها، وقد عثر على قطع أثرية وتماثيل خلال السنوات الأخيرة، وهي معروضة في مركز الزوار ومتحف آثار جرش، ويجب أن تتابع البلدية والاوقاف، وضع الموقع والاهتمام به، كأحد أهم المواقع التي تعتبر منبع للقطع الأثرية في جرش.
وأضاف أن البلدية والأوقاف، هما اللتان تمتلكان الموقع، وتقع عليهم مسؤولية تنظيفه وحمايته، ومنع أي عبث فيه بمختلف الطرق وبالتعاون مع الجهات المعنية، بينما تقدم مديرية الآثار المساعدات المطلوبة لاي جهة، للحفاظ على آثارها ومواقعها.
وكان الموقع تحول الى مكرهة صحية، جراء استخدام مواطنين له كمكب للنفايات، الى جانب تخريبه والعبث بسياجه، الذي وضع حول الموقع، في وقت تغيب فيه اي حراسة أو مراقبة له من الجهات المعنية، برغم الاكتشافات المهمة والتاريخية التي عثرت عليها البعثة نفسها، والتي تعمل في مدينة جرش منذ ثلاث سنوات، وفق رئيس قسم الإعلام في بلدية جرش هشام البنا.
وأوضح البنا، أن العبث في الموقع، قد يدمر قطعا أثرية يعثر عليها عابثون، لاسيما وأن الموقع محفور أصلا على يد بعثات تنقيبية، وهذا يسهل العبث به عن طريق متعطلين عن العمل وباحثين عن الدفائن، الى جانب عدم وجود رقابة وخراب سياجه، ما يسهل الدخول اليه في أي وقت.
وقال البنا، إن الموقع أثري وما يزال التنقيب فيه جار، ولا يجوز بموجب قانون الآثار دخول أي موقع أثري، حتى لو كانت ملكيته للبلدية أو لجهات أخرى من عمال البلدية وتنظيفه، إلا بإشراف مباشر من دائرة الآثار، وقد نظفت مديرية آثار جرش الموقع أخيرا، وعشبته، بالتعاون مع بلدية جرش.
وأكد البنا ان البلدية، تقدم التسهيلات والدعم لإنجاح الموقع وغيره من المواقع الاثرية التي تمتلكها، بخاصة مشروع التنقيب الذي تقدمه الحكومة الفرنسية عن طريق منظماتها المختلفة، لا سيما وأنه مع وجود عدة مشاريع، وضعت الفكرة الأساسية لها، مثل تطوير السوق التراثي القديم، ومنطقة امتداد الوادي، وتوأمة بلدية جرش مع مدينة نيس الفرنسية، كاقتراح جرى التوافق عليه سابقا مع السفير الفرنسي.
وتتبع ملكية ارض الحمامات الشرقية للبلدية ووزارة الاوقاف، في حين تشرف دائرة الآثار العامة على المباني الاثرية للحمامات والجسر الاثري الواقع فوق هذه الاراضي.
يشار الى أن مدينة جرش من أكبر المدن الأثرية، وتزخر بالآثار التي ما تزال تحتاج الى التنقيب، وكانت البعثة الفرنسية اكتشفت قبل بضعة أعوام، جزءا من تمثال لربة الجمال الاغريقية “أفروديت” من الحقبة الرومانية بطول 164 سم، وهو موجود حاليا في متحف جرش.
وكان الخبراء الفرنسيون توقعوا آنذاك، أن الجزء الآخر من التمثال ويمثل شقه العلوي، سيجري التنقيب عنه في الموقع نفسه لاحقا، ويبلغ طوله نحو متر ونصف المتر، وأظهرت الكتابات التي اكتشفتها البعثة على قاعدته، بأنه يمثل ربة الحب عند الاغريق والرومان، ويعتبر من اكبر تماثيل الربات الاغريقية “العشق والجمال” الذي يكتشف حتى الآن، بينما سبق وكشف عن تمثال بنسخة اصغر حجما منه في منطقة بيسان في فلسطين.
ويظهر على قاعدة التمثال، مجسم صغير لطفل يمثل ربة الحب الاغريقية ايروس، يعتلي حيوان الفقمة، بالإضافة الى نقوش على قاعدته، تشير الى صنعه بناء على طلب من الآلهة شفاء أحد أباطرة روما المرضى.
يذكر أن البعثة الفرنسية عثرت قبل نحو أربع سنوات في موقع الحمامات الشرقية على 7 تماثيل رخامية إغريقية، ليصبح مجموع التماثيل التي عثر عليها خلال ثلاثة مواسم تنقيب 14 تمثالا وفق البنا.
وقال البنا، إن التماثيل التي يعثر عليها ترسل إلى البعثة الإلمانية في مركز زوار جرش، وتعمل على ترميمها وصيانتها وجمع قطعها ببعضها وتنظيفها وتوثيقه، وقد عثر في العام الأول عن تمثال افروديت نفسه، وفي الموسم الثاني على نصفه الثاني، بالإضافة إلى 6 تماثيل أخرى، وفي هذا الموسم عثر على 7 تماثيل رخامية، ليصل مجموع ما عثر عليه من تماثيل الى 14.
وبين البنا أن التماثيل التي عثر عليها هي 3، يعتبرن وفق الاعتقادات الاغريقية، بنات كبير آلهة الحكمة زيوس، وعددهن 9، اكتشف العام الماضي ثلاث منها والعام الحالي ثلاث أخرى، مع ورود معلومات حول اكتشاف تمثال سابع لهن في الموقع نفسه في عام 1986 على يد خبير الآثار عبد المجدي مجلي، ويطلق على هذه التماثيل عند الإغريق إسم “ميوزات”.
وتعد هذه الميوزات مصدر الهام للفنون الاغريقية، كفن الشعر والقص والعزف والغناء والمسرح، ويصعب التميز بينهن إلا بعد استكمال ترميمهن والعثور على القطع المفقودة منهن، والتي تحدد شخصية كل تمثال منهن وأسمه، وقد أطلق عليهن الإغريق أسماء: كاليوبي واورانيا ويوتيريبي وكليو وايراتو وبوليهيمنيا وميلبوميني وتيربسيكور وثاليا، كما حددت شخصية تمثال اسكليبيوس، ربة الطب والشفاء عند الاغريق، وحددت هوية رأس تمثال يعود لصانعة الاباطرة في روما جوليا دومينوس، بالاضافة للعثور على تمثال ابولو ربة الموسيقي الاغريقية، وتمثال ادونيسيوس ربة الخمر، وخلال الموسم السابق عثر على افروديت ووالدها زيوس.

صابرين الطعيمات/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة