أفغانستان قد تصبح ميدانا للصراع بين تركيا وباكستان وإيران

– من سيتولى السيطرة على أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي المقرر منها؟ هل تتحول الأراضي الأفغانية إلى ميدان وشيك لصراع على السيطرة والنفوذ بين جيرانها الإقليميين -تركيا وإيران وباكستان- الساعين إلى التوسع على حسابها؟ هل تقبل أنقرة بتفويض الولايات المتحدة و”الناتو” وتصبح حارسة المصالح الغربية في أفغانستان؟
عن هذا قال المحلل سيث ج. فرانتزمان في صحيفة “جيروزاليم بوست” يوم السبت إن تركيا وباكستان وإيران تستعد للتعامل مع انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في وقت لاحق من هذا العام، وسيتعين على هذه الدول الاستعداد لمجموعة من العوامل، من بينها حركة طالبان وعدم الاستقرار السياسي.
وذكرت وسائل الإعلام التركية أن أنقرة قد تسرع إلى استغلال الانسحاب الأميركي من خلال الاستيلاء على مطار كابول الدولي. وقال المحلل فرانتزمان إن طالبان “تتقدم على جبهات مختلفة”، ما أثار مخاوف من انتشار عدم الاستقرار والإرهاب في جميع أنحاء البلاد.
وناقش الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاستيلاء على مطار حامد كرزاي الدولي مع نظيره الأميركي جو بايدن على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل في وقت سابق من هذا الشهر، وبعد ذلك قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إنه تم التوصل إلى اتفاق من دون تقديم مزيد من التفاصيل.
لكن اقتراح تركيا بالإبقاء على القوات في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي بحلول أيلول (سبتمبر) قوبل بالرفض من طالبان، التي تسيطر الآن على مساحات شاسعة من الأراضي الأفغانية.
وكتب فرانتزمان أن “النموذج التركي للسيطرة على المطارات والنفوذ قد يكون من خلال مشاهدة كيفية استخدام إيران لدورها في مطارات بغداد ودمشق وبيروت لتعزيز السيطرة على تهريب الأسلحة والأنشطة الأخرى”، مشددًا على أن وكلاء إيران وشبكة الميليشيات التابعة لعبوا دورًا رئيسيًا في هذه المطارات في المنطقة.
وقد تكون لصعود رغبة تركيا في المساعدة في كابول علاقة أنقرة بباكستان، التي لطالما اتُهمت بدعم طالبان من خلال أجهزتها الاستخباراتية، وفقًا لفرانتزمان. وقال المحلل إن “العلاقة بين تركيا وباكستان يمكن أن تؤدي إلى تقسيم أفغانستان أو تسهيل سيطرة طالبان على جزء من البلاد”.
في غضون ذلك، قالت حركة طالبان إن لها “الحق” في الرد إذا بقيت القوات في البلاد، كما كتب فرانتزمان، مشددًا على أن هذه المجموعة “يبدو أنها تملي شروطًا على الولايات المتحدة الآن، وهو اختلاف كبير عن العام 2002 عندما ساعدت الولايات المتحدة في سحق الإسلاميين”.
وقال المحلل السياسي إنه يبقى أن نرى أين تضع تركيا وإيران وباكستان أنفسها، وما إذا كانت أفغانستان “ستقع في أيدي المتطرفين وتصبح قاعدة للإرهاب أو ما إذا كان يمكن الحفاظ على الاستقرار فيها، وكبح هجوم طالبان”.
ما يزال الكثير من أوجه الوضع في أفغانستان مغلفاً بالغموض وعدم الاستقرار. ومع ذلك تبقى الحقيقة هي أن الوقت قد حان لترك أفغانستان وشأنها. وليست هناك دلائل على أن هناك حكومة أفغانية قوية، موحدة وفعالة تلوح في الأفق، حسب ما يقول الخبير الاستراتيجي أنتوني كوردسمان، خاصة وأن حركة طالبان ترفض أي وجود عسكري أو أمني لتركيا في مطار كابول وأفغانستان عموماً، وتعد مثل هذا التواجد غير شرعي.
ويضيف كوردسمان أن معظم الانسحاب الأميركي من أفغانستان سوف يتم بحلول احتفال الولايات المتحدة بيوم الاستقلال في الرابع من تموز (يوليو)، ويشير إلى أنه لم يكن هناك أي اجتماع جوهري مع حركة طالبان لتحديد ملامح أي سلام مستقبلي، أو تصور هيكل الحكومة المستقبلية في أفغانستان، أو الأمن، أو التنمية فيها. ومن الواضح أن القوات الأفغانية تخسر الحرب، وأمامها سنوات طويلة حتى تستطيع الاعتماد على نفسها. وبالنسبة للاقتصاد، فإنه يعتمد فقط على المساعدات الخارجية وتصدير المخدرات.
ويشير كوردسمان إلى أنها ليست هناك أي خطط سلام ملموسة حتى الآن، وليس هناك حتى جدول زمني لعقد اجتماعات لوضع مثل هذه الخطط، ناهيك عن تنفيذها. ويذكر بأن إدارة بايدين لم تجد عدما جاءت إلى المنصب سوى القليل لتبني عليه، في حين لا تمتلك حكومة أفغانستان المركزية المقسمة بشكل عميق أي قائد يتمتع بالقوة الكافية بحيث يمكن للولايات المتحدة أن تعتمد عليه.
ويؤكد كوردسمان أن الولايات المتحدة يمكن أن تواجه أسوأ السيناريوهات الناجمة عن انسحابها وانسحاب الناتو من أفغانستان. فأي حكومة لطالبان تتولى الأمور-أو أي شيء وضع ينشأ بعد انسحاب الولايات المتحدة والناتو والذي يقسم البلاد ويؤدي إلى عنف عرقي وطائفي مستمر- سوف يكون له بكل تأكيد تأثير على الأفغان.
ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة تريد التعويل على تركيا التي تملك بالفعل 500 جندي في أفغانستان لإدارة أمن مطار كابول باعتبارها جزءاً من حلف الناتو، وهو ما دفع الأتراك إلى استغلال الضغوط التي تتعرض لها القوات الأميركية في أفغانستان مع تصاعد هجمات حركة طالبان لفرض الشروط واتباع سياسة المقايضة مع واشنطن.
وقال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، الأربعاء، إن تركيا لن ترسل قوات إضافية إلى أفغانستان في إطار خطة لإدارة وتأمين مطار كابول بعد انسحاب القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي من هناك.
وكانت تركيا قد عرضت حراسة مطار حامد كرزاي وتشغيله بعد انسحاب قوات حلف الأطلسي، وهي تجري محادثات مع الولايات المتحدة بشأن الدعم المالي واللوجستي للمهمة.
ويمكن أن تكون هذه المهمة مجال تعاون بين أنقرة وحلفائها في ظل علاقات متوترة؛ حيث يعد أمن المطار أمرا حيويا لعمل البعثات الدبلوماسية في أفغانستان بعد الانسحاب. وقالت أنقرة إنها لا تستطيع القيام بالمهمة من دون دعم.

وكالات

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة