إبداعات التشكيلية الروسان: من المخلفات إلى أعمال فنية متقنة

تميزت الفنانة التشكيلية الأردنية شذى زهدي الروسان بموهبتها في إعادة المخلفات وتحويلها بأناملها الذهبية إلى لوحات وتحف فنية تحمل في طياتها طابعا تراثيا وصديقا للبيئة، جامعة بين العمل الفني والحرفي، ليتيح لها هذا النوع من الفن إمكانيات واسعة من الإبداع والابتكار.
وتمكنت الروسان التي تخرجت في كلية الفنون الجميلة بجامعة اليرموك، وهي عضو في جاليري الدار آرت،   من تطوير مهاراتها من خلال اتخاذها خطا خاصا بها في عالم الفن التشكيلي، ويكمن في إتقانها الرسم بالألوان المائية في معظم أعمالها الفنية، مشيرة إلى أنها تجيد فن الرسم بأسلوب الواقعي التعبيري، باستخدامها الألوان المائية في إبراز مكنونها الإبداعي للمتذوقين ومحبي الفن التشكيلي.
وتميل الروسان في أعمالها الفنية إلى التعبيرية الواقعية الممزوجة بالفن التراثي الأصيل، لأنها ترى فيه الجمال والأصالة والثراء، الذي تستقي منه دون كلل أو ملل، وفق ما تؤكده أنها تستهوي الطابع التراثي الذي طغى على مجمل لوحاتها، وكذلك وحدات الفن التراثي المميزة، وألوانها المائية المبهجة.
وعملت الروسان لفترة ليست بالقصيرة في مرسم جامعة إربد الأهلية، قبل أن يتم تعيينها في إحدى مدارس سما الروسان في محافظة إربد، لتنطلق لفضاءات عالم الجمال وإيجاد فرصة حقيقية في تكريس وإبراز مواهب الطالبات في الأعمال الفنية، وفق ما ذكرت، إذ تكللت جهودها في إثراء طالبات المدرسة اللواتي لهن شغف في تعلم وإتقان الأعمال الفنية التشكيلية.
وعبرت الروسان، في سياق حديثها لـ”الغد”، عن سعادتها لإنجاز هذا المشروع الفني الاستثنائي الذي يلفت انتباه المتذوقين للفن التشكيلي لأهمية الحفاظ على البيئة عبر الاستفادة من المخلفات المنزلية، مشيرة إلى أن المواد التالفة والمخلفات أصبحت محل الاهتمام بالنسبة لها، لأنها تقوم على إعادة تدويرها وتصنيعها والاستفادة منها في لوحات فنية وتحف وأشكال فنية تصلح للزينة وبيعها بأسعار مناسبة.
وانبثق عن تجربة الروسان التي تكمل دراستها العليا (الماجستير) في الفنون الجميلة من جامعة اليرموك، وهي عضو النقابة الروسية للفنون التشكيلية، تدوير المواد التالفة والمخلفات البيئية الضارة التي لها أثرها السلبي على المجتمع، فكان لابد من وجود حل لهذه المشكلة، وإن كانت الحلول لهذه المشكلة البيئية جزئية ونسبية، لكنها تسهم في إنقاذ الأرض من التلوث البيئي.
وحول تفاصيل تجربتها الفنية الاستثنائية التي تستخلص منها توعية المجتمع بأضرار المخلفات على البيئة، فقد أكدت، في البداية، إجراء العديد من التجارب للوصول إلى أعمال فنية تكون صديقة للبيئة، وتحمل الطابع الرمزي التراثي للبيئة الأردنية، مضيفة أنها بدأت الانخراط بالفن البيئي من خلال إعادة تدوير المخلفات البلاستيكية والفلين المهمل والخيش والقماش والزجاج المكسر والكرتون إلى أعمال فنية أشبه بالريليف الخزفي والمنحوتات الجدارية ومعالجتها لتكون ذات ملمس موحد ومن ثم تلوينها بألوان أكريليك وأصباغ مختلفة، فكانت تحمل الرسومات والرموز الحضارية التي سكنت الأردن، إضافة إلى التراثيات الأردنية الأصيلة، فكان استخدام المواد المستهلكة رمزية ودعوة للحفاظ على إرثنا من التلوث والمحافظة عليه.
وأكدت أن هذه التجربة أكسبتها خبرة في استغلال المواد المستهلكة، وكان لها أثر مجتمعي في رفع الوعي   لاستخدام المستهلكات العديمة القيمة وتحويلها إلى قطع فنية ذات قيمة، واستغلالها في الجماليات ورفع الذائقة البصرية من ناحية، وتقليل التلوث من ناحية أخرى، والمساهمة في تقليص هذا التلوث، بحسبها “لنصنع فرقاً ونترك أثراً طيباً في المحافظة على البيئة”، مشيرة إلى أنها قدمت هذه التجربة إلى طالباتها لتكون لهن حرفة في المستقبل، وخاصة للطالبات الأقل حظا ويواجهن صعوبة في التعليم لتكون لهن سندا في المستقبل.
واعتبرت أن هذه الطريقة في إعادة التدوير يمكن استخدامها لابتكار لوحات لا تكلف الكثير من المال؛ حيث إن غلاء اللوحات يمنع كثيرا من الناس من شرائها، كما أن غلاء أسعار المواد الفنية يمنع كثيرا من الفنانين من ممارسة الفن، فطريقة اللوحات الصديقة للبيئة يمكن أن تسهم في حل مشاكل كثيرة؛ لكن يبقى التسويق مشكلة غالبية الفنانين، خاصة البعيدين عن العاصمة.
وفي ختام حديثها، لفتت الروسان إلى الدور الكبير للفن التشكيلي في النهوض بالحضارة، موجهة شكرها إلى وزارة الثقافة الداعمة الدائمة للفن والفنانين، وإلى كل من دعم موهبتها من أهل وأصدقاء وأساتذة، الذين كان لهم الفضل في توجيهها وإرشادها بعلمهم وخبراتهم.
يذكر أن الفنانة شذى الروسان شاركت في العديد من الجداريات الوطنية والورش الفنية مع وزارة التربية والتعليم، ولديها مشاركات في العديد من المعارض المحلية والدولية التي تقيمها الدار آرت، وآخرها كانت في تركيا، إلى جانب المشاركة في العديد من الورش الفنية المختصة بإعادة التدوير في دبي. كما شاركت لمدة سنتين في رسومات للأطفال بمجلة “وسام”، وأقامت العديد من المعارض الشخصية، منها في عمان بالمركز الثقافي الملكي، وفي إربد في الدار آرت.

أحمد الشوابكة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة