“إنزال غزة”.. إنجاز أردني حافل بالدلالات

في الوقت الذي أعلن فيه جلالة الملك عبدالله الثاني فجر أمس، إنزال مساعدات طبية ودوائية عاجلة جوا للمستشفى الميداني الأردني في قطاع غزة عبر سلاح الجو الملكي، كشف خبراء عسكريون وسياسيون عن دلالات الموقف الأردني، وأهميته لدعم صمود الفلسطينيين، وأداء الواجب الإنساني والأخلاقي للأردن.

يأتي هذا الموقف في الوقت الذي يشدد فيه الاحتلال الحصار على غزة عبر معبر رفح، ويمنع إدخال المساعدات والأدوية للمرضى والجرحى وأهالي القطاع.

ومن أبرز دلالات هذه الخطوة أيضا، قدرة الأردن على استثمار مكانته الدولية في الأزمات الحادة، وأداء دور مهم قد يعجز عنه الكثيرون في المنطقة، وإصراره على نصرة الاشقاء في غزة وتخفيف آلامهم ومواجهة الغطرسة الصهيونية التي فاقت كل المعايير في البطش والقتل الممنهج، والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
وكان جلالة الملك أعلن عن هذا الاختراق المهم في تغريدة له عبر منصة إكس بقوله: “بحمد الله تمكن نشامى سلاح الجو في قواتنا المسلحة في منتصف هذه الليلة من إنزال مساعدات طبية ودوائية عاجلة جوا للمستشفى الميداني الأردني في قطاع غزة”.
وأضاف جلالته: “هذا واجبنا لمساعدة الجرحى والمصابين الذين يعانون جراء الحرب على غزة. سيبقى الأردن السند والداعم والأقرب للأشقاء الفلسطينيين”.
وتأتي  الخطوة الأردنية استمرارا لجهود المملكة بالوقوف إلى جانب الأشقاء في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة، وسط تأكيدات القوات المسلحة الأردنية أن المستشفى الميداني الأردني مستمر في عمله، رغم ما يعانيه من نقص حاد في الإمدادات، ويقوم بدوره الإنساني للتخفيف من معاناة الأهل في القطاع.
‏وفي السياق، قال الخبير العسكري العميد المتقاعد محمد سليم السحيم إن توجيهات جلالة الملك بدعم الشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانبهم في هذه المحنة، مهما كلف الثمن، فرغم خطورة الوضع في غزة، جاء قرار جلالة الملك واضحا بإبقاء المستشفى الميداني في خدمة أبناء غزة، مهما تطور الموقف.
وأضاف السحيم: نظرا لشح المواد الطبية والضغط على المستشفى، أمر جلالة الملك بالقيام بعملية تزويد لوجستية نوعية من خلال القيام بعملية إنزال جوي لسائر احتياجات المستشفى، نظراً لإغلاق كافة المعابر باتجاه غزة، وهذا عمل بطولي محفوف بالمخاطر لكن إصرار الملك على الوقوف مع الأشقاء مهما كانت المخاطر، درس يسجل بأحرف من نور.
بدوره، قال العين السابق الدكتور طلال الشرفات إن عملية إنزال المساعدات الطبية على المستشفى العسكري الأردني في غزة من قبل نسور سلاح الجو الملكي الأردني، وبتوجيه مباشر من جلالة الملك حفظه الله، هو سلوك نوعي يعبر عن إصرار الأردن على أداء دوره الإنساني في أصعب الظروف، وهو جهد يوازي الجهد الإغاثي والسياسي المميز الذي تقوم به الدولة الأردنية بقيادة جلالة الملك.
وقال الشرفات إن ثمة دلالات سياسية كبيرة للدور الأردني المحوري في أزمات المنطقة، وإن شبكة الأدوار الإقليمية والدولية المعقدة التي ترافق المحنة التي يواجهها الأشقاء في القطاع تؤكد إصرار الأردن على نصرة الأشقاء في غزة، وتخفيف آلامهم، ومواجهة الغطرسة الصهيونية التي فاقت كل المعايير في البطش والقتل الممنهج والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
وتابع: أما الدلالة الثانية فتمثل قدرة الأردن على استثمار مكانته الدولية في الأزمات الحادة، وأداء دور مهم قد يعجز عنه الكثيرون في المنطقة، في جهود مشابهة، وكل ذلك ينبع من دور القيادة السياسية ونبل الدور الأردني الكبير للشعب والجيش العربي على حد سواء.
من جانبه، قال العميد المتقاعد حسن فهد أبو زيد، إن هذا الاختراق يمثل موقفا أردنيا يشار له بالبنان، ولجلالة الملك تجاه الأهل في قطاع غزة، وهو ليس الموقف الوحيد أو الأخير النابع من المواقف الجريئة للأردن بقيادة الملك منذ أن بدأ العدوان على غزة، ومنها الإصرار على إبقاء المستشفى يعمل بكل إمكاناته، بالرغم من الظروف الصعبة حيث طاول العدوان عددا من المستشفيات.
وقال أبو زيد إن هذا الموقف يمثل دليلا آخر على دور الأردن الدبلوماسي والسياسي بقيادة جلالة الملك، وحرصه الشديد على الوقوف مع أهلنا وإخواننا في قطاع غزة، في أتون الاعتداءات الصهيونية اللاإنسانية، كما يمثل تصميما ملكيا على إبقاء عمل المستشفى، ودعمه بالمستلزمات الطبية، وكل ذلك نابع من الموقف الأردني الثابت تجاه القضية الفلسطينية.
وأضاف أن هذا المستشفى يعمل منذ عشرات السنين، في غزة، ويقدم خدمات نموذجية للأهل هناك، وعملية إنزال المواد الطبية وكافة ما يحتاجه المستشفى في هذه الظروف الصعبة للغاية، تعد سابقة لكل دول المنطقة، والتي تدل على مكانة الأردن ودوره الدبلوماسي لإنهاء هذا الاعتداء الغاشم، وتصميمه على تقديم كل الدعم لإخواننا الفلسطينيين في القطاع.
وكان مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، صرح أنه وبتوجيهات ملكية سامية، قامت طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي بإنزال مساعدات طبية عاجلة في ساعات الليل بواسطة مظلات للمستشفى الميداني الأردني غزة /76، والذي أوشكت إمداداته على النفاد، نظراً لتأخر إيصال المساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر رفح.

الغد/  عبدالله الربيحات

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة