الاحتلال يوغل بعدوانه بـ14 مجزرة وحشية جديدة في القطاع

بينما يُحاكم الكيان المُحتل لأول مرة أمام أعلى هيئة قانونية أممية بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة؛ فإنه واصل جرائمه بـ 14 مجزرة وحشية جديدة أمس أدت لارتقاء 147 شهيداً، بالتزامن مع رسم خريطة لحدوده الممتدة إقليمياً، “كحلم” قديم لا يزال يُراود قادته الصهاينة بقوة الدم والسلاح المزعومة.

ولم يكن صوت جنوب أفريقيا منفرداً في الدعوى التي قدمتها لمحكمة العدل الدولية، وبدأت أمس مداولاتها المستمرة ليومين، بل انضمت إليها دول عربية ودولية عديدة كان الأردن في مقدمتها، للمطالبة، أيضاً، بإصدار قرار يجبر الاحتلال بوقف الحرب، إلا أن الكيان الصهيوني عكس قلقه من نتيجتها بهجوم وحشي طال مختلف أنحاء قطاع غزة، مخلفاً المزيد من الشهداء والجرحى.

وفي محاولة منه لتهدئة الضجة الأممية المضادة لسلوكه الإجرامي؛ عمد رئيس حكومة الحرب، “بنيامين نتنياهو”، إلى سَوق مزاعم نفي نيته لاحتلال غزة أو تهجير سكانها أو استهدافه للمدنيين خلا حركة “حماس” فقط، ولكنها ادعاءات لا تنطلي على أحد وتعاكس الواقع، إذ ارتكب جيشه مجزرة مروّعة بحق مئات الفلسطينيين الذين تجمعوا عند “شارع الرشيد” غربي مدينة غزة.
وقد تزامن ذلك مع تصريح المتحدث الأسبق باسم جيش الاحتلال، الصهيوني “آفي ليبكين”، بخريطة حدود كيانه المحُتل، أمس، الممتدة من “لبنان للصحراء الكبرى، أي المملكة العربية السعودية، ومن البحر الأبيض المتوسط إلى الفرات” بما تضم معها “مكة والمدينة وجبل سيناء”، على حد زعمه، مما أثار جدلاً وغضباً عارماً.
تصريحات “ليبكين”، التي تُعبر عن حلم صهيوني قديم، تتطابق مع وثيقة تدعى “وثيقة ينون”، للصحفي الإسرائيلي “أوديد ينون”، المستشار السابق لرئيس الوزراء الصهيوني الأسبق “أرييل شارون”، ونشرت لأول مرة عام 1982، وتحمل عنوان “الخطة الصهيونية للشرق الأوسط في الثمانينيات”، استناداً إلى رؤية مؤسس الحركة الصهيونية “ثيودور هرتزل”.
وترتكز “وثيقة ينون” على إقامة “إسرائيل الكبرى”، وتشكل حجر الزاوية في سياسات القوى السياسية الصهيونية المتمثلة في حكومة “نتنياهو”، وسياسات مؤسستي الجيش والاستخبارات الصهيونية، وتفترض زعماً بتقسيم الدول العربية كجزء من المشروع التوسعي الصهيوني، وتوسيع الاستيطان بالضفة الغربية وطرد الفلسطينيين منها وضمها مع قطاع غزة للكيان الصهيوني.
وعلى إثر تلك المزاعم الصهيونية؛ واصل الاحتلال جرائمه بارتكاب مجزرة مروعة حينما فتحت دبابة الاحتلال نيران رشاشاتها الكثيفة تجاه مئات الفلسطينيين الذين كانوا متجمعين عند “شارع الرشيد”، غربي مدينة غزة، وايقاع معظمهم بين شهيد وجريح.
في حين استهدف القصف الجوي الاحتلالي الكثيف منزلاً يضم نازحين مدنيين عند مدخل مشفى “شهداء الأقصى” بدير البلح، مما أدى لاستشهاد 12 فلسطينياً، لترتفع حصيلة عدوانه إلى 23.357 شهيدا و59.410 إصابة.
ونتيجة غارات الاحتلال الهمجية، فقد ارتقى 19 شهيداً خلال الـ24 ساعة الأخيرة في خان يونس، جنوباً، بتدمير الأبنية السكنية فوق رؤوس ساكنيها، أسوة باستهداف منزل عائلة فلسطينية كاملة في شمال رفح، جنوب القطاع، مما أدى لارتقاء المزيد من الشهداء والجرحى.
ولم يسلم وسط القطاع أسوة بشماله من جرائم الاحتلال، فارتقى 17 شهيداً فلسطينياً من سكان مخيم المغازي في هجمات متفرقة لجيش الاحتلال، إضافة إلى ستة شهداء آخرين عند قصف سيارة إسعاف في “شارع صلاح الدين” المحاذي للمخيم، بالتزامن مع قصف أنحاء متفرقة من مخيمي “البريج” و”النصيرات”، وصولاً لشمال القطاع.
من جانبها، أعلنت حركة “حماس”، ترحيبها بانعقاد الجلسة الأولى لمحكمة العدل الدولية، في لاهاي، للنظر في جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها سلطات الاحتلال في غزة.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة “حماس”، الدكتور باسم نعيم، في تصريح له أمس، “نتطلع لأن تصدر المحكمة قراراً ينصف الضحايا، بوقف العدوان فوراً على غزة ومحاسبة مجرمي الحرب”.
وبالمثل؛ قالت وزارة الخارجية في السلطة الفلسطينية، إن الشعب الفلسطيني وقيادته يتطلعون إلى مرافعة جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، باعتبارها حدثاً تاريخياً لسيرورة النضال الفلسطيني والجنوب أفريقي المشترك في وجه الظلم، والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني”.
وأضافت إن “المساءلة والمحاسبة للكيان المُحتل، باستخدام كافة الأدوات القانونية، ومن خلال مؤسسات العدالة الدولية، وإنفاذ القانون الدولي، هي المحور الرئيس للإستراتيجية القانونية لدولة فلسطين، وصلب الحراك الدبلوماسي والدولي”.
ورأت بأن “ما يشجع سلطات الاحتلال وأدواتها المختلفة على ارتكاب الجرائم وصولا إلى ارتكاب والتحريض على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، سببه التخاذل الدولي وعدم اتخاذ خطوات عملية لمحاسبتها، وتماهي بعض الدول في التواطؤ في ارتكاب الجرائم من خلال الفيتو والدعم السياسي والعسكري”.
وطالبت “الخارجية الفلسطينية”، الدول الشقيقة والصديقة، المتسقة مع مبادئها ومبادئ القانون الدولي، لدعم جنوب أفريقيا وخطوتها أمام محكمة العدل الدولية، وأن تقدم مرافعتها للمحكمة بعد الانتهاء من التدابير الاحترازية، والمؤقتة، انتصاراً للعدالة ومنعاً للإبادة.

 نادية سعد الدين/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة