السودان: مقتل 56 على الأقل في اشتباكات وسط صراع على السلطة
شن الجيش السوداني ضربات جوية على معسكر لقوات الدعم السريع شبه العسكرية بالقرب من العاصمة في محاولة لإعادة تأكيد السيطرة على البلاد يوم الأحد، إذ أسفرت اشتباكات عن مقتل 56 شخصا على الأقل وهددت مساعي الانتقال إلى الحكم المدني.
وقال شهود في ساعة متأخرة من مساء السبت إن الجيش قصف في نهاية يوم من القتال العنيف معسكرا تابعا لقوات الدعم السريع شبه العسكرية التابعة للحكومة في مدينة أم درمان القريبة من العاصمة الخرطوم.
ولا يزال بإمكانهم سماع أصوات مدفعية ثقيلة في الخرطوم وأم درمان وبحري القريبة في الساعات الأولى من صباح الأحد. وسمع شهود أصوات إطلاق نار في مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر، والتي لم ترد تقارير سابقة عن اندلاع قتال فيها.
وقالت نقابة أطباء السودان في وقت سابق إن 56 قتلوا وأصيب 595 في المواجهات التي اندلعت يوم السبت بين الجانبين.
وقالت إنها سجلت وفيات في مطار الخرطوم وفي مدينة أم درمان القريبة وأيضا في مدن نيالا والأبيض والفاشر غربي الخرطوم.
وزعمت قوات الدعم السريع أنها سيطرت على القصر الرئاسي ومقر إقامة قائد الجيش ومطارات في الخرطوم ومدينة مروي في الشمال وفي الفاشر وولاية غرب دارفور. ونفى الجيش هذه التأكيدات.
ودعت القوات الجوية السودانية في وقت متأخر من يوم السبت المواطنين إلى البقاء في منازلهم لأنها ستقوم بعملية مسح كامل لأماكن وجود قوات الدعم السريع، وأعلنت ولاية الخرطوم يوم الأحد عطلة تغلق فيها المدارس والبنوك والمكاتب الحكومية.
وأمكن سماع دوي إطلاق نار وانفجارات في عدة مناطق بالخرطوم، حيث أظهرت لقطات تلفزيونية تصاعد الدخان من عدة مناطق وأظهرت مقاطع مصورة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي طائرات عسكرية تحلق على ارتفاع قليل فوق المدينة، وبدا أن واحدة منها على الأقل تطلق قذيفة.
ورأى صحافي من رويترز مدافع وعربات مدرعة منتشرة في الشوارع وسمع دوي أسلحة ثقيلة قرب مقرات الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لقناة الجزيرة إنهم إذا استمعوا لصوت العقل فسوف يعيدون قواتهم التي جاءت إلى الخرطوم ولكن إذا استمر الأمر “سنضطر” إلى نشر قوات داخل الخرطوم “من مناطق مختلفة”.
وقالت القوات المسلحة على صفحتها على فيسبوك “لا تفاوض ولا حوار قبل حل وتفتيت ميليشيا حميدتي المتمردة”، في إشارة إلى قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي. وطلب الجيش من الجنود المنتدبين لدى قوات الدعم السريع أن يحضروا لوحدات الجيش القريبة، مما قد يؤدي إلى استنزاف صفوف قوات الدعم السريع إذا امتثلوا للأمر.
ووصف حميدتي البرهان بأنه “مجرم وكاذب”. ويتنافس الجيش مع قوات الدعم السريع، التي يقدر محللون قوامها بنحو 100 ألف جندي، على السلطة بينما تتفاوض الفصائل السياسية على تشكيل حكومة انتقالية منذ انقلاب عسكري في 2021.
وقال حميدتي في مقابلة أجرتها معه الجزيرة إنهم يعرفون المكان الذي يختبئ فيه البرهان وسيصلون إليه ويسلمونه إلى العدالة أو سيموت “زي أي كلب”.
ومن شأن حدوث مواجهة طويلة الأمد بين الجانبين أن تؤدي إلى انزلاق السودان إلى صراع واسع النطاق في وقت يعاني فيه بالفعل من انهيار الاقتصاد واشتعال العنف القبلي ويمكن أيضا أن تعرقل الجهود المبذولة للمضي نحو إجراء انتخابات.
الاتفاق السياسي في خطر
وتأتي الاشتباكات في أعقاب تصاعد التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع بشأن دمج تلك القوات شبه العسكرية في الجيش. وأدى الخلاف إلى تأجيل توقيع اتفاق تدعمه أطراف دولية مع القوى السياسية بشأن الانتقال إلى الديمقراطية.
ودعت القوى المدنية، التي وقعت على مسودة لذلك الاتفاق في ديسمبر كانون الأول، الطرفين يوم السبت إلى “وقف العدائيات فورا وتجنيب البلاد شر الانزلاق لهاوية الانهيار الشامل”.
وقالت في بيان “هذه اللحظة مفصلية في تاريخ بلادنا… فهذه حرب لن ينتصر فيها أحد، وسنخسر فيها بلادنا إلى الأبد”.
واتهمت قوات الدعم السريع الجيش بمحاولة الانقلاب وتنفيذ مؤامرة بتخطيط من أنصار الرئيس السابق عمر البشير، الذي أطيح به من السلطة عام 2019. وأطاح انقلاب 2021 برئيس الوزراء المدني.
وأفاد شهود بوقوع إطلاق نار في أجزاء أخرى كثيرة من البلاد خارج العاصمة. وأبلغ شهود بوقوع تبادل كثيف لإطلاق النار في مروي.
ونشرت قوات الدعم السريع السودانية مقطعا مصورا يوم السبت قالت إنه لقوات مصرية “تسلم نفسها” لها في مدينة مروي بشمال البلاد. وقال الجيش المصري إن قواته موجودة في السودان لإجراء تدريبات مع جنود سودانيين.
وقال حميدتي إن الجنود المصريين في أمان وإن قوات الدعم السريع ستتعاون مع القاهرة بشأن عودتهم.
وظهر في المقطع المصور عدد من الرجال يرتدون ملابس عسكرية ويجلسون على الأرض ويتحدثون مع أفراد من قوات الدعم السريع باللهجة المصرية. وأفادت تقارير من مصادر مخابراتية، لم يتسن التأكد من صحتها، بأن قوات الدعم السريع استولت على عدة طائرات مقاتلة تابعة للقوات الجوية المصرية واحتجزت طياريها إلى جانب أسلحة ومركبات عسكرية سودانية.
وقال الشهود إن اشتباكات اندلعت أيضا بين قوات الدعم السريع والجيش في مدينتي الفاشر ونيالا بدارفور.
ودعت الولايات المتحدة وروسيا ومصر والسعودية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي إلى إنهاء الأعمال القتالية.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أنه بعد مكالمة هاتفية، دعا وزراء خارجية السعودية والولايات المتحدة والإمارات إلى العودة لاتفاق سياسي إطاري بين القوى السياسية المدنية والجيش في السودان.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم السبت إنه تشاور مع وزيري خارجية السعودية والإمارات بشأن الاشتباكات في السودان.
وقال بلينكن في بيان إنهم اتفقوا على ضرورة إنهاء أطراف الاشتباكات الأعمال القتالية على الفور دون أي شروط مسبقة.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش تحدث مع البرهان وحميدتي ومع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية
يعقد في وقت لاحق الأحد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة مصر لبحث التطورات المتلاحقة والخطيرة في السودان.
وكانت مصر والسعودية دعتا يوم السبت إلى الاجتماع الطارئ لمناقشة الوضع فى السودان.
وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية قال في تصريحات نشرت على الموقع الرسمي للوزارة بأن التطورات المتلاحقة والخطيرة فى السودان تقتضي عقد هذا الاجتماع للتشاور والتنسيق بين الدول العربية لبحث سبل نزع فتيل الأزمة الراهنة، والعمل على استعادة الاستقرار إلى دولة السودان الشقيقة فى أسرع وقت.
(وكالات)
التعليقات مغلقة.