السودان: 3 قتلى ومئات الجرحى في تظاهرات مليونية ضد العسكر

احتشد نحو 4 ملايين سوداني في شوارع مدن العاصمة الثلاث، الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، وأكثر من 25 مدينة سودانية و50 مدينة حول العالم، في مظاهرات رافضة للحكم العسكري.
فيما، قالت لجنة الأطباء المركزية في السودان، امس، إن 3 متظاهرين لقوا مصرعهم، برصاص قوات الأمن، خلال احتجاجات تطالب بإعادة السلطة للمدنيين في البلاد.
وبحسب ما نقلت “فرانس برس” عن اللجنة، فإن المتظاهرين جرى قتلهم في منطقة أم درمان، شمال غربي العاصمة الخرطوم.
وأضافت اللجنة أن المتظاهرين كانوا يشاركون مع عشرات آلالاف السودانيين في تظاهرات مناهضة لعزل المدنيين، في خطوة قوبلت برفض دولي.
وأوضح المصدر أن أحد المتظاهرين أصيب “بطلق ناري في الرأس بينما أصيب الآخر في البطن”.
وأفادت اللجنة الطبية بإصابة المئات، خلال التظاهرات التي عمت أرجاء السودان للمطالبة بمدنية الدولة.
وطالب المتظاهرون برحيل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، واستعادة الحكم المدني، وإطلاق سراح رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، والوزراء والسياسيين المعتقلين، واستعادة الوثيقة الدستورية بكافة بنودها.
وتأتي هذه التحركات بعد 4 أيام من إعلان البرهان حالة الطوارئ وحلّ مجلسي السيادة والوزراء، وإعفاء عدد من الدبلوماسيين والمسؤولين.
ومنذ صباح الاثنين تعيش العديد من المدن السودانية حالة من الشلل التام، في ظل إغلاق كامل للمدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية والشركات والأسواق والمحال التجارية.
وقامت مجموعات شبابية خلال الأيام الثلاثة الماضية بوضع متاريس في الطرق الرئيسة والفرعية، وحرقوا الإطارات في ظل محاولات عديدة للقوات الامنية لاقتحام الأحياء السكنية في أم درمان والخرطوم والخرطوم بحري، واعتقال عدد من الناشطين الشباب، وسط تقارير عن انتهاكات عديدة.
وتطالب كيانات قانونية ومهنية وحزبية بالالتزام الكامل بالوثيقة الدستورية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، ورفع حالة الطوارئ فورا.
ويراقب العالم رد فعل العسكريّين على هذه التظاهرات التي وعد منظّموها بأن تكون “مليونيّة”. وتعالت الأصوات، محذّرة السلطات العسكريّة من استخدام العنف ضدّ المتظاهرين.
وذكر شهود ومراسلو وكالة فرانس برس أن التظاهرات بدأت بعيد الظهر في ضاحية أم درمان بشمال غرب الخرطوم وامتدت سريعا الى جميع أحياء الخرطوم، كما انطلقت تظاهرات في مدينتي بورتسودان وكسلا يشرق السودان.
وقال هيثم الطيب أحد المتظاهرين في جنوب الخرطوم “نريد حكما مدنيا وهذه المرة لن نقبل تقاسم السلطة مع العسكريين . ينبغي أن تكون مدنية مائة بالمائة”.
وأكدت الناشطة من أجل الديمقراطيّة تهاني عباس لفرانس برس إن “العسكريّين لن يحكموننا، هذه هي رسالتنا”، مشددة على أن هذه التظاهرة “المليونيّة” ليست “إلا خطوة أولى”.
وفي شرق الخرطوم، أشعل المتظاهرون إطارات سيارات ورفعوا لافتات كتب عليها “الردة مستحيلة” وهو الشعار الأساسي لهذه التعبئة التي يريد أنصار الحكم المدني التأكيد من خلالها أنهم لن يقبلوا بعودة حكم عسكري مماثل لنظام البشير.
ففي بلد يحكمه عسكريّون بشكل شبه مستمرّ منذ استقلاله قبل 65 عاما، قرّر الشارع أن يقول “لا” للبرهان الذي حلّ الاثنين كلّ مؤسّسات الحكم في البلاد واعتقل غالبيّة المسؤولين المدنيّين، ليستأثر العسكريّون بالسلطة.
صباح امس كانت خطوط الهواتف مقطوعة في الخرطوم مع إمكان الاتصال من الخارج فقط بالهواتف السودانية. كذلك، كانت شبكة الانترنت مقطوعة.
وانتشرت قوات الأمن بكثافة في شوارع الخرطوم وأغلقت الجسور المقامة على النيل التي تربط مناطق الخرطوم ببعضها. وأقامت هذه القوات أيضا نقاط مراقبة في الشوارع الرئيسة حيث تقوم بتفتيش عشوائي للمارة والسيارات.
وناشد الموفد البريطاني للسودان وجنوب السودان روبرت فيرواذر قوات الأمن السودانية “احترام حق وحرية” المتظاهرين في التعبير عن أنفسهم. وكتب في تغريدة أن “التظاهر السلمي حق ديمقراطي أساسي وستتحمل أجهزة الأمن وقادتها المسؤولية عن أي عنف تجاه المتظاهرين”.
وفور إطاحة البرهان المدنيّين الاثنين، دخل السودانيّون في “عصيان مدني” وأقاموا متاريس في الشوارع لشلّ الحركة في البلاد.
وفي مواجهتهم، انهمر الرصاص الحّي والمطاط والقنابل المسيلة للدموع، ما أسفر عن سقوط تسعة قتلى بين المتظاهرين، حسب لجنة الأطباء المركزية السودانية.
لكنّ الناشطين مصرّون رغم كل شيء على أن تكون “المواكب” سلميّة، لأنّ “سلميّتنا هي سلاحنا الوحيد وقد نجح من قبل”، بحسب تهاني عباس.
والمتظاهرون الذين يعِدون أيضًا بمسيرات في الشتات، يرون في ما يحدث تكرارا لـ “ثورة” 2019 التي استمرّت خمسة أشهر وسقط خلالها 250 قتيلاً.
كما، حذرت منظمة العفو الدولية “القادة العسكريين من الحسابات الخاطئة”، مؤكّدةً أنّ “العالم يتابعهم ولن يسمح بمزيد من الدماء”.
وحضّت الولايات المتحدة الجمعة الجيش السوداني على عدم قمع التظاهرات.
وقال مسؤول أميركي كبير لصحافيّين “نحن قلقون فعلاً حيال ما سيحصل (السبت)”، مضيفا “سيكون الأمر اختبارا فعليا لنوايا العسكريين”.
كذلك، حضّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجيش السوداني على “ضبط النفس” خلال التظاهرات.
وقال “أدعو العسكريين الى إظهار ضبط النفس وعدم التسبب بسقوط مزيد من الضحايا. يجب أن يُسمح للناس بالتظاهر سلميا”.
والخميس طالب مجلس الأمن الدولي في بيان صدر بإجماع أعضائه، العسكريين في السودان بـ”عودة حكومة انتقاليّة يديرها مدنيّون”، مبديا “قلقه البالغ حيال الاستيلاء العسكري على السلطة”.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس الماضي “رسالتنا معا إلى السلطات العسكرية في السودان واضحة، ينبغي السماح للشعب السوداني بالتظاهر سلميا، وإعادة السلطة إلى الحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون”.
وأكّد أن “الولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوداني ونضاله اللاعنفي للمضيّ قدما نحو أهداف الثورة السودانية”. وما يزال العدد الأكبر من القادة المدنيّين معتقلين منذ خمسة أيّام أو قيد الإقامة الجبريّة.-(وكالات)

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة