“السيجة” لعبة تراثية يسعى آباء وأجداد لحفظها من الاندثار

مادبا- في جو تسوده الألفة والمرح، يجتمع مجموعة من كبار السن والشباب في الساحات الخالية، لتشكيل حلقات ثنائية لممارسة اللعبة الشعبية “السيجة”، التي ما تزال تصارع من أجل البقاء.

“السيجة” لعبة تصنع الحماس بين لاعبيها، ويفوز اللاعب عند إدخال جميع أحجاره بداخل السياج، تمارس من قبل كبار السن والشباب، وهي لعبة تراثية في الأردن، حيث تجمع لاعبيها ليستمتعوا بالأجواء كون الهدف من لعبها ساميا، وهو تنمية التفكير والصبر، إذ يعتقد بأن هذه اللعبة تساق في إطار فلسفة الشطرنج.

وللحفاظ على هذه اللعبة من الاندثار، تبذل إدارة “بيت البيروتي التراثي” في وسط مدينة مادبا، جهوداً حثيثة ورامية لتطبيق اللعبة على الواقع من خلال إقامة فعاليات في لعبة السيجة، وذلك لمنع هذه اللعبة من الاندثار أو النسيان من قبل الأجيال الحديثة، فهي لعبة قديمة اشتهرت في العالم العربي كمصدر للتسلية والترويح عن النفس بعد ضغوطات الحياة، نظراً لإيمانهم بأخذ قسط من الراحة من خلال هذه الألعاب الترفيهية.
يمتلك لاعبو “السيجة” مهارة التفكير والتخطيط والذكاء، وتعد من التراث الأردني، وفق مدير سياحة مادبا وائل الجعنيني، الذي أكد أن “المستثمرة” لبيت البيروتي التراثي الذي تعود ملكيته لوزارة السياحة، عملت على المحافظة على كل ما يتعلق بالتراث الأردني في هذا البيت، ويعد من بيوت مادبا التراثية القديمة التي تسعى وزارة السياحة والآثار لجعلها نوافذ استثمار، لإقامة المتاحف المعنية بالتراث الأردني والمحافظة عليه، وما تقوم به المستثمرة بالحفاظ على “السيجة” وتعليمها، ما هو إلا جزء من طموح الوزارة بالحفاظ على المكنوز التراثي من الانقراض.
ويسرد الخمسيني سامي طفيحات الذي يتقن لعبة “السيجة” منذ وقت طويل، ويخشى من انقراضها، الطرق المتبعة للعبة التي تبدأ، بحسبه، من خلال تشكيل مجموعات على شكل حلقات مكونة من لاعبين، وجمهور من خمسة إلى ستة أشخاص للحلقة الواحدة، يتابعون مجريات اللعبة، ويتبادلون الخطط والآراء، ويتنقلون من حلقة إلى أخرى لمتابعة مجريات لعبة “السيجة” مع احتفاظ الجميع بالهدوء الذي يميز هذه اللعبة، حيث يعم السكون والتفكير المطول من قبل الجمهور واللاعبين، ولا تسمع إلا كلمات خاصة باللعبة مثل: “حط السيجة” و”شرق للسيجة” و”كل السيجة”.
ويؤكد أبو يزيد، أن هذه اللعبة يمارسها في العادة شخصان، وتتكون من 24 حجرا لكل لاعب، مقسمة إلى اللونين الأبيض والأسود، ويبدأ اللاعبان بخوض المنافسة على الرمل من خلال 48 حفرة صغيرة مقسمة كالمربعات المستخدمة في لعبة الشطرنج، وتسمح قوانين اللعبة بتدخل الحضور ومساعدة اللاعبين في اتجاه حركة “السيجة”، مؤكداً أن اللعبة مشابهة للعبة الشطرنج من حيث المقابلة وجها لوجه، لكنها تختلف في القوانين والصعوبة في المراوغة والخطط، وتنتهي بـ”أكل” السيجة الأكثر، مشيرا إلى أن اللعبة تعتمد على الذكاء في نزول الحجر في المكان المناسب ومحاصرة الخصم.
ويؤكد الستيني علي الشوابكة، أن هذه اللعبة عمرها يعود لمئات السنين، وكانت اللعبة المميزة للآباء والأجداد، وهي لعبة شعبية عريقة تعكس في مجرياتها ما يتمتع به لاعبوها من صبر وهدوء وتخطيط وحنكة، مضيفاً أن هذه اللعبة تمارس في الهواء الطلق، حيث يتواعد أهالي المنطقة للعبها في المكان نفسه، متمنياً ممارسة مختلف الفئات العمرية لهذه اللعبة، وذلك من أجل المساهمة في استمرارها وتوارثها، كما كانوا يحضرون ويشجعون بجولات “السيجة” في عهد آبائهم وأجدادهم.

أحمد الشوابكة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة