“اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية”.. حسم ملكي لإصلاح حقيقي.

 

حدد جلالة الملك عبد الله الثاني قاعدة ذهبية لتحقيق منظومة اصلاحية متكاملة، تجعل هذه العملية التي وجّه بها جلالة الملك منذ سنين، ميسّرة وقابلة للحياة والتنفيذ، بنيت على اللقاءات والحوارات التي تأسست على مبدأ الحوار الديمقراطي الشفاف بين جلالة الملك وفئات المجتمع كافة، حوار مبني على تنوّع الفكرة وتعدد وجهات النظر وصولا لنهج اصلاحي وفقا لما أراده الملك وما أشّر له دوما بأن “التحديث والتطوير من سمات الدول والشعوب الحية”.

اليوم، والأردن يبدأ مرحلة جديدة من عمره وهو يلج مئويته الثانية من عمر الدولة، تكتمل الصورة النهائية لما من شأنه أن يجعل من الإصلاح عملا وليس فقط أفكارا، عملا يصاغ ببرامج وأدوات تنفّذ مفاتيح الاصلاح التي أشّر أيضا لها جلالة الملك، في القاعدة الذهبية للإصلاح متجسدة بتعديل قانوني الانتخاب والأحزاب والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، ليوجّه بذلك بوصلة الاصلاح لوجهتها الصحيحة مؤكدة النتائج.

وفي مزيد من عبقرية المضي في درب الاصلاح، شكّل جلالة الملك “اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية”، لتأخذ بداية في تشكيلتها تنوّعا ثريا يضم سياسيين وبرلمانيين سابقين، وحزبيين يمثلون غالبية الأحزاب ونوابا، وأعضاء من مجلس الأعيان، وشباب وكذلك حضر التمثيل النسائي بقوة وبتنوّع شكل سابقة في تنوّعه، وشخصيات اعلامية وصحفية، ودبلوماسيين سابقين، وشخصيات نقابية تمثل غالبية النقابات، وكذلك شخصيات تعليمية وعلمية، إلى جانب الشخصيات الاقتصادية، وشخصيات عامة، بصورة عامة فإن اللجنة التي عهد جلالة الملك لرئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي كشخصية شبابية سياسية اقتصادية مميزة برئاستها تعدّ لجنة تحمل في تشكيلتها الثريّة المتنوّعة بداية رسالة غاية في الأهمية بأنها حتما ستقوم بدور هام ومميز وستجعل من الإصلاح حالة وليس فقط خططا تدور في فلك اتسم حتى الآن ببطء الخطوة.

اللجنة التي ضمت في عضويتها وزيرا واحدا في الحكومة، وهو وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، لجعل الحكومة عضوا في اللجنة للجهة النقاشية والتنفيذية، بطبيعة الحال ليس من العدالة مطلقا أن يتم الحُكم على عملها الآن، لكن في تشكيلتها حتما تأكيد بأنها ستكون قادرة على أداء مهمتها بنجاح، فضلا على أن مبدأ انشائها يعدّ قفزة في الاتجاه الصحيح لجهة اصلاح حقيقي وجاد وعملي سيلمس الجميع نتائجه خلال الأيام القادمة في بداية لمئوية تنبض بتطوير وحداثة.

جلالة الملك في رسالته التي وجهها لرئيس اللجنة وضع قراءة نموذجية لإعادة بناء الاصلاح بشكل مدروس وعملي، وترتيب تفاصيل هذه المنظومة بوضع صيغ توافقية لشكل الإصلاح الذي يحتاجه الوطن والمواطن، ويجعل منه واقعا ملموسا، فمهمة الإصلاح لا تعني فقط اسما إنما هي حالة ستدخل الأردن لمئوية جديدة اكثر قوة وحداثة، تعدّ عدّته شخصيات ونخب من جميع أطياف المجتمع بما فيها المعارضة.

جلالة الملك في الرسالة التي تعدّ خارطة طريق لعمل اللجنة، أكد جلالته خلالها على مهمة اللجنة وقال “تكون مهمتها وضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، وتقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة”، محددا بذلك عمل اللجنة بتعديل قانوني الانتخاب والأحزاب، ودون أدنى شك أن في القانونين مفتاح حقيقي للإصلاح والدخول لعملية اصلاح شاملة وحيّة، بمعنى أنها تتسم بالإستمرارية للأفضل.

ووضع جلالته اللجنة أمام مسؤولية تقديم توصيات بشأن القانونين، وصولا لشكل متطور لهما، وجعلهما بوابة لإصلاح بات حاجة ملحة، اصلاح بنسخة أردنية يعدّها ويصيغها أبناؤها من سياسيين وحزبيين ونقابيين وصحفيين وشباب ونساء، يمثلون أطياف المجتمع وكذلك فئاته العمرية التي لن تغفل أحدا، مقدما جلالته تأكيدات بتنفيذ ما ستخرج به اللجنة بقوله “وإنني أضمن أمام الأردنيين والأردنيات كافة، أن نتائج عملكم ستتبناها حكومتي، وتقدمها إلى مجلس الأمة فورا ودون أي تدخلات أو محاولات للتغيير أو التأثير”، فهو الحسم الملكي بأهمية الاصلاح وتطبيقه.

وأعاد جلالة الملك التأكيد على أهمية الأرواق النقاشية وضرورة ادخالها حيّز التنفيذ والاستعانة بها في نهج الاصلاح بقوله “وهنا أجد لزاما عليّ التأكيد أن الأوراق النقاشية السبعة التي طرحتها للنقاش العام قبل سنوات، وما قوبلت فيه من اهتمام، هي وثيقة استرشادية لعملكم، من شأنها الإسهام في رسم خارطة لمستقبل بلدنا وشعبنا”، نعم هي وثيقة استرشادية على اللجنة التقاط هذه الاشارة الملكية الهامة بدقة والالتزام بها بشكل تؤسس عليه وبه لإصلاح جاد وعملي وقابل للتنفيذ.

 

المرحلة تحتاج عملا بعيدا عن اللف في دوائر الحديث عن الإصلاح، دون أن نجد أمرا واقعيا بأمّ أعيننا، اصلاحا كما قال جلالة الملك “بانتظار نتائج أعمالكم التي تتضمن التوصيات ومشاريع القوانين المقترحة، على ألا يتأخر تقديمها عن موعد انعقاد الدورة العادية المقبلة لمجلس الأمة” وفي تحديد اطار زمني ربط لساعة الزمن بالالتزام، وعدم تغييب أهمية الوقت في عمل اللجنة وجاهزيتها محددة بوقت واضح وضعها جلالة الملك نُصب أعينهم وأعين الجميع بانتظار اصلاح يزيل تشوّهات ويبني شكلا حديثا متطورا لكل ما من شأنه أن يدخل المملكة لمئويتها الثانية بثقة المنجز.

نيفين عبد الهادي./ الدستور

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة