المزار الشمالي.. عشرات المواقع الأثرية تفتقر للاهتمام

إربد- رغم غنى لواء المزار الشمالي في محافظة إربد بالمواقع الأثرية، إلا أن أعمال الترميم والتطوير تكاد تكون غائبة عنها، بالإضافة إلى عدم وجود حراسة عليها، ما يجعلها عرضة للعبث والتخريب.

ويفتقر اللواء إلى مكتب آثار لاستثمار طاقات وخريجي الآثار والسياحة، والتي من شأنها تطوير المنتج السياحي في اللواء وخلق فرص عمل في لواء يعاني من ارتفاع نسبة البطالة والفقر.

ووفق عضو مجلس محافظة إربد عن لواء المزار الشمالي وعد أبو شريعة، “فإن المواقع الأثرية والسياحية مغيبة عن أجندة الجهات المعنية، خصوصا أن اللواء يضم عشرات المواقع الأثرية والسياحية، ويعد من أقدم المناطق في الأردن لما يحويه من غابات خضراء”.

وأشار إلى “أن أبرز المواقع غير المستغلة لغاية الآن (تل جحفية)، المعلم الأثري المطل على سهول إربد وحوران وفلسطين، وغابات أرحابا الكثيفة (وادي الرقبة) وغابات زوبيا وعين زوبيا، وغابات المزار، ومقام النبي داوود عليه السلام”، لافتا في الوقت ذاته، إلى “أن الجهات المعنية قامت قبل سنوات بعمل حفريات في تل جحفية ولم تستكمل عملها، لعدم وجود مكتب آثار باللواء يتابع أعمال الحفريات والترميم والبحث”.

وأكد أبو شريعة، “أن عدم وجود مكتب متابعة من شأنه التشبيك مع المنظمات المحلية والدولية، سيبقي اللواء مهمشا، رغم وجود مئات الخريجين في اللواء بتخصص الآثار متعطلين عن العمل وهم قادرون على العمل بأي مشروع ترميم”.

كما لفت إلى “أن لواء المزار الشمالي تعاقبت عليه عدة عصور بدءا من الروماني والبيزنطي وانتهاء بالعصور الإسلامية، حيث خلف كل عصر وراءه بصمات أثرية ما تزال ماثلة للعيان، لكنها مهمشة”.

وبين أبو شريعة، “أنه لم يتم رصد أي مبالغ مالية في موازنة مجلس المحافظة للعام الحالي بسبب عدم تقدم الجهة التنفيذية والمتمثلة بدائرة الآثار لأي مشاريع للآثار في المحافظة، بالرغم من وجود أكثر من 20 موقعا أثريا مسجلة باسم دائرة الآثار في لواء المزار الشمالي”.

أما المواطن علي الشرمان، فتحدث من جهته خربة “مسكايا” الأثرية في المزار الشمالي، قائلا، “إنها تقع إلى الجنوب الغربي من الطريق المؤدي إلى بلدة المزار الشمالي من وادي الجرون، وتظهر الفترات الرومانية والبيزنطية والعربية التي عاشتها، إضافة إلى وجود بقايا لجدار مبني من الحجارة الجيرية المهدمة والتي تعود إلى فترات بيزنطية وأموية وعباسية وفاطمية وأيوبية ومملوكية وعثمانية وحديثة”.

وتحدث الشرمان أيضا عن خربة “المراما” البيزنطية، مشيرا إلى “أنها معلم أثري بارز، واقع على يمين الطريق عند مدخل المزار الشمالي بعد المثلث الذي يفصلها عن دير يوسف، وهي عبارة عن تل يرتفع عن سطح البحر حوالي (800) متر، ويشرف على منطقة واسعة”.

وبحسب المواطن أحمد درادكة، “فإن موقع (مهرما) الأثري، طواه النسيان، وهو يقع جنوب بلدة زوبيا على الطريق المؤدية إلى بلدتي إرحابا وجديتا، ويمتد على مساحة ستين دونما، ويحتوي على مقتنيات أثرية تشمل أدوات وشفرات وفؤوس حجرية، إلى جانب حجارة كبيرة مهدمة من مبانٍ قديمة تعود إلى عصور مختلفة منها العصر الروماني والعصر البيزنطي”.

وأضاف درادكة، “إن استثمار هذه المواقع الأثرية في اللواء وفتح مكتب آثار باللواء سيؤدي إلى تنشيط الواقع الاقتصادي من جهة وتشغيل خريجي الآثار والسياحة وإحياء السياحة”.

بدوره، قال المدير التنفيذي لبلدة المزار الشمالي المهندس إياد الجراح، “إن اللواء غني بالمواقع الأثرية في لواء المزار الشمالي، إلا أنها تعاني من التهميش وعدم الاهتمام من قبل الجهات الرسمية مما يعرضها لعبث العابثين، ومن تلك المواقع باب المراما وهي نموذج للآثار غير المعتنى بها والواقعة ضمن حدود لواء المزار الشمالي”.

وأشار إلى “أن الموقع يتمتع بتاريخ غني وتنوع حضاري يعود إلى آلاف السنين ويعد شاهدا على حضارات متعددة بدءا من العصر اليوناني والروماني وصولا إلى العصور الإسلامية”.

ولفت الجراح، إلى “أن موقع باب المراما يقع على تلال المزار الشمالي، ويُعد من أبرز المعالم الأثرية في المنطقة ويتميز الموقع بأهمية كبيرة نظرا لأنه مرَّ بعدة عصور تاريخية تركت بصمتها الواضحة على معالمه”.

وأضاف، “كان باب المراما جزءا من شبكة طرق تجارية واستراتيجية تربط بين مدن الديكابوليس (المدن العشر) في شمال الأردن. وتشير الآثار المكتشفة، مثل الأعمدة الرخامية والأرضيات الفسيفسائية، إلى استخدام الموقع كمركز ديني أو إداري، ورغم الأهمية التاريخية الكبيرة لموقع باب المراما، يعاني اللواء من نقص في الاهتمام الحكومي بالمواقع الأثرية، ما دفع أهالي المنطقة إلى المطالبة بتوفير الدعم اللازم للحفاظ على هذه المواقع وترميمها للحفاظ عليها من التدهور الذي يسببه الزمن والعوامل الطبيعية”.

ودعا الجراح، إلى “توفير مرافق سياحية كمراكز معلومات، ومسارات مشي، ومناطق استراحة للسياح، لتعزيز السياحة في المنطقة”، مشيرا إلى “أن المواقع في اللواء مغيبة وهناك حاجة إلى تسليط الضوء إعلاميا على أهمية المواقع الأثرية في المزار الشمالي لجذب الزوار والمستثمرين”.

وأكد أيضا، “أن أهالي اللواء يتطلعون إلى قيام وزارة السياحة والآثار بتكثيف عمليات التنقيب للكشف عن المزيد من الكنوز الأثرية التي ما تزال مدفونة والتعاون مع الجامعات والمراكز البحثية لإجراء دراسات وأبحاث تعزز من فهم تاريخ المنطقة”.

وأشار الجراح إلى أهمية كنيسة داريا الأثرية، الواقعة في بلدة صمد ضمن لواء المزار الشمالي بمحافظة إربد، والتي تُعد من المعالم التاريخية والدينية الهامة في المنطقة، مضيفا أنها تعود إلى الفترة البيزنطية، وهي مثال على العمارة المسيحية المبكرة التي انتشرت في بلاد الشام خلال ذلك العصر، وكانت مركزا دينيا وثقافيا مهما يخدم المجتمعات المحلية آنذاك.

كما لفت إلى أن الكنيسة كانت تمثل جزءا من التراث المسيحي في الأردن، حيث تعكس وجود المجتمعات المسيحية المبكرة ودورها في نشر الديانة وكانت تُستخدم لإقامة الشعائر الدينية والاحتفالات الطقسية، مما يجعلها رمزا للإرث الديني.

وقال، إن خربة مهرما الأثرية في منطقة زوبيا، التابعة للواء المزار الشمالي، تُعد واحدة من المواقع التاريخية المهمة التي شهدت تعاقب حضارات متعددة، بدءا من العصر اليوناني وحتى العصر الإسلامي، بما في ذلك فترة الحكم العثماني.

وأشار الجراح إلى أن الموقع السياحي يمكن أن يكون جزءا من المسارات السياحية في الأردن، مما يعزز السياحة المحلية والدولية.

وطالب بإجراء حفريات علمية للكشف عن مزيد من التفاصيل حول تاريخ الخربة وإعادة بناء وترميم ما تبقى من الآثار لجعلها صالحة للزيارة وإدراجها كجزء من مسار سياحي يُبرز تاريخ المنطقة وتسليط الضوء على الخربة في خطط الترويج السياحي الوطنية.

وأكد الجراح، أن تطوير المواقع الأثرية سيسهم في توفير فرص عمل وزيادة الدخل من خلال جذب السياح وتعزيز الوعي بالتراث المحلي وحماية الموقع من الإهمال أو التخريب.

وأوضح، أن تل جحفية الأثري يتعرض إلى العبث والحفريات، حيث قامت فرق بحث من خلال دائرة الآثار العامة بعمل حفريات منذ سنوات وما تزال كما هي، تهدد الزائرين، وأن الموقع يتعرض للعبث من قبل هواة الحفر والتنقيب ليلاً كون الموقع بلا حراسة ولا أسوار تحد من الاعتداءات المتكررة ليلا.

بدوره، أكد مصدر في مديرية آثار إربد، أن المديرية تسعى إلى تعيين حراس في المواقع الأثرية المسجلة لديها وإقامة سياج عليها للحفاظ عليها من العبث، لافتا إلى أن الآثار تسعى إلى زيادة مخصصاتها من موازنة مجلس المحافظة للقيام بأعمال التنقيب في المواقع الأثرية في لواء المزار الشمالي.

وقال، إن مديرية آثار إربد تشرف على ما يزيد على 150 موقعا أثريا مستملكا ومسجلا لدى دائرة الآثار العامة، بالإضافة للكثير من المواقع الأثرية غير المستملكة.

وبين المصدر، أن مديرية آثار إربد تعمل على الحفاظ على المواقع الأثرية في المحافظة من خلال إجراء صيانة وترميم وإدامة للمباني والمواقع الأثرية بشكل دوري وضمن خطط عمل مستمرة وتفقد تصريف المياه والنظافة، ثم إدامة المباني وصيانتها بشكل دوري.

 

احمد التميمي/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة