المسيرات الأوكرانية تربك موسكو وتدفعها لقرار دفاعي صعب

عواصم – على وقع أزمة الاستهدافات الأوكرانية الأخيرة بالمسيرات العمق الروسي في موسكو بشكل خاص، بدأت وزارة الدفاع الروسية في تنفيذ تعديلات بشأن تسليح (قوات الحرس الوطني) بالأسلحة الثقيلة بعدما كان الأمر مقتصرا على الأسلحة الخفيفة كالبنادق والمسدسات.

ومطلع الأسبوع الحالي، وقع الرئيس فلاديمير بوتين، قانونا فيدراليا يمنح الحرس الوطني الروسي حق الحصول على معدات عسكرية ثقيلة لاستخدامها في الخدمة، مع فرض تعديلات على قانون “قوات الحرس الوطني”.

وحول اتجاه روسيا لقرار تسليح قوات الحرس الوطني بمعدات ثقيلة قال خبراء وبينهم الخبير في مركز بحوث قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية كودراخيين بلوخين إن عملية إدخال هذه التعديلات تعد هي الأسرع في تاريخ تشريع القوانين في روسيا؛ فمشروع القرار تم إدخاله إلى مجلس الدوما بتاريخ 17 تموزر (يوليو) الماضي وأقر في التاسع عشر من قبل مجلس الدوما.
في 28 من الشهر ذاته أقره المجلس الفيدرالي، وفي 4 آب (أغسطس) الحالي، وقعه الرئيس فلاديمير بوتين، وبدأ تنفيذه بالفعل من جانب وزارة الدفاع.
هذا القرار اتخذ بعد مباركة الولايات المتحدة ودول غربية من حلف شمال الأطلسي (الناتو) هجمات المسيرات الأوكرانية في موسكو والتي طالت منشآت مدنية ووزارات من بينها مجمع “موسكو سيتي” وعرضت حياة المدنيين للخطر.
وفقا للقانون الجديد فإن الحرس الوطني سيكون قادرا على استخدام الدبابات والمدفعية في تسليحه وسيساعد هذا الحرس الوطني على الاستجابة للتحديات خلال العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا والرد على الاعتداءات الخارجية.
وتتمحور وظائف الحرس الوطني بشكل أساسي حول حماية النظام العام والمنشآت الحكومية، والمشاركة في الدفاع عن حدود الدولة،
ومراقبة الامتثال للقوانين الفيدرالية في مجال الدفاع والتسليح والحراسة الخاصة، ومكافحة التطرف والإرهاب.
ووفق بلوخين فقد تم استبدال مصطلح “سلاح” في نص القانون الروسي الذي يشمل “الأجهزة والأدوات البسيطة المصممة للتأثير وضرب الأهداف الحية أو غيرها وإصدار الإشارات” بمصطلح “التسليح” والذي يشمل “مجموعة من الأسلحة والوسائل التقنية الثقيلة”.
ومصطلح “المعدات القتالية” الذي يشمل المعدات العسكرية الأساسية المخصصة للقتال”، تم استبداله بمصطلح “المعدات العسكرية” الذي يعني “مختلف الوسائل التقنية التي تجهز بها القوات لاستخدامها في الأنشطة القتالية اليومية والمعدات العسكرية، والوسائل التقنية للقيادة والسيطرة، والوسائل التقنية للقتال، والدعم التقني واللوجستي.
كما تم في التعديل إعادة صياغة الفصل الخاص بالقانون المتعلق باستخدام الحرس الوطني للقوة البدنية والوسائل الخاصة والأسلحة والمعدات العسكرية.
هذه الإجراءات جميعها وفق محللين، إضافة إلى القوانين التي تم توقيعها من قبل بوتين حول الخدمة العسكرية، تشير بوضوح إلى أن روسيا تتجه نحو التعبئة العامة وإعلان حالة الطوارئ في البلاد للاستعداد لخوض حرب شاملة في أوروبا، وذلك بحسب ألكساندروفيتش يفغيني المتخصص العسكري بالمعهد الوطني الأوكراني.
ويضيف ألكساندروفيتش يفغيني، خلال تصريحات صحفية أن ذلك القرار يأتي بمثابة اعتراف روسي غير مباشر بنجاح الموجة الثانية من الهجوم المضاد الأوكراني والتي استهدفت العمق الروسي خلال الأسابيع الماضية، وأثرت بشكل كبير على القوات الروسية في الجنوب أيضا الذي يشهد تقدم للقوات الأوكرانية.
ويرى المتخصص العسكري بالمعهد الوطني الأوكراني، أن تمرد فاغنر الخاطف في شهر حزيران (يونيو) الماضي أحدث دويا هائلا في الأوساط العسكرية الروسية وكان لابد من وجود تجهيزات بأسلحة ثقيلة وذات موثوقية عالية تستطيع مواجهة مثل تلك التحركات الكفيلة بتهديد الأمن القومي الروسي، لا سيما والجميع يذكر تهديدات قائد ومؤسس فاغنر يفغيني بريغوجين بالتوجه نحو العاصمة بقواته.
إلى ذلك أكدت موسكو مجددا أمس أن استسلام كييف وحده كفيل بأن يضع حدا للحرب في أوكرانيا.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في بيان: “نحن مقتنعون بأن التسوية الشاملة والدائمة والعادلة لن تكون ممكنة إلا إذا وضع نظام كييف حدا للأعمال العدائية والهجمات الإرهابية”.
وأضافت: “يجب الاعتراف بالحقائق الجديدة على الأرض (في شرق وجنوب أوكرانيا) وضمان نزع سلاح أوكرانيا والقضاء على النازيين فيها”، مع المطالبة “بتأكيد.. الأسس الأصلية لسيادة أوكرانيا وهي الحياد وعدم الانحياز وعدم امتلاك السلاح النووي”.
هذه المطالب سبق أن رفضتها كييف بعد أن طرحتها موسكو عندما شنت عمليتها العسكرية في فبراير 2022.
وبشأن المشاورات في جدة حول أوكرانيا، قالت زاخاروفا إن موسكو “تثمن عاليا وساطة.. أصدقائنا من دول الجنوب”، لكنها اعتبرت أن “التسوية السلمية مستحيلة” على أساس صيغة السلام التي اقترحها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وأضافت: “لا تهدف أي من نقاطه العشر إلى إيجاد حل تفاوضي ودبلوماسي للأزمة وكلها تمثل إنذارا لا طائل له لروسيا بهدف إطالة الأعمال العدائية”. يذكر أن إحدى هذه النقاط تضمنت انسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية.
في السياق أعلنت السلطات الروسية أن دفاعاتها الجوية دمرت طائرة مسيرة في مقاطعة كالوغا المتاخمة لمنطقة موسكو، فجر أمس، وذلك بعد يوم حافل بالهجمات كان من أبرزها قصف جسري إمداد للقوات الروسية.
من ناحية أخرى، تحدثت تقارير غربية عن دور وحدة من القوات الخاصة الأوكرانية تسمى “ألفا” تقوم بتوجيه المسيرات لتنفيذ عمليات خلف خطوط القوات الروسية وإسناد الهجوم الأوكراني المضاد.
وتتبع الوحدة “ألفا” جهاز الأمن الداخلي الرئيسي في أوكرانيا، الذي أنشأها عام 1994،
وكان رئيس هذا الجهاز قد أكد مؤخرا أن عناصره يقفون وراء الهجوم على جسر القرم العام الماضي.
وفي سياق متصل، استهدفت ضربتان صاروخيتان أوكرانيتان أول من أمس جسرين في شبه جزيرة القرم ومقاطعة خيرسون جنوبي أوكرانيا. واستهدفت الضربة الأولى جسر تشونغار في القرم. وقال الحاكم الموالي لروسيا سيرغي أكسيونوف “بعض الصواريخ أسقطتها قوات الدفاع الجوي. وأصيبت منصة جسر السيارات بأضرار وبدأت أعمال الترميم” وأضاف “لم يسقط ضحايا”.
واستهدفت الضربة الثانية جسرا قرب مدينة جينيتشيسك في خيرسون، وأسفرت عن إصابة شخص وخلفت أضرارا في أنبوب للغاز، وفق ما أعلنه مسؤول بالإدارة المحلية الموالية لروسيا، مشيرا إلى إسقاط 9 صواريخ أوكرانية من أصل 12.
في الجانب الآخر، أعلنت هيئة الأركان الأوكرانية أمس أن القوات الروسية استهدفت أراضي البلاد بـ 30 صاروخا و52 غارة خلال الساعات الـ 24 الماضية.
وأضافت هيئة الأركان الأوكرانية أن القوات الروسية أطلقت أيضا 75 مقذوفا، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من المدنيين.
ومن جانبها، أعلنت النيابة العامة بمقاطعة خيرسون أمس مقتل امرأة وإصابة 7 أشخاص في قصف روسي على حي سكني أدى لتضرر عدد من المباني.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت أول من أن قواتها شنت هجوما بأسلحة جوية وبحرية بعيدة المدى على مواقع عسكرية أوكرانية غربي البلاد من بينها قواعد جوية. وأضافت أن الهجمات أصابت أهدافها بدقة.
وقالت الوزارة الروسية إنه تم استهداف “قواعد جوية للقوات المسلحة الأوكرانية قرب بلدتي ستاروكوستيانتينيف في مقاطعة خملنيتسكي ودوبنو في مقاطعة ريفني”.
وكثيرا ما تعرضت مقاطعة خملنيتسكي -الواقعة غرب البلاد على بعد مئات الكيلومترات من الجبهة- لضربات روسية. علما بأنها تضم قاعدة جوية أوكرانية كبيرة.-(وكالات)

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة