“النواب الـ20” يكشف عن إرادة الأردنيين في التغيير ومعايشة تجربة برلمانية جديدة
– مع انتهاء انتخابات مجلس النواب الـ20، أظهرت صناديق الاقتراع إرادة جلية للتغيير لدى الأردنيين، تتطلع إلى المضي مع تجارب ورؤى وأفكار وبرامج لأحزاب ونواب جدد، لكن هذا لم يمنع من صعود أحزاب وإخفاق أخرى، وحصول بعضها على أصوات غير متوقعة وفشل أخرى بنيل ما كانت تتصور أنها ستحصل عليه من الأصوات، وفي النهاية، ربحت الدولة بكل مؤسساتها الرهان، وتمكنت الهيئة المستقلة للانتخاب من الفوز بإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، تضع بداية لطريق الإصلاح التي جاءت معطياتها في الأوراق الملكية النقاشية.
في هذا النطاق، فإن المجلس الجديد، تنتظره ملفات وقضايا ضاغطة، أبرزها تداعيات الحرب العدوانية على غزة، وما يجري في الإقليم، بخاصة في فلسطين المحتلة، وتعنت اليمين الصهيوني، ورفضه لأي حلول سلمية، وإعلان قيادات مشاركة في الحكومة الصهيونية المتطرفة، عن أطماعهم تجاه فلسطين والأردن.
كما أن المجلس تنتظره مناقشة الحكومة في برنامجها الذي ستطلب ثقة النواب على أساسه، وأيضا مناقشة الموازنة العامة للدولة وقضايا مهمة أخرى ذات صلة.
وبحسب التوقعات، يرجح صدور إرادة ملكية بدعوة المجلس الجديد إلى الانعقاد في مستهل تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وبالأثر صدور إرادة ملكية بإرجاء عقد الجلسة، والتي يرجح أيضا أن يكون إرجاؤها حتى أواخر تشرين الأول (أكتوبر) أو بدايات تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
أما بشأن السيناريوهات المتعلقة بالحكومة، فلا يوجد نص دستوري يلزمها بتقديم استقالتها، وإنما وجب عليها إن استمرت، تقديم بيان وزاري تطلب الثقة على أساسه، وفق ما تفيد به المادة (53/ 6) من الدستور، إذ يتوجب على أي حكومة قديمة أو جديدة، تقديم بيانها الوزاري لأي مجلس نواب ينتخب في عهدها، وطلبها الثقة منه بناء على بيانها، وذلك خلال شهر واحد من تاريخ اجتماع هذا المجلس، كما يمكن إعادة تكليف الرئيس الحالي بتشكيل حكومة جديدة.
وهذا يعني أننا أمام 3 سيناريوهات تتعلق بالحكومة، الأول استمرارها والثاني رحيلها، والثالث تكليف رئيسها بتشكيل حكومة جديدة. من هنا، فإن الحكومة الحالية إذا أراد لها جلالة الملك عبدالله الثاني الاستمرار بعملها، يتعين عليها الحصول على ثقة أعضاء مجلس النواب الجدد، كما أن أي حكومة جديدة وجب عليها تقديم بيانها، وأن تطلب الثقة على أساسه، فلو افترضنا أن المجلس انعقد بدايات تشرين الثاني (نوفمبر)، فإن الحكومة وجب عليها تقديم بيانها الوزاري للمجلس قبل الأول من كانون الأول (ديسمبر).
ويشرع النائب بممارسة صلاحياته في الرقابة والتشريع والسؤال، بعد أداء القسم الدستوري، إذ تفيد المادة 80 من الدستور أن “على كل عضو من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب قبل الشروع في عمله، أن يقسم أمام مجلسه يمينا هذا نصها (أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا للملك والوطن وأن أحافظ على الدستور وأن أخدم الأمة وأقوم بالواجبات الموكولة اليّ حق القيام)”.
وأظهرت النتائج فوز الأحزاب بـ104 مقاعد في مجلس النواب الجديد والبالغ إجماليها 138، وبلغ عدد الأحزاب التي حصلت على مقعد أو أكثر 13 حزبا، موزعين على المقاعد العامة والمحلية، إذ حصلت الأحزاب: جبهة العمل الإسلامي على 31 مقعدا، بينها 17 على القائمة العامة و14 على القائمة المحلية، تلاه الميثاق بـ21 مقعدا بينها 4 مقاعد على “العامة” و17 “المحلية”، ثم إرادة بـ19 مقعدا بينها 3 “العامة” و17 “المحلية”، فتقدم بـ8 بينها 3 على “العامة” و5 “المحلية”، والوطني الإسلامي بـ7 بينها 3 “العامة” و4 “المحلية”، وعزم 5 منهما اثنان “العامة” و3 “المحلية”، تيار الاتحاد الوطني بـ5 بينها 3 “العامة” و3 “المحلية”، والأرض المباركة والعمال نالا مقعدين لكل منهما على “العامة”، وحزبا نماء والعمل نالا مقعدا واحدا لكل منهما على “العامة”، والمدني الديمقراطي والشباب على مقعد واحد لكل منهما على “المحلية”، واستطاع اثنان من الأمناء العامين للأحزاب الوصول إلى قبة البرلمان، هما الأمين العام للوطني الإسلامي مصطفى العماوي، والأمين العام للعمل معتز أبو رمان.
وتوافقت الأحزاب التي فازت في برامجها على: حماية السيادة الوطنية ومقدرات البلاد، وإعلان موقف ضد التوطين والوطن البديل، وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين لوطنهم وديارهم وتقرير المصير، وحق الشعب الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس، والتفكير بمشروع نهضوي عربي في مواجهة مشروع (إسرائيل الكبرى) الذي يستهدف فلسطين والأردن والوطن العربي.
وحضرت قضايا أخرى في برامج حزبية على نحو تفصيلي، وغابت عن أخرى، ولعل أبرزها قضية التعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين، وتوجيه الجهود نحو اقتصاد وطني منتج، واستثمار الثروات الطبيعية الكبيرة، وتعديل التشريعات الناظمة للحياة الاقتصادية، وعلى رأسها قانونا ضريبتا الدخل والمبيعات، وتطبيق مبدأ العدالة بين المواطنين، وإيجاد بيئة تشريعية، وقوانين تحول دون وقوع الفساد بكل أشكاله، ومحاسبة كل من يعتدي على المال العام، وتطبيق القانون بالتساوي بين المواطنين، ورفع مخصصات وزارتي التعليم والصحة في الموازنة العامة، والوصول الى تأمين صحي مجاني كحق دستوري، ورفع الحد الأدنى للأجور وتوسيع المشاريع الإنتاجية لمواجهة البطالة بين صفوف الشباب، وتعديل قانون العمل لحماية العمال من الفصل التعسفي، وسنّ قانون خاص للنقابات العمالية يطلق حرية التنظيم النقابي ويصون حقوق العمال، وتحقيق المساواة والعدالة بين المواطنين رجالاً ونساء، بحيث تشمل الحقوق الأساسية وعلى رأسها: التعليم والرعاية الصحية والعمل، وتوفير شروط انخراط الشباب في الحياة السياسية والعامة، بما في ذلك الانتساب للأحزاب، وتوجيه الاهتمام بالثقافة الوطنية والإنسانية للأجيال الصاعدة، ونشر المؤسسات الثقافية والرياضية والتدريب المهني، ومؤسسات البحث العلمي في المحافظات، وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، على أساس المساواة في الحقوق دون تمييز، خصوصاً حق تلقي الرعاية الصحية والعمل في منشآت القطاع العام، ودعم القطاع الزراعي وإعفاء المزارعين من عبء الديون وفوائدها، وتقديم قروض ميسرة لهم.
ومن المجلس السابق عاد النواب: صالح العرموطي، أحمد الصفدي، نصار القيسي، علي الغزاوي، محمد الظهراوي، احمد القطاونة، دينا البشير، حابس الشبيب، صالح أبو تايه، طلال النسور، علي الخلايلة، اسماعيل المشاقبة، محمد المرايات، عبد الرحمن العوايشة، محمد المحارمة، احمد الرقب، احمد عشا، اندريه حواري، ينال فريحات، نمر سليحات، خالد أبو حسان، سالم العمري، مجحم الصقور، عارف السعايدة، احمد السراحنة، هايل عياش، هيثم زيادين، عدنان مشوقة، آمال البشير، وفليحة سبيتان.
أما من عاد من مجالس نيابية سابقة، فبلع عددهم 19 نائبا وهم: خميس عطية، مازن القاضي، مصطفى العماوي، محمد عقل، موسى الوحش، سليمان الزبن، معتز أبو رمان، مصطفى الخصاونة، حياة المسيمي، ديمة طهبوب، هدى العتوم، حابس الفايز، محمد المراعية، محمد هديب، محمود نعيمات، احمد هميسات، جمال قموه، وصفي حداد، ونبيل الشيشاني.
وارتفع عدد السيدات البرلمانيات في المجلس الـ20 ليصبح عددهن 27، وفازت بمقاعد “الكوتا” ضمن القوائم المحلية 18 سيدة، وضمن المقاعد العامة 9 سيدات هن: حياة المسيمي، ديمة طهبوب، هدى العتوم، نور أبو غوش، تمارا ناصر الدين، دينا البشير، هالة جراح، هدى نفاع، ورند الخزوز، بينما ارتفع عدد المقاعد التي يشغرها مسيحيون من 9 مقاعد الى 10 بعد فوز هدى نفاع ضمن التنافس في القوائم العامة، كما بلغ عدد المحامين تحت القبة 17، و6 أطباء أسنان، وعدد مثله من الأطباء البشريين، وصحفيان اثنان هما الزميلان عطا الحنيطي وحسين العموش، كما وضم مهندسين وصيادلة، ومتقاعدين عسكريين.
ولأول مرة يستطيع النائب جهاد مدانات وهو مسيحي من الحصول على مقعد نيابي ضمن قوائم حزب جبهة العمل الإسلامي، محققا رقما غير مسبوق قدر بـ23726 صوتا، بينما حصل النائب صالح العرموطي على أعلى الأصوات على مستوى المملكة ونال 29911 صوتا، بينما لم يحالف الحظ عددا من المترشحين السابقين، بينهم محمود الخرابشة، فواز الزعبي، نضال الحياري، ضرار الداوود، ميرزا بولاد.
ومن الملفات الساخنة التي تنتظر المجلس الجديد مشروعا قانون الضمان الاجتماعي وقانون العمل الذي وجد نقدا من الاتحاد العام لنقابات العمال إبان نشر مسودته الأولى، إذ أعلن الاتحاد رفضه للتعديلات عليه، ما سيضع النواب الجدد أمام مناقشات حادة تتعلق به، كما أن مصير نقابة المعلمين سيعود إلى الواجهة من جديد.