جرائم إبادة بتواطؤ غربي تسقط قناع الاحتلال الزائف

عمان- تتهاوى أسطورة “واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط”، التي اخترعها الكيان الصهيوني منذ زمن زرعه في فلسطين، على وقع ارتقاء زهاء 100 ألف فلسطيني شهيداً أم جريحاً أم مفقوداً خلال 100 يوم دموي من عدوان الاحتلال المتواصل ضد قطاع غزة، رغم تعثر جيشه الهمجي وعدم تحقيق ما زعمه من أهداف عبثية غير منطقية، الا من استنزاف الدم الفلسطيني.

ولم تجد أسطورة “أم الأكاذيب”، الأطول عمراً قياساً بقائمة الادعاءات المُضللة، مكانها الذي دأب الاحتلال على ترويجه عالمياً بتواطؤ غربي “كدولة” ديمقراطية مدنية حديثة، بين أشلاء جثث الشهداء المترامية وآلام المصابين النازفة وندوب النازحين المُهجرين عن بيوتهم المُدمرة وسط غياب كامل لمقومات الحياة.

وجرائم “الإبادة الجماعية” في غزة تكشف زيف الديمقراطية المزعومة، كما الاستيطان وتهجير أصحاب الأرض وترويعهم، بعدما نزعت القناع عن وجه الاحتلال القبيح والذي ساعد في تسهيل التواطؤ الغربي وتقديم دعمه للمضي في عدوانه ضد غزة، فمارس الكيان المحتل “نازيته” المتجذرة في صهيونيته اليمينية المتطرفة والأصولية العنصرية، بما يُمزق صورتها الزائفة ويظهر وجهها الحقيقي أمام العالم.
ويتجسد هذا الفهم في التحولات الوازنة لاتجاهات الرأي العام العالمي لجهة نصرة الفلسطينيين ومطالبة وقف عدوان الاحتلال فورا، أسوة بالدعوة الموجهة لجميع الأحرار في العالم إلى الإضراب الشامل، اليوم الاثنين، والتظاهر حول سفارات الدول الداعمة للاحتلال، وعبر مختلف فضاءات العالم، احتجاجا ضد استمرار القتل والإبادة الجماعية لسكان قطاع غزة، والمطالبة بوقف المجازر الوحشية والتطهير العرقي.
وتصر حكومة الحرب، وفق تصريح لها أمس، على مواصلة مجازرها الوحشية ضد المدنيين الفلسطينيين، وتوسيع نطاق عدوانها الهمجي نحو كافة مناطق القطاع، بهدف التسبب بمزيد من النزوح القسري للغالبية العظمى من سكان غزة، وتركهم دون تأمين أي مراكز للإيواء تتوافر فيها مقومات الحياة والأمان، في إطار تنفيذها لجريمة الإبادة الجماعية ضد القطاع وسكانه.
وتواصل دبابات الاحتلال محاولاتها اجتياح مدينة خان يونس، جنوب القطاع، للشهر الثاني على التوالي، بالتزامن مع القصف المدفعي الكثيف الذي طال، أيضاً، مدينة رفح، إلى جانب استهداف منازل المدنيين بوسط القطاع، لاسيما دير البلح ومخيم المغازي، مما أدى لارتقاء عشرات الشهداء والجرحى.
وفي حين انسحب جيش الاحتلال من مناطق شرقي مدينة دير البلح، مخلفا خرابا كبيرا وأبنية مُدمرة بالكامل، إلا أنه واصل قصفه العنيف الذي استهدف المدينة وأدى إلى سقوط ضحايا مدنيين.
وعاودت طائرات الاحتلال قصف “حي الدرج”، شرق مدينة غزة، ما ادى لاستشهاد عشرين فلسطينياً وفقدان العشرات بعد وقت قصير من قصف منزل لعائلة فلسطينية كاملة واستشهاد 8 فلسطينيين وإصابة أعداد أخرى.
وطبقاً للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن نحو مائة ألف فلسطيني باتوا في عداد الشهداء والمفقودين والجرحى؛ بمن في ذلك أولئك المصابون بإعاقات طويلة الأمد، في اليوم الـ100 لجريمة الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة.
وأفاد المرصد، في تقرير أصدره أمس، أن “إحصاءاته الأولية تفيد باستشهاد 31.497 فلسطينياً، بينهم 12.345 طفلًا و6.471 إمرأة، إلى جانب 295 عاملا بالمجال الصحي و41 من عناصر الدفاع المدني، و113 صحفياً، فيما أصيب 61.079 بجروح مختلفة، بينهم المئات في حالة خطيرة”.
وما يزال هناك مئات الجثامين الهامدة في الشوارع والطرقات وتحت أنقاض الأبنية المدمرة، ويتعذر انتشالهم بسبب الهجمات العسكرية الاحتلالية المستمرة، والذين لم يتم حتى الآن حصرهم وإدراجهم ضمن عدد الضحايا بشكل نهائي.
وأفاد أن نحو مليون و955 ألف فلسطيني نزحوا قسراً من منازلهم ومناطق سكناهم في قطاع غزة بدون توفر ملجأ آمن لهم، أي ما نسبته 85 % من إجمالي سكان القطاع، فيما دمر فيه القصف الجوي المستمر نحو 69.700 وحدة سكنية بشكل كلي، و187.300 وحدة سكنية بشكل جزئي، مما يحرم النازحون قسراً من العودة إلى ديارهم من الناحية الواقعية والقريبة المدى.
ويتعمد الاحتلال تدمير وإلحاق أضرار جسيمة بمرافق البني التحتية في قطاع غزة، بما يشمل استهداف 320 مدرسة، و1.671 منشأة صناعية و183 مرفقًا صحياً بينهم 23 مستشفى و59 عيادة و92 سيارة إسعاف، و239 مسجداً و3 كنائس، إضافة إلى 170 من المقار الصحفية والإعلامية.
ودعا “المرصد الأورومتوسطي” إلى “تحقيق دولي في الانتهاكات الموثقة منذ بدء الاحتلال هجماته العسكرية على غزة، والعمل لإنهاء حالة الحصانة والإفلات من العقاب التي تتمتع بها إسرائيل، بمن في ذلك المسؤولون عن جرائمها، وتقديم جميع مصدري الأوامر ومنفذيها إلى العدالة ومحاسبتهم بما يضمن إنصاف الضحايا وتعويضهم”.
من جانبه؛ أكد رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، أن المنطقة “لن تنعم بالأمن والسلام” مع وجود حركة قائمة على اغتصاب الأرض الفلسطينية وقتل المواطن الفلسطيني”، في الإشارة إلى الحركة الصهيونية والاحتلال في فلسطين.
وطالب هنية، في تصريح له أمس، بوقف دعم الكيان الصهيوني لقتل الأطفال والشيوخ والمدنيين، وتوسيع نطاق مقاطعته، وإطلاق جهد عالمي شعبي ورسمي لإعادة تجريم الصهيونية في مختلف المحافل والمحاكم الدولية، وملاحقةَ قادته السياسيين والعسكريين المسؤولين عن الجرائم في فلسطينَ.
ودعا إلى تشكيل جبهة عريضة لإسناد المقاومة والدفاع عنها، وتأسيس “الجبهةِ العالمية لإسناد المقاومة الفلسطينية”، والانخراطِ الفعليِ فيها، داعياً إلى توسيع دائرة التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، وتشكيل حلف دولي تحت عنوان “حلف الحرية والعدالة لفلسطين”.
وشدد على أهمية بذل الجهود المتواصلة لكسرِ الحصار عن قطاع غزة، وتوفير مقومات الحياة الكريمة لأهالي غزة، وتشكيل تحالف إنساني لإغاثتهم.

 نادية سعد الدين/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة