جرش: مهرجانات تسويقية متوقفة.. وخيبة بتعافي مشاريع الأسر الإنتاجية

المونة واللبنة وجراسيا والعنب، أسماء مهرجانات تسويقة، اعتادت جهات مختلفة على تنظيمها في جرش، حتى باتت ظاهرة توفر فرصا تسويقية لمنتجات المجتمع المحلي، قبل أن يتم وقفها إلى إشعار آخر، ارتبط بتداعيات مكافحة كورونا، واستمر رغم تعطيل إجراءات المكافحة.
استمرار توقف هذه المهرجانات لوقت غير معلوم أو ربما إلغاء بعضها، شكل خيبة أمل للعديد من الأسر الجرشية، كانت قد استعدت لعودة قوية مع ظهور أول مؤشرات التعافي، غير أنها وجدت نفسها في مواجهة أزمة مستمرة بتسويق منتجاتها.
ووفق بعض الأسر العاملة في مشاريع صناعة المنتجات الغذائية الشعبية بمحافظة جرش والمعروفة بـ “المطابخ الانتاجية”، فان عودة الحياة كما كانت عليه قبل الجائحة شكل دفعة قوية لإعادة نشاطاتهم، غير أن استمرار وقف مهرجانات التسويق خيب آمالهم.
ويطالب عاملون بهذه المشاريع الإنتاجية بأن يتم إحياء المهرجانات الجرشية والمعروفة بـ “مهرجانات المونة و اللبنة وجراسيا والعنب”، والتي كانت تسوق المنتج الجرشي على مدار العام خاصة في هذه الفترة التي تتميز بها المحافظة بانتاج الأطعمة الموسمية والمونة التي تحتاجها معظم البيوت بالتزامن مع نشاط الحركة السياحية الداخلية والخارجية وبدء موسم العطل وعودة المغتربين.
وتعمل المطابخ الإنتاجية التي تتخذ من مطابخ المنازل مقرا لها على إعداد المربيات والمخللات والحلويات بمختلف أنواعها، فضلا عن إعداد أصناف متنوعة من المقبلات والسلطات التي تحرص آلاف الأسر على توفرها على موائد الطعام وتجهيز المونة المنزلية.
تقول صاحبة مطبخ إنتاجي أم عبدالله المزايدة، إن العمل عاد مجدداً وبشكل تدريجي خلال مرحلة التعافي من كورونا، وكانت الآمال معقودة على تعافي كلي مع بدء انطلاق المهرجانات الصيفية، إلا أن وقف وإلغاء هذه المهرجانات سيتسبب بنكسة جديدة للعاملين بالمطابخ الانتاجية مقدرة أن المهرجانات كانت تسوق قرابة 60 % من إنتاج مطبخها.
وبينت أن عملها يوفر دخلا شهريا ثابتا لأسرتها لا يقل عن 400 دينار، تعتمد عليه في تأمين مستلزمات أسرتها، كما ان مطبخها الانتاجي يوفر فرص عمل لأفراد أسرتها داخل المنزل، اضافة الى انه يوفر 3 فرص عمل اخرى لسيدات يساعدنها في العمل.
وتقول رئيسة جمعية سيدات جرش هبة زريقات إن المطابخ الإنتاجية من أهم وأنشط المشاريع الإنتاجية للأسر ذات الدخل المحدود وهي توفر الوقت والجهد للسيدات وتوفر دخلا مناسبا للأسر وخاصة الأسر التي تعمل في صناعة الألبان والأجبان والتي تعمل على تجهيز الصناعات الغذائية بمختلف أنواعها.
ووفق زريقات فإن مرحلة التعافي تسهل على السيدات تسويق المنتوجات على نطاق أوسع وشراء المواد الاساسية للازمة للطبخ، سيما وأن نشاط الحركة السياحية وبدء العطل الصيفية وموسم الزراعات الصيفية بمختلف أنواعها فرص لكل مطبخ إنتاجي لتعويض جزء من الخسائر التي منيت بها جراء التوقف عن العمل الفترة الماضية أثناء مكافحة فيروس كورونا.
وترى زريقات أن العمل ضمن المطابخ الإنتاجية من أهم المشاريع البسيطة التي تلجأ إليها المئات من الأسر في محافظة جرش، خاصة وأن المحافظة تتميز بصناعة الألبان ومنتوجاتها والزراعات المنزلية المختلفة وهذه الأعمال توفر مصدر رزق لربات المنزل ولبعض الأسر ذات الظروف الخاصة والاستثنائية والتي لا يوجد أي معيل لها.
وأوضحت زريقات أن من أهم أسباب استمرار وقف المهرجانات رغم أهميتها، أن جهات عديدة واغلبها جمعيات خيرية كانت قائمة على تنظيم المهرجانات وجدت نفسها بعد الجائحة غير قادرة على إقامة أي نشاطات بسبب تراجع أوضاعها.
تقول جميلة أبو ملحم صاحبة مطبخ إنتاجي في مدينة جرش، إن مرحلة التعافي ساهمت في تعويض جزء من خسائر هذه المطابخ التي سببتها جائحة كورونا، وانتعشت حركة البيع والشراء مع بدء فصل الصيف ما وفر فرص عمل إضافية لربات المنازل، معتبرة ان المرحلة المقبلة مهمة جدا لتعويض خسائر الجائحة وهو ما يتطلب البحث عن أي فرصة تسويقية ومن بينها مهرجانات التسوق.
وتتمثل المشاريع التي كانت تعمل فيها الأسر الصناعات الغذائية بمختلف انواعها من إنتاج المربيات والمخللات والأعشاب الطبية ومشتقات الألبان وإعداد الولائم في المناسبات وإنتاج المشغولات اليدوية والصابون بمختلف انواعه وتسويقها من خلال البازارات والمهرجانات والنشاطات والفعاليات الثقافية.
في ذات الخصوص، قالت احدى العاملات في مجال صناعة الصابون ومنتوجات العناية بالبشرة جومانا الكردي، إنها تمتهن هذه الصناعة منذ أكثر من 6 سنوات وتعتبر مصدر دخل مهم وحيوي لأسرتها التي يبلغ عددها 7 أفراد، معظمهم على مقاعد الدراسة الجامعية، وكانت تسوق منتجها في المهرجانات التي كانت تقام سنويا في محافظة جرش والفعاليات والنشاطات الثقافية المتنوعة، فضلا عن تسويقها داخل السوق الحرفي في الموقع الأثري.
وتابعت، أن عملها شبه متوقف حاليا باستثناء بيع كميات محدودة جدا لا تتجاوز بضعة دنانير شهريا لسكان العمارة التي تقطنها وسط مدينة جرش، بينما لم يكن دخلها الشهري يقل عن 300 دينار قبل جائحة كورونا وكانت تستعين بأيد عاملة لمساعدتها على إنتاج الكميات الكبيرة التي كانت تطلب منها بشكل يومي وخاصة في المناسبات والمهرجانات.
إلى ذلك، أوضحت رئيسة جمعية سيدات ساكب الريفية وعضو مجلس محافظة جرش دلال قردن أن الجمعية كانت تشغل عشرات السيدات في المشاريع الإنتاجية وتسويقها من خلال الفعاليات المتعددة في محافظة جرش فضلا عن المطابخ الإنتاجية التي كانت توفر عملا لعشرات السيدات من عضوات الجمعية وكان معظم العمل فيها في المناسبات الاجتماعية والمهرجانات ولزوار المواقع الأثرية وتوقفت هذه الفعاليات جميعها خلال الجائحة وتوقف عمل السيدات فيها.
وأكدت قردن أن عمل هذه الأسر بدأ بالانتعاش تدريجيا بعد تحسن السياحة وفتح القطاعات، فيما ستعتمد استمرار وتيرة الانتعاش على إقامة مهرجانات تسويقية وفعاليات مختلفة.
بدوره، قال رئيس اتحاد الجمعيات الخيرية في جرش زيد زبون إن معظم الجمعيات الخيرية في محافظة جرش يعتمد تشغيلها على الأسر المنتجة والتي تعمل فيها السيدات وتمتهن العمل في الصناعات الغذائية والحرفية والمهنية بمختلف أشكالها، معتبرا ان الأهم من مهن الانتاج هو تسويق المنتج.
واضاف أن فرص التسويق كانت متاحة في جرش وتتمثل في المهرجانات، وكانت متعددة منها المهرجانات الزراعية والمهرجانات الثقافية والمهرجانات التراثية، فضلا عن الفعاليات التي كانت تقام سنويا داخل الموقع الأثري والعمل في قطاع السياحة والمناسبات الاجتماعية بمختلف أشكالها، أما الآن فقد تسببت الجائحة في إيقاف عمل هذه الأسر وما زالت متوقفة نظرا للظروف الاقتصادية للمواطنين وإلغاء المهرجانات.
ويرى أن إنعاش هذه المهن التي تعتبر مصادر رزق حيوية لمئات الأسر الجرشية يتم من خلال إعادة إحياء المهرجانات وتسويق المنتوجات وأهمها مهرجان اللبنة ومهرجان المونة ومهرجان العنب ومهرجان جراسيا.

صابرين الطعيمات/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة