خربة المقاطع في عبين كنوز تاريخية تعود للعصور الرومانية والبيزنطية والإسلامية

=

إعداد / الباحث  الدكتور محمد أبو عبيله

 

تقع خربة المقاطع على مسافة (10كم) تقريباً شمال غرب مدينة عجلون، و(2كم) غرب قرية عبين، وإحداثيات الموقع حسب نظام التموضع الجغرافي ( الدرجات العشرية) (35.80100آ؛) شرقاً(32.37258آ؛) شمالاً، ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر (1134م).

 

ويحيط بموقع الخربة ارض زراعية صبة،كماتمتاز بقربها من عدد من المواقع الأثرية الهامة( خربة ستات، عفنا، عابدة، عبكل).

 

وتقدر المساحة الإجمالية للآثار المنتشرة على السطح 50 ألف متر مربع تغطي الأشجار الحرجية ما نسبته (70%) من المساحة الكلية وأشجارها عبارة عن أشجار البلوط، والسنديان، والبطم، ويتراوح أعمار هذه الأشجار ما بين ( 20-40سنه )

نبذة تاريخية :

طبقاً للقراءات السطحية والبقايا البنائية فانه يمكننا تأريخ الموقع للعصور الرومانية، والبيزنطية والإسلامية ( الأموي، الأيوبي، المملوكي، العثماني).

ومن آثارها البنائية الباقية أساسات لجدران أثرية متهدمة، وكهوف مقطوعة في الصخر استخدمت كمساكن في العصور الرومانية والبيزنطية وآبار جمع مياه الأمطار ومعاصر للعنب، وكنائس بيزنطية تضم أرضيات فسيفسائية ملونه تحوي كتابات يونانية بعض منها مؤرخ الى 482م ، وتعتبر أقدم فسيفساء مؤرخة في الأردن (Vanelderen 1972.73-75 )

 

وحظي الموقع بمسوحات وتحريات أثرية أجراها بعض الباحثين في القرن الماضي ومن هؤلاء الباحثين سيجفريد ميتمان ( Mittmann) عام 1970 الذي أجرى مسح شمل منطقة المقاطع ودير الليوس وعبين وعبلين وما حولهما

 

وأعاد الاستيطان للموقع طبقا لملتقطات السطح الفخارية للعصر البيزنطي Mittmann1970.72 site174 )

كما أجريت حفرية من قبل دائرة الآثار ما بين الأعوام ( 1970-1971) أسفرت الكشف عن كنيسة بيزنطية في الجزء الشرقي من الموقع أعقب ذلك دراسة لكتابة الإهداء باللغة اليونانية التي تزين أرضية الكنيسة من قبل الباحث فان الديرين( Vanelderen )

 

وتشير الدراسة التي نشرت في حولية دائرة الآثار الصادرة عام 1972بأن نقش فسيفساء المقاطع أقدم كتابة فسيفسائية مؤرخة في الأردن ويرجع تاريخها لعام 482م( Vanelderen 1972.73-75 )

 

كما أشار الى الموقع الباحث جاتيانو بالومبو في مسوحاته في وادي اليابس ( Palumbo etal 1990.102)، وما بين الأعوام 2005-2008 قامت الباحثة اياتا كوستا بمسح شمل منطقة المقاطع وما حولها وعملت على توثيق جميع الآثار السطحية الظاهرة.

 

واللافت للنظر أن الكتابة اليونانية التي تزين صحن الكنيسة كتبت بأحرف يونانية وبمكعبات من الفسيفساء السوداء على خلفية من المكعبات البيضاء وهي في غاية الروعة والجمال وسر جمالها وروعتها أنها ذات مدلولات دينية واجتماعية وإدارية ومن مدلولاتها على سبيل الذكر لا الحصر ورود أسماء عربية مثل اسم أيوب وأسماء المتبرعين من رجالات الدين وجمهور المؤمنين، وان الإدارة الكنسية المحلية هي التي أشرفت على التمويل والبناء وان التبرع الجماعي من قبل أهل القرية لإنشاء الأبنية الدينية كان مألوفا وهذا ما نلحظه في نص الكتابة التي عثر عليها وترجمته إلى العربية على النحو الآتي:

 

“ يسوع من نسل العذراء في عهد التقي أيوب الكاهن وبراخوس وماغنوس رجال الدين الأتقياء وماكيدونيوس الخادم رصفت الأرضية الفسيفسائية بترع من أهل القرية سنة 545 الاندكتي السادسة“ وبحسب كتابه الإهداء والتكريس يعود تأريخ الكنيسة إلى عام 482م ( القرن الخامس الميلادي) حسب التاريخ البومبيائي.

 

ومن هنا نلحظ أن الأرض الأردنية على وجه العموم ومحافظة عجلون على وجه الخصوص قد شهدتا خلال عصور ما قبل التاريخ والعصور التاريخية استقرار أنساني وازدهار اقتصادي ونشاط عمراني تجلى في البناء والعمران وهذا ما تؤكده المظاهر الأثرية في خربة المقاطع التي تعتبر واحدة من المواقع الأثرية الهامة في إقليمنا العزيز وستبقى بإذن الله نجوما متلألئة في سماء أردن أبا الحسين تشع بريق الحضارة والروائع والإبداع .

وكان وزير السياحة والاثار نايف الفايز خلال زيارته في شهر آذار الماضي لمنطقة المقاطع في عبين،  ورافقه فيها محافظ عجلون سلمان النجادا  والنائب الدكتور بلال المومني ورئيس بلدية الجنيد السابق فخري المومني ، بعمل دراسة لإقامة متنزه أثري بالمنطقة وذلك بالشراكة بين الوزارة ودائرة الآثار العامة والبلدية وبالتنسيق مع المحافظ

 

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة