دور النشر الأردنية “تترقب” معرض عمان الدولي للكتاب لتجاوز آثار “كورونا”

في ظل ما واجهته دور النشر الأردنية خلال جائحة كورونا من مضار ألحقت خسائر كبيرة من حيث التسويق والمشاركة محليا وعالميا.. هل يصبح معرض عمان الدولي للكتاب، فرصة لتدارك هذه المضار التي استمرت لما يقارب العامين، وتعويض نشاطاتها الإنتاجية والتسويقية؟
وضمن احتفالات المملكة بمئوية تأسيس الدولة الأردنية، تنطلق تحت الرعاية الملكية السامية، في 23 أيلول (سبتمبر) الحالي فعاليات المعرض في دورته الـ”20″، الذي يقيمه اتحاد الناشرين الأردنيين بالتعاون مع وزارة الثقافة، وأمانة عمان الكبرى.
وتشارك في المعرض، الذي تستمر فعالياته حتى الثاني من تشرين الأول المقبل في قاعة عمان الدولي للسيارات- طريق المطار؛ “350” دار نشر محلية وعربية ودولية من “21” دولة عربية وأجنبية، وهي “الأردن، وفلسطين، ولبنان، والسعودية، وقطر، والإمارات، وعُمان، والعراق، وسورية، والكويت، والمغرب، وتونس، ومصر، والسودان، وتركيا، وأميركا، وكندا، وبريطانيا، والهند، وإيطاليا، والصين”.
ورأى ناشرون أن إقامة معرض عمان للكتاب “منفس” لدور النشر لعرض كل ما هو جديد من منشوراتها، لافتين إلى أن إطلاق المعرض، ومشاركة عدد كبير من دور النشر العربية، بالتزامن مع فعاليات مهرجان جرش الفني الثقافي، سوف يعطي معرض الكتاب زخماً كبيراً وإقبالاً واسعاً من قبل الجمهور، داعين الجامعات ومؤسسات القطاع العام والخاص إلى الإقبال على المعرض واقتناء ما يحتاجونه من الكتب. في حين لفت البعض لضرورة عدم رفع سقف التوقعات.
ودعا مشاركون في المعرض إلى إبداع طرق ووسائل تسويقية ذات رؤية عالمية واستحداث منافذ حقيقية للتسويق من خلال دعم المؤسسات الرسمية لإنجاح المعرض، فهو بحاجة إلى دعم رسمي من قبل الدولة، خصوصاً مع الاحتفالات بمئوية الدولة، إذ سيتضمن البرنامج نشاطات وندوات ثقافية وتاريخية تتناول تاريخ الأردن في الفترة 1921-2021.
ودعا صاحب المؤسسة العربية للدراسات والنشر ماهر الكيالي إلى الحذر في التوقعات، لكنه في الوقت ذاته يتأمل مع عودة الحياة الطبيعية لزيادة عدد جمهور المعرض والاطلاع على إنتاج العامين الماضيين من العناوين الجديدة في مختلف المجالات، لافتاً إلى أن مشاركة عدد كبير من دور النشر العربية وتزامن إقامة مهرجان جرش الفني الثقافي، يعطيان زخماً لمعرض الكتاب، كما أن تزويد مكتبات الجامعات والمكتبات العامة، والشراء المتوقع من قبل الجهات الرسمية والجامعية، كفيل بزيادة فرص نجاح المعرض.
أما بخصوص وضع دور النشر، يقول الكيالي إنها تعاني “ضمورا” في نشاطاتها الإنتاجية والتسويقية بعد توقف إقامة معارض الكتب العربية أو تأجيلها بسبب أوضاع كورونا الصحية والقيود التي فرضتها الدول على حركة انتقال الأفراد، لافتاً إلى أن المعارض “رئة” لدور النشر تتنفس من خلالها وتعرض الجديد من منشوراتها وتحصل عمليات تفاعل مع قنوات التوزيع والمؤلفين، وهي وسيلتها للالتقاء بالقارئ وإطلاعه على الجديد.
ومن هنا، ينعكس توقف إقامة المعارض بشكل سلبي على حركة النشر المحلية والعربية، فيحصل تراجع في نشر عدد من العناوين الجديدة أو إعادة طباعة ما ينفد منها كما يحصل نتيجة ضمور السوق تراجع في طباعة كميات من العنوان نفسه. من هنا نشطت طباعة Print on Demand أي حسب الطلب لطباعة 200 نسخة من العنوان فقط.
ويرى مدير دار الآن ناشرون د. زياد الزعبي في إقامة معرض عمان “إنجازاً بعد انقطاع عامين”، مشيراً إلى أن الناشر الأردني لا يعول كثيراً على بيع الجمهور، لكن تعول دور النشر على المؤسسات التي يمكن أن تقتني الكتب مثل الجامعات والمكتبات العامة، وفي العادة يكون إقبالها ضعيفاً بسبب قلة المخصصات التي ترصدها لاقتناء الكتب.
كما يعول الناشر على صفقات بيع وتبادل مع موزعين من الدول العربية الأخرى، وفي كل الأحوال لا يستطيع الناشر التخلف عن المشاركة، لأن “فشل أي معرض عربي للكتاب هو كارثة للناشرين ولصناعة الكتاب وللقارئ”، مضيفا “أتوقع نجاحاً نسبياً للمعرض في ظل الظروف التي أشرت إليها”.
أما بخصوص وضع دور النشر، فينوه الزعبي إلى أنها عانت كثيراً طيلة عامين من أزمة كورونا، وصنف قطاع النشر ضمن القطاعات الأكثر تضرراً في الأردن، وهو بأمس الحاجة للدعم الحكومي ومن مؤسسات الدولة على تنوعها. وعلى وسائل الإعلام أن تقف إلى جانب الناشرين وتسلط كثيراً الأضواء على الاهتمام بالمعرض وكذلك تشجيع المواطنين على زيارته.
ويأمل صاحب دار اليازوري للنشر والتوزيع أحمد اليازوري، بنجاح معرض عمان الدولي في دورته الحالية، خصوصاً مع هذه الظروف الصعبة، متوقعا أن يحقق المعرض الحد الأدنى من الأهداف المرجوة للإخوة الناشرين العرب.
ويشير اليازوري، وهو مقرر اللجنة الثقافية، إلى أن البرنامج الثقافي في هذه الدورة متواضع؛ حيث لم يدعَ للمشاركة فيه أي جهة من خارج الأردن كما كانت العادة، وأبرز نشاطاته الندوات الثقافية والتاريخية المعنية بمئوية الأردن، ونشرات ثقافية أخرى، وكما يقول: “هذا معرضنا وعلينا المحافظة على إقامته ودعمه”.
وحول وضع دور النشر الآن، يرى اليازوري أن صناعة النشر تمر بظروف صعبة بسبب جائحة كورونا وبعض الدور أغلقت لهذا السبب، وما تزال حركة النشر والتوزيع شبه مشلولة، كما يقول: “إن العامين الماضيين يعدان ضربة قاضية في صناعة النشر والقادم ربما أصعب ما دامت الجهات المعنية في الأردن وكذلك عربيا، تبدي حالة من “اللامبالاة”، وباختصار صناعة النشر العربية الورقية تحتضر”.
صاحب دار دجلة للنشر والتوزيع محمد الوحش، يجد أنه ورغم عدم إقامة معرض عمان الدولي العام الماضي، إلا أنه يتقدم بخطوات واسعة وأصبحت له مكانة مرموقة على الصعيدين الداخلي والخارجي، ويعد ملاذا لمثقفي المنطقة في غرب آسيا، ورغم وجوب التقيد بالبروتوكول الصحي، إلا أن الاستعدادات على قدم وساق، والهيئة الإدارية لاتحاد الناشرين الأردنيين، وبالتعاون مع وزارة الثقافة وأمانة عمان، لا يكلّون جهداً في تذليل أي عقبات لإنجاح المعرض، تزامنا مع إقامة فعاليات مهرجان جرش، وبالتالي كل المؤشرات تدل على نجاحه.
ويلفت الوحش إلى أن دور النشر الأردنية ترقب بحذر القادم، فما تزال تداعيات كورونا ظاهرة للعيان، إلا أن الناشر الأردني مصمم على المضي للأمام بقوة، وبالتالي قام الزملاء ووفق الأنظمة والتعليمات الناظمة لعملية النشر بالحصول على أرقام الإيداع لإصداراتهم الجديدة من المكتبة الوطنية “ذاكرة الوطن”، وطبعوا العديد من الكتب الجديدة التي ترفد المكتبة العربية بكل جديد من مختلف العلوم. ويتأمل تجاوز العام الماضي بخيباته الكبيرة والانطلاق من جديد، خصوصا وأن العديد من المعارض في الوطن العربي ألغيت وتراجعت ميزانيات الشراء في الجامعات “لتلحق بنا بعد ذلك جائحة كورونا وتوصلنا إلى حافة الهاوية”.
مدير عام دار يافا وائل عبد ربه، رئيس لجنة التسويق لمعرض عمان، يبين أن التواصل جار مع الجامعات للشراء من المعرض، حيث إنها لم تشترِ منذ سنتين لظروف كورونا، كذلك تم الاتفاق مع الأمانة على أن تقوم بالشراء من جميع الناشرين وتخصيص ميزانية لذلك، وقد “خصصنا فنادق وشقق بأسعار زهيدة للناشرين العرب لا تتعدى “30” دولاراً للشخصين”، فالجمهور متعطش للكتب الجديدة بعد كورونا، وسيكون هناك خصومات كبيرة من قبل الناشرين.
أما بالنسبة لحال دور النشر الأردنية في الوقت الحالي، فهي كما يقول “تمر بمرحلة من الهبوط الحاد”، وذلك لإلغاء أغلبية المعارض كما أغلقت الجامعات.
صاحب دار فضاءات للنشر والتوزيع جهاد أبو حشيش، يقول “في ظل ما يعيشه سوق الكتاب من انحسار، يستلزم علينا إبداع طرق ووسائل تتساوق مع الرؤى العالمية التي تسعى إلى استحداث منافذ حقيقية للتسويق من خلال دعم المؤسسات الرسمية، لافتاً إلى أن معرض عمان الدولي مثله مثل المعارض العربية عامة، لا يمكن أن يحقق نجاحات قوية إلا في حال كان هناك توجه حقيقي ورسمي لدعم المعرض.
ويضيف أبو حشيش أن البيع الفردي عادة لا يشكل ما نسبته 4 % من المبيع الكلي، وهذا لا يغطي حتى مصاريف الناشرين، “لكننا على أمل بأن يحقق هذا المعرض ما هو أفضل”.
أما بخصوص وضع دور النشر الآن، فيشير أبو حشيش إلى أن قطاع النشر في الأردن يواجه تحديات كبيرة وهناك معوقات كثيرة توضع في طريق عودته إلى التعافي، ناهيك عن توجه الكثير من الجامعات إلى الاعتماد على الكتاب الإلكتروني، ما سيؤثر سلباً في الناشر والقارئ والكاتب معاً. “نحن نحارب فعلاً كناشرين من أجل البقاء ونأمل بأن نكسب الحرب، وليس سراً أننا نحارب وحدنا في ظل عدم وجود برامج داعمة لدى المؤسسة الرسمية لهذا القطاع”.
ويتحدث صاحب دار أسامة للنشر والتوزيع نبيل أبو حلتم، أن معرض عمّان يقام هذا العام في ظروف استثنائية بسبب هذا الوباء، ولذا: “أخشى أن يكون الخوف من الإصابة هو الذي يتحكم في حضور الجمهور والمؤسسات من زيارة المعرض، فإذا تم تخطي هذا الخوف فالمعرض سوف يحقق النتائج المرجوة منه، أما إذا تحكمت عقدة الخوف بعقلية الجمهور، فالنتائج وللأسف ستكون سلبية، والمطلوب من الجهات الحكومية دعم هذا المعرض بالشراء من دور النشر وخاصة الأردنية”.
أما بخصوص وضع الناشرين، فيذهب أبو حلتم إلى أن الناشر الأردني والعربي يمر بأزمة مالية خانقة، وصناعة النشر كباقي الصناعات التي تأثرت سلباً بهذا الوباء، وهي تحتاج لوقت طويل للتعافي، وخاصة إذا بقيت المعارض العربية مغلقة أمام الناشر الأردني الذي يعتمد اعتماداً كبيراً في توزيع إنتاجه من خلال هذه المعارض.

عزيزة علي/الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة