سياحة “ذوي الإعاقة” بعجلون وجرش.. آمال منشودة لحقوق مفقودة

=

 تتكرر الدعوات بين حين وآخر، مطالبة بضرورة تأهيل المواقع السياحية والأثرية، لاسيما في المناطق ذات الطبيعة الوعرة، كمناطق عجلون وجرش، لتسهيل عملية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، وحتى من كبار السن والمرضى إلى جميع المنشآت السياحية وتلك المواقع، والتمتع كغيرهم بزيارتها، باعتباره حقا من حقوقهم الأساسية.

رئيس اتحاد جمعيات ذوي الإعاقة في عجلون، ورئيس جمعية صلاح الدين، عبدالهادي انجادات، أكد أن  تأهيل المواقع السياحية والأثرية بما يتلاءم واحتياجات ذوي الإعاقة، يعد مطلبا مهما، فهو يساعدهم في عملية إدماج هذه الفئة، والتسهيل عليهم لممارسة حقهم بالتمتع بزيارة تلك المواقع من دون أن تواجههم أي معاناة.

وقال إنه تم عرض هذا المطلب في أكثر من مناسبة أمام الجهات المعنية، معربا عن أمله بأن يتم في المستقبل القريب العمل على تحقيقه بما يسهل على ذوي الإعاقة من زيارة المواقع الأثرية والسياحية في عجلون من دون أن تكون هناك أي معاناة على أهاليهم.
وزاد أنه من الضروري ضمان حق الأشخاص ذوي الإعاقة في السياحة والتمتع كغيرهم عند وضع مخططات المشاريع وتهيئة الظروف والبيئة المناسبة لهم لتمكينهم من هذا الحق، لافتا إلى أن استثمار السياحة للأشخاص ذوي الإعاقة سيكون لها مردود اقتصادي، ليس محليا فقط بل عالميا.
ووفق تقديرات عالمية فإن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم يتجاوز 180 مليون سائح إلى جانب مئات الملايين من السياح كبار السن.
ويقول رئيس جمعية كفرنجة للتربية الخاصة، مصطفى فريحات، إن مسألة تأهيل المواقع السياحية والأثرية تعد أبرز مطالبهم واحتياجاتهم التي نص عليها القانون، وبما يساعد على إشراكهم بجميع المجالات التي تنمي قدراتهم ومواهبهم المتنوعة، لافتا إلى أن قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أكد على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الثقافة والترويح والسياحة وألزم الجهات المعنية بضرورة تهيئة الأماكن السياحية والمواقع الأثرية.
وطالب نبيل الصمادي، بلدية عجلون الكبرى بضرورة توفير حديقة عامة تكون مؤهلة لخدمة كبار السن وذوي والإعاقة الخاصة.
وكانت ورقة سياسات أعدها معهد غرب آسيا وشمال أفريقيا قبل عامين، حول تهيئة الأماكن السياحية والأثرية للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية والبصرية في محافظة عجلون، وتحديدا، قلعة عجلون وموقع مار إلياس، بينت أن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة تبلغ 11.2 % من مجمل السكان الأردنيين ممن أعمارهم من 5 سنوات فأكثر، بحيث كانت الإعاقة البصرية الأكثر انتشارا وتلتها الإعاقة الحركية، لافتة إلى وجود دعوات حقوقية تجاه هذه الفئات، وضرورة حقهم بالوصول إلى الأماكن السياحية، وإعادة النظر في مدى تهيئة الأماكن السياحية بما يتناسب مع احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة من دون المساس بهوية المعالم الأثرية،  لاسيما وأن غالبية تلك الأماكن تعاني من قصور وقلة الإمكانات التي تحتاجها تلك الفئة، وتحديدا الحركية والبصرية، ما زاد من صعوبة اصطحابهم من قبل ذويهم، ويجعلهم حبيسي المنازل.
وأكد الباحثون، أن الورقة جاءت بهدف دراسة واقع الأماكن السياحية والأثرية في عجلون، وتحديدا قلعة عجلون وتل مار إلياس، ومدى تهيئتهما بما يتناسب واحتياجات هذه الفئة، وتقديم عدد من التوصيات لصناع القرار والجهات ذات العلاقة، بما يضمن تهيئة الأماكن السياحية لذوي الإعاقة لتمتعهم بأحد حقوقهم بالوصول للمواقع السياحية والأثرية.
وأكد رئيس بلدية عجلون الكبرى حمزة الزغول، أن البلدية تولي هذه الفئة كل الاهتمام، مؤكدا أنه يتم خدمتهم عبر تجهيز المرافق العامة والحدائق المخصصة لهم وتوفير الممرات الخاصة، وإشراكهم بالمشاريع التنموية مثل مشروع سوق ريف عجلون، الذي تم تخصيص نسبة 2 % من العاملين فيه من ذوي الإعاقة الخاصة.
ويؤكد مدير سياحة المحافظة فراس الخطاطبة، أن وزارة السياحة تولي ذوي الإعاقة وكبار السن رعاية خاصة في سبيل تيسير زيارتهم للمواقع الأثرية والسياحية، لافتا إلى وجود تنسيق مع المجلس الأعلى لذوي الإعاقة وزيارة مرتقبة، بهدف بحث آليات تقديم المزيد من الخدمات خلال الفترة القادمة، لاسيما وأن محافظة عجلون ذات طبيعة وعرة.
وبين أن مركز الزوار وموقع مار إلياس وساحات قلعة عجلون والتلفريك، مؤهلة حاليا لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، لافتا لوجود 3 عربات تقوم بنقلهم من مركز الزوار إلى ساحات قلعة عجلون، بانتظار إيجاد الحلول لضمان وصولهم إلى داخل القلعة والتجول بمرافقها المختلفة.
وكان الأمين العام لوزارة السياحة والآثار الدكتور عماد حجازين قد أكد في تصريحات صحفية سابقة أن الوزارة بالتعاون مع المجلس تعمل بشكل جاهد للبدء بالعمل على تهيئة المواقع والمنشآت السياحية لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوفير تجربة سياحية متكاملة لهم، وذلك من خلال خطة عمل إجرائية تتضمن مجموعة من المحاور منها محور التشريعات، والتدريب، والتوعية، وتأهيل المواقع السياحية، بالإضافة إلى تضمين قانون السياحة لسنة 2023 نصوصا تشريعية لضمان توفير متطلبات الوصول والترتيبات التيسيرية للأشخاص ذوي الإعاقة.
وفي تصريح مماثل لوسائل إعلامية، أكد مدير عام دائرة الآثار العامة الدكتور فادي بلعاوي أن الدائرة بدأت العمل بالتعاون مع المجلس على تهيئة العديد من الأماكن السياحية، كموقع مار إلياس في محافظة عجلون، وجبل القلعة بالعاصمة إضافة لموقع المغطس في البلقاء، وخربة الدير بمدينة الفحيص، ومتحف الأردن وغيرهم، مبينا أن الدائرة تعمل حاليا على إعداد خطة لتأهيل 15 موقعا أثريا جديدا بتمويل من البنك الدولي لتضمينها متطلبات التهيئة للأشخاص ذوي الإعاقة ضمن هذه الخطة.
بالانتقال إلى جرش فإن الواقع لا يبدو مختلفا، إذ ما تزال المواقع السياحية والأثرية ومرافق التنزه عصية على ذوي الإعاقة من أبناء محافظة جرش والزوار من مختلف المحافظات الأخرى، لاسيما وأنها غير مجهزة بمرافق تتناسب مع طبيعة إعاقتهم ولا يستطيعون دخولها أو حضور الفعاليات التي تقام بها خاصة مدينة جرش الأثرية باستثناء الدخول بصعوبة إلى الساحة الرئيسة وبعض المرافق المحدودة.
وتكمن أهمية هذه المواقع في مساهتمها في تحسين الحالة النفسية لهذه الفئة من المجتمع، خاصة وأن الحالة النفسية تنعكس على صحته الجسدية بشكل مباشر وهم بأمس الحاجة لزيارة المواقع السياحية والأثرية التي تتميز بها محافظة جرش وحاجتهم إلى الدخول إلى المتنزهات والحدائق.
ويروي اشخاص من ذوي الإعاقة الحركية تجارب سابقة لهم انتهت بالفشل أثناء محاولتهم زيارة أحد المواقع الأثرية، وهو ما شكل لديهم حالة من الإحباط وسط مطالب بضرورة الانتباه لأحد حقوقهم القانونية.
يقول منذر العياصرة، إنه حاول عدة مرات الدخول إلى مدينة جرش الأثرية وحضور فعاليات مهرجان جرش، إلا أنه لم ينجح في ذلك، كون المدرجات والمواقع التي تقام فيها الفعاليات غير مجهزة بمرافق تتناسب مع إعاقته، باستثناء ممر صغير لدخول المدينة الأثرية والبقاء في الساحة الرئيسة، بعد مشقة الوصول إلى الساحة بمساعدة الحضور من خلاله حمله.
ويتمنى العياصرة أن يتمكن من زيارة العديد من المواقع الأثرية منها السوق العتيق والبركتين وقصر الباشا والدخول غلى المدرجات وحضور الفعاليات كغيره من الحضور ولكن لا يمكن ذلك مع صعوبة الوصول، عدا عن صعوبة الوصول إلى الحدائق العامة ومدينة الألعاب والمولات والأسواق فكل منشأة فيها ما يعيق تحركه رغم أهمية توفر هذه المرافق لخدمتهم.
وأوضح أن الغابات والمحميات الطبيعية كذلك لا يمكن الوصول إليها والاستمتاع فيها رغم قربها من قرى وبلدات محافظة جرش كون ذات طبيعة وعرة وتعيق حركتهم، وقد تشكل خطرا عليهم ولا يمكنهم المغامرة وزيارتها باستثناء المرور بجانبها بواسطة السيارة.
وتتفق شفاء بني عمر مع العياصرة في أن أصحاب ذوي الإعاقة محرومون من الاستمتاع والاستفادة من الميزات السياحية في محافظة جرش كون المرافق الموجودة لا تخدمهم ولا توفر أي معدات أو مستلزمات تساعدهم على زيارتها.
وأضافت أنها تتمنى حضور فعاليات مهرجان جرش أو فعاليات العديد من المهرجانات والفعاليات التي تقام في مدينة جرش الأثرية أو زيارة الحدائق ومواقع التنزه، ولكن لا يمكنها ذلك بسبب إعاقتها الحركية.
في جرش لا تتوقف معاناة ذوي الإعاقة عند حد زيارة المرافق والمنشآت السياحية، إذ إن غالبية المرافق الخاصة والعامة غير مؤهلة لاستقبال أشخاص من ذوي الإعاقة الحركية.
وتؤكد عضو مجلس المحافظة ورئيسة جمعية سيدات قفقفا الخيرية فاطمة عراعرة، أن هذه الفئة من خلال متابعتها والدراسات التي نفذتها حول أوضاعها واحتياجاتها في محافظة جرش، ما زال أصحابها غير قادرين على اندماجهم الصحيح في المدارس، ولا تتوفر لهم أي مرافق تتناسب مع قدراتهم واحتياجتهم.
وأوضحت أنها ترعى ما يقارب 23 طفلا من ذوي الاحتياجات الخاصة في القرى التابعة لبلدية النسيم من خلال مركز خدمة اجتماعية تتناسب مع قدراتهم واحتياجاتهم، مع العلم أن المنطقة يتوفر فيها أكثر من 70 طفلا بحاجة إلى هذه الخدمات الأساسية، إلا أن الإمكانيات المتوفرة محدودة ولا تسمح بتوسيع خدمات المركز.
وترى أن ذوي الإعاقة في محافظة جرش لا يتلقون فرص التعلم والترفيه وبرامج التوظيف كما يجب، وهم محرومون كذلك من توفر المرافق التي تخدمهم في الأماكن والمؤسسات العامة، وأقلها ممرات خاصة بهم.
وأوضح رئيس جمعية روابي جرش الخيرية عادل النظامي أن فئة ذوي الإعاقة في جرش من الفئات التي تعاني أثناء اضطرارها زيارة المرافق والمؤسسات العامة، وأبرزها المدارس والمؤسسات الحكومية والمولات والأسواق والحدائق وكافة المواقع السياحية كونها ما زالت غير مجهزة لخدمة هذه الفئات ولا تتناسب مع احتياجاتهم، ما يزيد من معاناتهم مع قلة المراكز الخاصة التي ترعي احتياجاتهم وتطور من مهارتهم، إذ إن عددهم كبير والمراكز عددها وقدرتها الاستيعابية محدودة.
بدروه، قال مدير تنمية جرش محمد جلابنة إن جرش فيها مركز لذوي الإعاقة الخاصة وهو يستقبل الحالات الشديدة والمتوسطة والبسيطة من مختلف أنحاء الممكلة وفيها مركز جديد حديث البناء سيتم افتتاحه خلال الأشهر القليلة المقبلة ويستوعب 50 حالة.

عامر خطاطبة وصابرين طعيمات/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة