سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ / د. فخري بني نصر

وردت كلمة السحت في القران الكريم في سورتي المائدة وطه وفي الآيات التالية :
– قال تعالى : (وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت ۚ لبئس ما كانوا يعملون) المائدة 62
– قال تعالى: (لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت ۚ لبئس ما كانوا يصنعون )63 المائدة
– قال تعالى : (سماعون للكذب أكالون للسحت ۚ فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ۖ وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا ۖ وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ۚ إن الله يحب المقسطين) المائدة 42
– قال تعالى : ﴿ قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ﴾
[ طه61
– السُحت في اللغة: كلّ حرامٍ قبيح الذكر؛ وقيل السُّحت: كلّ ما خَبُثَ من المكاسب وحَرُم، فلَزِم عنه العار، وقبيح الذكر، مثل: ثمن الكلب والخمر والخنزير، وجمعه: أسحاتٌ، يُقال: قد أسحت الرجل؛ إذا وقع الرجل في السحت، والسُحت؛ الحرام الذي لا يحلّ كسبه؛ وذلك لأنّه يسحت البركة؛ أي يُذهبها، يُقال: أسحتت تجارته؛ أي خبُثت وحرُمت.
– السُحت في الاصطلاح: كلّ مالٍ حرام لا يحلّ كسبه ولا يحلّ أكله، وسمي السحت بذلك لأنّه يسحت الطاعات؛ أي يذهبها. والسحت هو أكل الحرام ويطلق على كل أنواع الكسب غير المشروع ويعني الهلاك والبلاء.”
أنواع السحت
1- الرشوة تُعرّف الرشوة عند الفقهاء بأنّها: ما يُعطى من المال لإبطال حقٍ أو لإحقاق باطلٍ، وقد وقع إجماع الفقهاء على حُرمته، وأنّه يؤدي بصاحبه إلى درجة الكفر إذا فعلها مستحلّاً لها، والدليل على ذلك قول الله تعالى: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ)، وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا يَدْخُلُ الجنةَ لحمٌ نبت من السُّحْتِ، وكلُّ لحمِ نبت من السُّحتِ؛ كانتِ النارُ أوْلَى به).
2- مهر البغي ويُراد به ما تأخذه الزانية مقابل الزنا، وقد أُطلق عليه مهراً من باب المجاز، حيث اتفق الفقهاء على حرمته؛ وذلك لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ مهرَ البَغِيِّ وثمنَ الكلبِ والسِّنَّورِ وكسبَ الحجَّامِ من السُّحتِ).
3- مال الكاهن والعراف ويُراد به ما يأخذه الكاهن او العراف مقابل إخباره عمّا سيكون، ومطالعة الغيب حسب زعمه.
4- مال الساحر والذين يكتبون الحجب ويُراد به ما يأخذه الساحر او الحجاب مقابل عمليات السحر التي يقومون بها .
5- ثمن الكلب والخنزير والخمر والمخدرات والاصنام وما شابهها اتفق الفقهاء على حرمتها .وذلك لما رواه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه : (أنّه سمِع رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يقولُ عامَ الفتحِ، وهو بمكةَ: (إنَّ اللهَ ورسولَه حرَّم بيعَ الخمرِ والمَيتةِ والخِنزيرِ، والأصنامِ).
6- ما أُخذ بالحياء فمن أنواع السحت ما أخذ بالحياء وليس عن طيب نفسٍ من الشخص؛ ومثال ذلك: من يطلب من غيره مالاً بحضرة الناس فيدفع إليه الشخص المال بباعث الحياء والقهر.
7- ما أُخذ بالقوة والغضب (البلطجة )فمن أنواع السحت ما أخذ بالبلطجة والقوة والخاوات على المحلات التجارية .
8- المال الناتج عن الزيادة الطفيفة او النقص القليل في عمليات البيع والشراء .
9- الكسب الحرام الناتج عن الربا والسرقة الموافقة للقانون والفساد والاستغلال والغش.
10- المال الناتج عن عمليات شراء الاصوات في الانتخابات بشكل عام .
11- المال الناتج عن الكسب غير مشروع حسب الاحكام الشريعة الاسلامية .
اضرار السحت
السحت او مال الحرام له اضرار كثير نذكر منها :
1- يُورث في صاحبه ظلمة القلب، وكسل الجوارح عن أداء الطاعة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّهُ لا يربو لحمٌ نبتَ من سحتٍ إلَّا كانتِ النَّارُ أولى بِهِ).
2- يغضب الجبار ويدخول النار؛ فالكسب الحرام (السحت ) يستوجب لصاحبه غضب الله تعالى، ودخول النار، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من اقتطع حقَّ امرئٍ مسلمٍ بيمينِه، فقد أوجب اللهُ له النارَ، وحرم عليه الجنةَ، فقال له رجلٌ: وإن كان شيئاً يسيراً، يا رسولَ اللهِ؟ قال: وإن قضيباً من أراكٍ).
3- عدم قبول الدعاء؛ فالكسب الحرام سببٌ من أسباب عدم قبول الدعاء واستجابته.
4- عدم قبول العمل الصالح؛ فالكسب الحرام سبب من أسباب عدم قبول العمل.
5- عدم التوفيق في الدنيا وكثرة المشاكل التي تصاحبه .
6- عدم الاستقرار النفسي والبدني وكثرة الامراض التي تصاحبه
وقد برز اشكال حديثة لسحت مثل عدم الوفاء بالوعود والكذب على الناس وتزوير الحقائق وشراء الذمم والنفوس والنفاق والوقوف مع القوي وتسمية الاشياء بغير مسمياتها مثل تجميل كلمة الرشوة بتسميات مختلفة مثل “الهدايا” و”الإكراميات” و”العمولة” و”مقابل الاستشارة” و”العمل بأجر” لدى الراشي، وغير ذلك من الحيل.

التعليقات

  1. رسمي الزغول يقول

    زادكم الله علما نافعا

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة