عجلون.. مطالب بتكثيف الدعم لزراعات تتكيف مع تغيرات المناخ
عجلون- تزداد التحديات التي يفرضها التغير المناخي على الزراعات التقليلية في عجلون، وسط دعوات لتحسين الممارسات الزراعية في محافظة عجلون، واستثمارها كفرصة لمواجهة مستجدات المناخ، حيث يؤكد معنيون أهمية تكثيف دعم التوجه لإيجاد زراعات بديلة عن التقليدية، والتشجيع على الزراعات الحديثة وتمويلها.
ويؤكد هؤلاء، أن على الجهات الرسمية والمانحة والداعمة، العمل على برامج تدريبية وتأهيلية لمساعدة وتحفيز المزارعين في المحافظة، للتحول والتركيز على أنواع من الزراعات التي تتكيف وتراعي مستجدات وتغيرات المناخ التي بات تأثيرها يزداد على زراعاتهم التقليدية.
ومن بين أبرز الزراعات الحديثة، نباتات كالخزامى “اللافندر” التي تستغل لاستخراج الزيوت العطرية، بالإضافة إلى أشجار فاكهة استوائية كالمانجا والبابايا والقشطة التي يباع المستورد منها بأسعار باهظة.
ومن وجهة نظر الخبير البيئي المهندس خالد عنانزة، فإن “المناطق الجبلية بدأت تتعرض للعديد من المخاطر الطبيعية التي أصبحت تهدد نظمها البيئية ومكوناتها وعناصرها، وهي ترجع للتغير المناخي، وما ينجم عنه من ارتفاع درجة الحرارة، وانخفاض كميات الأمطار، وتأخر الموسم المطري، إضافة إلى العوامل البشرية التي يمكن أن تؤثر في تدمير الموائل الطبيعية للنباتات والحيوانات البرية، كالتعدي على الغابات والتحطيب الجائر والحرائق، وكذلك امتداد النمو العمراني على حساب الأراضي الزراعية، ما يؤدي إلى زيادة الجريان السطحي لمياه الأمطار وانخفاض كميات التسرب إلى باطن الأرض، وتسببه بزيادة انجراف التربة وتراجع نسب الرطوبة التي يعتمد عليها النبات في نموه”.
أما المهندس الزراعي سامي فريحات، فيؤكد، من جهته “أن التغيرات المناخية تلقي بآثارها السلبية على العديد من أنواع الزراعات التقليدية في المحافظة، وأنه بدأ يرصد بشكل متزايد منذ مواسم عدة آثارا سلبية على الزراعات نتيجة التغير بالأجواء المناخية، ما يستدعي البحث عن حلول واقعية وفاعلة للمشكلة”.
ويقول المزارع أبو عدي عنانبة “إن هذا التوجه بالتحول بأنواع الزراعات من التقليدية إلى الحديثة، بدا واضحا من خلال الدعم الذي وفرته جهات مانحة العام الماضي للعشرات من صغار المزارعين في المحافظة، بهدف تأسيس مشاريعهم الحديثة التي تدربوا عليها، ويستطيعون من خلالها تجاوز مشكلة التحول في الظروف المناخية، وتضمن لهم زراعات تستطيع التكيف، وتحقق مردودا جيدا”، داعيا في الوقت ذاته إلى تعميم هذه التجارب على أكبر عدد ممكن من المزارعين في المحافظة.
وأكد عنانبة “أن أصحاب مزارع كثيرة بدأوا يلاحظون منذ مواسم عدة أن أشجارهم والثمار تتضرر كثيرا جراء ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الأمراض والفطريات التي أخذت تفتك بالأشجار بسبب تقلبات الطقس، الأمر الذي أدى لإتلاف الثمار وألحق بهم خسائر كبيرة”، لافتا إلى “كلف كبيرة يتكبدونها تتعلق بالرش وتوفير الأسمدة، ما يتسبب بخسائر كبيرة لهم، ما جعلهم على استعداد تام في حال توفير الدعم والتدريب لهم، للتحول من الزراعات التقليدية إلى الزراعات الحديثة بأنواعها”.
وبحسب الخبير المائي الدكتور ثابت المومني، فإن “التغيرات المناخية العديدة، كتقلبات الطقس، والتباين المفاجئ بدرجات الحرارة، والرياح الشديدة، وتساقط البرد والأمطار الغزيرة في غير وقتها، وأثناء بداية الأزهار، ومع تراجع معدلاتها السنوية وسوء توزيعها خلال الموسم، وتسببها بانجراف الأتربة، بدأت تؤثر على كثير من أنواع الزراعات التقليدية من حيث تضرر ثمارها وتدني إنتاجها، وانتشار أنواع من الآفات والفطريات المقاومة للمبيدات”.
وأكد المومني “أهمية اتخاذ إجراءات احترازية أو تغيير الأنماط الزراعية على المديين المتوسط والبعيد، بحيث تبدأ بتكثيف برامج التوعية والإرشاد العلمي للمزارعين، وزيادة الدعم لهم، واختيار أنواع من الزراعات الأكثر ملاءمة للتكيف مع هذه التغيرات المناخية، وتعزيز الرقابة والحفاظ على عناصر البيئة والتنوع الحيوي”.
بدوره، يقول رئيس قسم الثروة النباتية في مديرية زراعة عجلون، المهندس معاوية عناب “إن تغير المناخ يؤثر على الزراعة، إذ يؤدي إلى التغيرات في معدلات الحرارة، وهطل الأمطار، وحدوث التقلبات المناخية الشديدة كموجات الحر، وفي الآفات والأمراض وفي الجودة الغذائية وكميات الإنتاج، ما يستدعي البحث عن أنماط زراعية حديثة ومقاومة للتغيرات”.
وأكدت مصادر في مديرية زراعة المحافظة “أهمية التوسع وتعميم مثل هذه المشاريع، التي تأتي ترجمة للرؤية الملكية السامية في تعزيز التنمية والإدارة ومساعدة فئات المزارعين من خلال توفير التدريب والتأهيل ومنح القروض”، مشيرة إلى أن المرحلة الحالية تحتاج لتكاتف الجهود، للنهوض بالمستوى الاقتصادي والتنمية الشمولية في المحافظة.
وأوضحت المصادر، أن الكثير من الزراعات التقليدية والأشجار المثمرة قد تأثرت سلبا وبنسب متفاوتة بتقلبات الطقس، كانخفاض الحرارة وارتفاعها، وتساقط البرد وهبوب الرياح الشديدة، مؤكدة أن مديرية الزراعة تدعم التوجهات الساعية للتحول إلى زراعات حديثة، أثبتت نجاحها في عدد من المزارع في المحافظة، التي تضم نباتات كالخزامى لاستخراج الزيوت العطرية، وأشجار فاكهة استوائية كالمانجا والبابايا والقشطة التي يباع المستورد منها بأسعار باهظة.
يذكر أنه تم العام الماضي توقيع 60 اتفاقية مع مزارعين رياديين في المحافظة، ضمن مشروع دعم الخدمات الزراعية وصغار المزارعين (JHF)، الذي تنفذه وزارة الزراعة بالشراكة مع المركز الوطني للبحوث الزراعية والمؤسسة التعاونية الأردنية ومؤسسة الإقراض الزراعي، بتمويل من سفارة مملكة هولندا بالأردن من قبل تحالف يضم منظمة “ميرسي كور” وجامعة فاغنجن الهولندية وشركة “أدفانس كونسلتينغ”.
وكان من المخطط أن يقدم المشروع خدماته إلى 5 آلاف من صغار المزارعين في محافظات البلقاء وإربد وعجلون، وتوفير 500 قرض حسن من دون فائدة، و100 منحة لصغار المزارعين.
وأكد المسؤولون حينها، أن إطلاق هذا المشروع يأتي ضمن الخطط والاستراتيجيات الزراعية الاقتصادية التي تعزز من دور المزارع الأردني وصغار المزارعين ضمن الفئات المستهدفة في ظل التغيير المناخي الذي نشهده حاليا لتحسين الممارسات الزراعية.
وبينوا أنه سيتم خلال المشروع منح قروض بقيمة 5 آلاف دينار من دون فوائد للمزارعين المدربين والمؤهلين من خلال الشركة، بهدف تحسين مستوى الممارسة الزراعية لدى المزارع لزيادة الإنتاجية من خلال التقنيات الحديثة التي تناسب المنطقة، وبما ينعكس على عوائد المزارع وتحقيق مستوى معيشي جيد لهم.
وكانت المديرة الإقليمية لشركة “أدفانس كونسلتينغ” المهندسة لمياء الدباس، أوضحت أن المشروع يهدف إلى دعم صغار المزارعين، ويتضمن مجموعة من حزم المنح والقروض الحسنة من دون فوائد وأنشطة تدريبية لصغار المزارعين لتمكينهم من تأسيس مشاريع بطرق ناجحة للاستمرارية بها مستقبلا.
وأكدت الدباس، أن الهدف من المشروع هو نقل المعرفة والمهارات عن الممارسات الزراعية والاستخدام الأمثل للمياه والتكنولوجيا بشكل جيد وتوفير حلول مالية مناسبة من أجل تبني التقنيات الزراعية المبتكرة، وتحسين فرص دخل المزارعين.
وأشارت إلى أهمية التنمية الاقتصادية ودور وحدات التنمية في المحافظات، مبينة حرص الشركة على تعزيز التشاركية بمختلف المؤسسات والجهات المعنية لإنجاح رسالة وأهداف المشروع.
عامر خطاطبه/ الغد