عجلون: هل تنهض سياحتها ومئات المواقع الأثرية مهملة؟
عجلون- في الوقت الذي تحظى به مواقع أثرية رئيسة وبارزة بمحافظة عجلون، كالقلعة ومار إلياس، بمخصصات مقبولة لترميمها ومراعاة مسائل السلامة العامة فيها، تبقى مئات المواقع الأخرى بانتظار شيء من المخصصات لإبرازها واستثمارها سياحيا.
في محاولة نحو المعالجة قليلا، باشرت مديرية آثار المحافظة مؤخرا عملها في مشاريع الصيانة والترميم الممولة من مخصصات مجلس محافظة عجلون للعام الحالي 2023 والبالغة زهاء 135 ألف دينار والتي تشمل مواقع قلعة عجلون وخربة المقاطع ووادي زقيق وخربة دير مسمار في راجب.
وبدأت باكورة هذه المشاريع في قلعة عجلون، حيث سيتابع فريق العمل أعمال صيانة وترميم عدد من القاعات وتقوية الأسقف الداخلية والجدران وتبليط أرضيات، وإضافة مزيد من عناصر السلامة العامة كالدرابزينات واللوحات الإرشادية ومعالجة عوامل التلف والتآكل، وتطوير وسائل العرض المتحفي في متحف آثار عجلون.
ويقول الخبير في الآثار الدكتور محمد خطاطبة إن عجلون واحدة من أكثر المحافظات الغنية بالمواقع الأثرية والتي يزيد عددها على 300 موقع، وفق إحصائيات رسمية، ما يستدعي مضاعفة المخصصات السنوية لترميم وتأهيل كنوزها والتي تعد استثمارا سياحيا.
يأتي ذلك في وقت يؤكد فيه مجلس المحافظة على أهمية زيادة المخصصات في الموازنات القادمة، لقناعته بضرورة تأهيل الكثير من المواقع الأثرية بالتزامن مع نهضة سياحية يتوقع أن تشهدها المحافظة مع تشغيل التلفريك، وتضاعف أعداد الزوار.
ويقول رئيس لجنة السياحة والآثار والناطق الإعلامي في مجلس المحافظة منذر الزغول، في هذا الخصوص، إن “الموازنة المخصصة لقطاع الآثار لهذا العام 2023 من خلال المجلس بلغت حوالي 135 ألف دينار، حيث من المتوقع زيادتها في العام القادم، نظرا لحجم العمل الكبير الذي تقوم به المديرية سواء في القلعة أو موقع مار الياس والعديد من المواقع الأثرية الأخرى المنتشرة في المحافظة”.
ويرى الزغول، أنه رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها مديرية آثار عجلون ومديرية الآثار العامة في إجراء أعمال ترميم وصيانة متكررة في قلعة عجلون، إلا أنها ومواقع أثرية كثيرة في المحافظة، ما تزال بحاجة ماسة جداً للكثير من أعمال الصيانة والترميم، مبينا أن المئات من المواقع الأثرية في محافظة عجلون، تنتظر إبرازها وترميمها وتأهيلها.
ويرى الناشط بدر الصمادي أن قطاع السياحة يحتاج إلى المزيد من المخصصات لتطوير بناه التحتية، لا سيما وأن المحافظة مقبلة على عدد من المشاريع التنموية السياحية، والتي من أبرزها مشروع التلفريك، مؤكدا أن المحافظة لا يمكن أن تنهض بقطاع السياحة، من دون توفير الدعم الكافي وزيادة المخصصات لتطوير البنى التحتية، معتبرا أن تحقيق ذلك سيؤدي إلى استثمار السكان لخصوصية المحافظة السياحية والأثرية وبالتالي توفير فرص العمل والحد من الفقر.
وأشار حمزة الشويات إلى وجود عدة تحديات تواجه القطاع السياحي في المحافظة، منها ضعف جاهزية المواقع الأثرية التاريخية من ناحية الصيانة والترميم، وتراكم النفايات في مواقع التنزه، وعدم جاهزية البنى التحتية، وافتقارها للطرق الواسعة والمضاءة والمشاريع الاستثمارية الكبرى، مطالبا بإيلاء قطاع السياحة في المحافظة اهتماما ودعما كبيرين، وأن يكون ملف السياحة في المحافظة على سلم أولويات الحكومة، لأنه ما يزال دون المستوى المطلوب ولم يحقق تنمية حقيقية تنعكس على المجتمع المحلي.
من جهته، أقر رئيس مجلس محافظة عجلون عمر المومني أن قلعة عجلون وقطاع الآثار بشكل عام يستحق أكثر من هذا المخصصات، لافتا إلى أن انخفاض موازنة مجلس المحافظة بسنوات سابقة، ساهم بخفض موازنة القطاعات المختلفة في المحافظة ومنها قطاعا الآثار والسياحة، ما جعل هذه المبالغ لا تكفي لتنفيذ كافة أعمال الصيانة والترميم المطلوبة لكافة المواقع الأثرية.
ووفق أرقام مديريتي السياحة والآثار، فإن المحافظة تضم أكثر من 300 موقع أثري أبرزها قلعة عجلون، بحيث تصنف تلك المواقع إلى أربعة أنماط حسب أنواعها السياحية وهي بيئية وطبيعية ومغامرة ونمط ديني وآخر تاريخي أثري إضافة الى التراثي، مع وجود 13 مسارا سياحيا.
مصادر في مديرية آثار المحافظة، تؤكد أن الأعمال جارية بمشروع ترميم وصيانة قلعة عجلون الذي تنفذه مديرية آثار المحافظة، مشيرة إلى أنها تشتمل على أعمال الترميم التي تعد الأكبر منذ سنوات طويلة، وتتضمن تقوية للجدران والأسقف وإعادة بناء عدد من الادراج ومعالجة مشاكل الرطوبة.
وأكدت المصادر أن المديرية، تنفذ هذه المشاريع بكوادر فنية محلية، وتشغيل لعدد من أبناء المحافظة.
يشار إلى أن الأعمال الجارية ساهمت في إعادة بناء أجزاء مفقودة و تبليط أرضيات، وتزويد المناطق المشرفة بحماية حواجز حديدية حفاظا على سلامة الزوار والسياح.
يذكر أن موقع قلعة عجلون شهد خلال الأشهر الماضية نشاطاً سياحياً كبيراً، حيث ساهم برنامج أردنا جنة الذي تنظمه وزارة السياحة والآثار بزيادة كبيرة وملحوظة في عدد زوار قلعة عجلون ومختلف المواقع الأثرية والسياحية الأخرى في المحافظة.
وبحسب أرقام موثقة في مديرية سياحة عجلون فقد زار القلعة خلال الـ6 أشهر الماضية من العام الحالي زهاء 150 ألف زائر.
يذكر أن لجنة التراث في العالم الإسلامي المنبثقة عن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) كانت إعتمدت قبل 3 سنوات تسجيل قلعة عجلون على القائمة النهائية للتراث في العالم الإسلامي، حيث أعلنت دائرة الآثار العامة حينها، أن الإيسيسكو سجلت قلعة عجلون خلال اجتماعها الثامن الذي التأم في مقر المنظمة بالرباط.
ومنح هذا الإعلان قلعة عجلون الشعار الرسمي للتراث في العالم الإسلامي الذي من خلاله يمكنها من الحصول على أهمية كبيرة من خلال التعريف بها والترويج السياحي والإعلامي لها، وربطها بالمعالم السياحية العالمية، وكذلك الاستفادة من أي دعم يخص المشاريع التراثية، ومنحها الأولوية في عمليات الترميم والصون والحماية.
وكانت التنقيبات الأثرية في قلعة عجلون، كشفت عن وجود 4 قاعات تاريخية أثرية تحت الأنقاض تنتظر أعمال إزالة، للكشف عنها أمام الزوار.
وكشفت أعمال التنظيف ورفع الأنقاض في القلعة عن قاعة كانت مطمورة بالأنقاض الناتجة عن انهيارات سابقة بشكل كامل، حيث تُقدر المساحة التي تم العمل عليها 40 مترًا مربعًا، وتجاورها قاعة أخرى مهجورة، وهما تقعان قرب البرج الشمالي الأوسط في القلعة، كما توجد 3 قاعات تاريخية أخرى في القلعة أسقفها منهارة منذ قرون تقع في المستوى الثالث للقلعة، وهي مغلقة بالكامل نتيجة الانهيارات، وتحتاج إلى تنظيف وإزالة الأنقاض عنها.
عامر خطاطبه/ الغد
التعليقات مغلقة.