فوز السنوار برئاسة المكتب السياسي لـ”حماس” يربك المؤسسة الإسرائيلية

– أنهت حركة “حماس” المرحلة الأولى من انتخاباتها “القيادية” الداخلية، بفوز يحيى السنّوار بولاية ثانية لرئاسة مكتبها السياسي في قطاع غزة، بينما تتهيأ لاستكمالها قريباً استعداداً للانتخابات الفلسطينية العامة، وسط خشية إسرائيلية من تبعات تصدّر الحركة للنتائج النهائية على تعقيد المشهد في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ولم يكن فوز السنوار برئاسة المكتب السياسي لحماس في غزة بالأمر السهل؛ إذ احتاج لأربع جولات متتالية لحصد المنصب أمام منافسه الشرس عضو المكتب السياسي للحركة نزار عوض الله نظير تقارب نتائجهما وذلك قبيل حسمها في الجولة الأخيرة بأغلبية طفيفة.
وقد يعني ذلك أن عدداً غير قليل من أعضاء مجلس شورى الحركة في القطاع لم يكونوا مع بقاء السنوار في ولاية ثانية، ولكنه يعكس أيضاً حالة التعددية الفريدة التي تحكم ديناميكية العلاقات الداخلية في حركة “حماس” وتنسج إطارها التنظيمي، بما أنتج نموذجاً جديداً ومتميزاً في القطاع.
وتُواجه السنوار ملفات شائكة في المرحلة المقبلة الممتدة حتى العام 2025، أسوة بحركته ككل، والتي ما تزال عالقة بدون أن تسهم الاجتماعات المتوالية مع حركة “فتح” في معالجتها حتى اللحظة.
فإلى جانب الأزمات الخانقة التي تواجه “حماس” في غزة نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ العام 2007؛ مما ساهم في تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة لأهالي القطاع، فإن السنوار يواجه في دورته الجديدة رزمة من الملفات العالقة.
وتتمثل أحد تلك الملفات في الشأن الداخلي، مثل معالجة تصاعد حدة الانتقادات التي خرجب من بعض قيادات حركة “حماس” لطبيعة النظام الانتخابي السائد في الحركة والحاجة لإعادة النظر فيه.
فيما يقع ملفا كل من الأسرى والوضع الاقتصادي المأزوم على قائمة أولويات السنوار؛ حيث خرج بعد ساعات قليلة من فوزه برئاسة الحركة في قطاع غزة ليتحدث بإيجاز عن ملفين رئيسين؛ الأول موجة للأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال، والملف الثاني هو وعده بتحسين الأوضاع الاقتصادية لسكان القطاع.
هذا يشير إلى أن الأولوية لقيادة الحركة ستنحصر في ملفين رئيسين؛ الأول يتعلق بتحسين أوضاع سكان القطاع الاقتصادية، والثاني مرتبط بإنهاء ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى “حماس”.
وتبرز هنا إشكالية إدارة قطاع غزة في ظل تلك العقبات التي تطال أيضاً ملف موظفي القطاع الذي ما يزال قيدّ المعالجة، فضلاً عن الخلاف مع حركة “فتح” حول ملف غاز غزة الذي أثير مؤخراً بسبب استبعاد “حماس” من الاتفاقية التي أبرمت مع مصر بشأنه.
خشية إسرائيلية
وأعربت المؤسسة الإسرائيلية المراقبة للعملية الانتخابية “الحمساوية” بكثير من الاهتمام، عن عنصر المفاجأة من “الصعوبات التي واجهت السنوار بهذا الفوز”، وهو الأمر الذي لم تتوقعه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وفق صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية، أن “هذه المفاجئة تشير إلى عدم قدرة أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية على تفكيك الشيفرة الوراثية لحماس والتي تُحكم بشورى حقيقية بنسبة عالية، فضلاً عن العديد من ابداعات المقاومة على كل تداعيات الأمر من النواحي السياسية والأمنية”.
وقالت نفس الصحيفة إن “الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ترى بالسنوار عدواً عقائدياً عنيداً ولكنه تبني في الفترة الأخيرة خطاً براغماتياً واقعياً نسبياً”، بحسب مزاعمها.
ولم تخطأ الأجهزة الإسرائيلية في ذلك فحسب؛ إذ كانت التوقعات الاستخبارية الإسرائيلية تشير إلى أن حماس ستواجه أزمة في قواعدها التنظيمية بسبب وجود آراء ووجهات نظر لتأجيل هذه الجولة الانتخابية لما بعد استحقاق الانتخابات التشريعية، وهو ألأمر الذي لم يحدث.
وأفادت الصحيفة الإسرائيلية، بأن “الحكومة الإسرائيلية حاولت أن تبث أشكالاً من الدعاية الموجهة عبر مراسليها للتأثير على سير العملية الانتخابية الداخلية لحماس، على أمل أن يسهم ذلك في إضعاف الحركة والتأثير على قرارها”، ولكنها لم تفلح في مهمتها.
في حين أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، إلى أن “نتائج الانتخابات الداخلية لحماس ستؤثر على مسار التنظيم الذي يسيطر على غزة في السنوات المقبلة، كما أن الحركة تشهد في هذه الأيام منافسات شديدة للوصول إلى قيادتها، مما سيكون له انعكاسات على طريقة وسياسات الحركة الخارجية”.
استكمال العملية الانتخابية “الحمساوية”
تتجه الأنظار نحو رئاسة المكتب السياسي الرئيسي لحماس، في ظل منافسة شديدة بين رئيسه الحالي إسماعيل هنيّة ونائبه صالح العاروري ورئيسه السابق القيادي خالد مشعل، وسط أنباء تتردد مؤخراً حول اقتراب مشعل من منصب رئاسة المكتب السياسي للحركة في الخارج، على أن يحتفظ هنية برئاسة المكتب الرئيسي لولاية ثانية.
ووفق تلك الأنباء فإن مشعل قد يقبل بمنصب رئاسة مكتب الخارج، على أن يعود للمنافسة على المكتب السياسي الرئيس بعد 4 سنوات عندما تنتهي فترة هنية، حيث لا يحق له حينها المنافسة لمرة ثالثة متتالية.
ولا يعد مشعل بعيداً عن قرارات الحركة الاستراتيجية، فبصماته حاضرة رغم بعده عن مناصب الحركة خلال السنوات الأربع الماضية، حيث يعد أحد القادة التاريخيين للحركة، وصمام أمان وازن لتطوير علاقاتها في الأقليم، في ظل العلاقات المتدهورة مع عدد من الدول العربية، والسعي لتطوير علاقات أفضل معها.

وكالات

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة