متحف الوهادنة للتراث الشعبي” يحتضن عبق الماضي وذكريات الأجداد

– احتضن كتاب “متحف الوهادنة للتراث الشعبي ذاكرة وطن” للعقيد الركن المتقاعد  محمود حسين الشريدة، تراثنا الشعبي، الذي يحمل عبق الماضي ونكهة البوادي والأرياف وذكريات الآباء والأجداد، في مختلف الميادين المادية والفكرية، والمعنوية.

صدر الكتاب عن دار كفاءة المعرفة، بدعم من وزارة الثقافة.

فكرة البحث كما يقول المؤلف تشتمل على بيان مفهوم التراث بشكل خاص والتراث الشعبي بشكل عام، وأهم المقتنيات التراثية الموجودة في متحف الوهادنة للتراث الشعبي، بالصورة والكلمة، لتبقى حاضرة في وجداننا ومعززة لهويتنا الوطنية، ثم بعض العادات والتقاليد الشعبية، وبعض المصطلحات الزراعية والفلاحية، وبعض الموروثات الشعبية الأردنية وجدول بمصادرة ومراجع.
وكتب الباحث علي أحمد العبدي من جامعة عجلون الوطنية تقديما للكتاب يشير فيه إلى ان الكتابة في التراث تعد من أخطر أنواع الكتابات، وذلك لأن الذين نأخذ عنهم الماضي قد يزورونه، خاصة وأن هناك من لا تاريخ له، فيعمد عندها إلى تزوير التراث ونسبة أشياء كثيرة إليه بل يسرقها ليصنع له تراثا ويتباهي به أمام الآخرين، فالدول المنتصرة في الحروب تعمد في حال انتصارها إلى سرقة التراث أو تدميره أو طمسه.
ويرى العبدي إن تراث الأمم والشعوب هو خير شاهد على أصالة هذه الدولة، لذلك نجدها تنشئ المتاحف لوضع تراثها وربط الأبناء بالآباء، ولتعلق الناشئة بالأرض والإنسان، من هنا جاءت فكرة مؤلف الكتاب الباحث الشريدة بجمع التراث بكافة أشكاله وعرضه في متحف متواضع “متحف الوهادنة للتراث الشعبي”، رغبة منه في ربط الماضي بالحاضر وليقل للآخرين “هنا كان الآباء والأجداد، حرثوا الأرض وغرسوها زيتونا وقمحا وأنشأوا البيادر وحصدوا ودرسوا ثم قطفوا نتائج جهدهم بعرق جبينهم، ولم يستنجدوا بأحد من وراء الحدود كي يقدموا لهم القمح..”.
ويشير إلى أن متحف الوهادنة يثبت أن في محافظة عجلون والوهادنة وغيرها من بلداتنا حياة، وكان هناك رجال واصلوا الليل بالنهار حتى استقامت ولانت لهم الحياة، فرفعوا رؤوسهم عالية معتزين بما أنجزوا، بل ناموا ليلهم ملء جفونهم غير قلقين من عُد مجهول؛ لأن “كوايرهم”، مملوءة قمحا وعدسا وحمصا وأن “متبنهم” مليء تبنا وشعيرا فعلام يقلقون، فعندما ندخل المتحف تعود بك الذاكرة إلى سنين طويلة.
وخلص إلى أن التراث المرتبط بالتاريخ هنا في هذه الغرف الثلاث؛ هل جربت أن تركب عجلة الزمن وتعود إلى سنين طويلة في هذه الأرض المباركة؟ تعال إلى متحف الوهادنة وسترى كيف كانت الحياة رغم الشقاء والبؤس، لكنها مليئة براحة البال والقناعة والسعادة والضحكات الحقيقية غير المزورة، لا تصدق نفسك وأنت ترى بأم عينك القادم والشاعوب والمذراة والمنخل والمسرد والطبق والغربال وغيرها، وقد أخذت مكانا قد لا يليق بها؛ لأن مكانها الحقل والبيدر ومكانها ظهور الأصائل وقديما قالوا: لا خير في أمة لا تأكل مما تزرع ولا تلبس مما تصنع.
وجاء الكتاب في أربعة فصول، الفصل الأول يتضمن تعريفا بالتراث بشكل عام والتراث الإنساني-الشعبي بشكل خاص، وأنواعا ومصادر وأهمية التراث بين الشعوب، والتركيز على المحافظة على تراثنا الشعبي، ثم التعريف بجمعية الوهادنة للتراث الشعبي، وإلى متحفها التراثي، متحف الوهادنة للتراث الشعبي، والذي يعد الملهم لإعداد هذا الكتاب.
ويتحدث الفصل الثاني عن المقتنيات التراثية في المتحف؛ وهي مقسمه لعناوين هي “المقتنيات التراثية التي كانت تستخدم لخدمة البيت، والمقتنيات تستخدم للزرعة، وحراثة وحصاد، ومقتنيات فخارية، مقتنيات مصنوعة من القش، ومقتنيات تستعمل في الطبخ، ومقتنيات مصنوعة من الجلد، ومقتنيات تستعمل في كل مناحي حياتهم. علما أن هذه المقتنيات محفوظة في المتحف، تم تصويرها والشرح عن صناعتها واستعمالها، لتبقى حاضرة في وجدان أجيالنا ومعززة لهويتنا الوطنية”.
ويتضمن الفصل الثالث بعض العادات والتقليد التراثية في شمال الأردن واشتملت على اللباس الزي التراثي التقليدي في شمال الأردن؛ المضافات والدواوين في الموروث الشعبي، عادات الأفراح والأتراح؛ العطوات والصلحات العشائرية؛ القهوة العربية؛ الأكلات الشعبية؛ الألعاب الشعبية؛ الأمثال في الموروث؛ البيوت التقليدية التراثية؛ بيت الشعر في الموروث الشعبي؛ فيما يتحدث الفصل الرابع عن الاصطلاحات الزراعية والفلاحية في التراث الشعبي وهي “الروزناما الزراعية؛ الحراثة؛ الحصاد، فراط الزيتون؛ الموروث الشعبي”.
وفي مقدمته للكتاب يقول الشريدة، إن التراث يعد فرعا مهما من فروع المعرفة، ويُعنى بمظاهر الحضارة، لشعب من الشعوب، وبشكل عام يشمل القصص، والشعر، والأمثال، والألغاز، والأهازيج، والأغاني، والحداء أثناء السفر أو الحصاد أو الرعي، والنداء كالتبليغ عن موت، أو فقدان شيء، مشيرا إلى ان حضارة أي شعب لا يمكن لها أن تقوم بدون تراث، ويجب أن لا يعتمد أفرادها على ما تنتجه الحضارات، فالتراث يحفظ كيان الأمة وبقاءها واستمرارها.
ويقول الشريدة، إن تراثنا الشعبي الأردني هو ما تركه الآباء والأجداد بما ورثوه عمن سبقهم، من عادات وتقاليد وفنون ومقتنيات مادية؛ حيث يعد التراث الشعبي علامة تميزنا عمن حولنا من الشعوب، وتشكلت به هويتنا الخاصة، مبينا أنه من اجل الحفاظ على هذا التراث الشعبي وإحيائه من جديد قامت “جمعية الوهادنة للتراث الشعبي”، بتأسيس هذا المتحف في بلدة الوهادنة “خربة الوهادنة” سابقا وهي بلدة من بلدات محافظة عجلون.
وخلص الباحث وهو مؤسس هذا المتحف، إلى أن الهدف من إقامة هذا المتحف هو: “تجسيد حالة من التوعية بأهمية التراث الثقافي في محافظة عجلون، بإبراز أنواع من ألوان الحياة الشعبية التي كانت سائدة في منطقة عجلون خاصة وشمال الأردن عامة في الزمن الماضي، بما يبرز الكثير من أنماط التراث الشعبي العجلوني ويعكس تاريخ المحافظة وإرثها العريق وواقعها الثقافي والمعيشي آنذاك.
وأن تكون الأنشطة الثقافية التي تقام في المتحف معززة ومحافظة على تراثنا الأردني وثقافتنا الوطنية، وتعمق قيم حب الوطن والعمل على إعلاء شأنه من خلال توعية الناشئة بمنجزنا الوطني على كافة الصعد، وضرورة الحفاظ على هذا المنجز والبناء عليه وصولا لمستقبل أردني، وتشجيع السياحة الداخلية في محافظة عجلون، والحفاظ على المقتنيات التراثية في المتحف وتسليط الضوء على عاداتنا وتقاليدنا وعلى أسلوب حياة من سبقنا، وبناء جسور التواصل الثقافي بين الأجيال الحاضرة وماضيها”.

عزيزة علي/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة