مجمع اللغة العربية يصدر العدد الثاني من مجلته الثقافية “البيان العربي”
– أصدر مجمع اللغة العربية الأردني العدد الثاني من مجلته الثقافية “البيان العربي”، التي تعنى باللغة العربية وقضاياها المتعددة، ويحتوي العدد على إحدى وعشرين مشاركة متنوعة وزعت ضمن أبواب.
وتحت عنوان “ملاحظات حول استراتيجيات التعليم في المملكة الأردنية الهاشمية”، كتب رئيس هيئة تحرير المجلة د. عيد الدحيات افتتاحية المجلة، التي أكد فيها أن المعلم هو حجر الزاوية في البناء التعليمي التربوي، فلا بد من أن تركز الاستراتيجيات على توفير جميع الوسائل والامتيازات التي تؤدي إلى نجاحه في ممارسة مهنته، وتطوير آليات اختيار المعلمين وتدريبهم وتأهيلهم، فمن غير المعقول أن يكون المؤهل العلمي الشرط الوحيد لمزاولة مهنة التعليم، من دون التأكد من شخصية من نودعهم أمانة تعليم الأجيال.
ودعا الدحيات إلى إعادة العهد الذهبي الذي كان المعلم فيه قائدا وقدوة، وهذا يتم بإعطائه جميع حقوقه، من دون منة، بحيث تكون مهنة التعليم -كما كانت في السابق- وسيلة توفر لصاحبها حياة كريمة محترمة تضعه في طليعة السلم الاجتماعي، لافتا الى أن معظم الذين عملوا وأبدعوا وأجادوا (كموظفين في الجهاز الإداري الأردني) جاؤوا من وزارة التربية والتعليم، وجميع من تولى مناصب في الدولة الأردنية -منذ بداياتها الأولى إلى زمننا هذا- قد تعلموا في مدارس وزارة المعارف ووزارة التربية والتعليم، وتعهدهم النظام التربوي ورعاهم خير رعاية.
وأشار الى أن استراتيجيات التعليم التي وضعت في السنوات الماضية انصبت بشكل رئيسي على الجوانب المعرفية الأكاديمية وعلى مكونات العملية التعليمية وكيفية إصلاحها وتطويرها، في حين تم إهمال جوانب بناء شخصية الطالب وهويته وغرس منظومة القيم الأساسية في وجدانه. والحقيقة أن استراتيجيات التعليم العام والعالي التي انبثقت عن عدد من المؤتمرات واللقاءات التي عقدت لرسم معالم طريق الإصلاح، لم تول هذا الجانب الخطير الاهتمام الذي يستحق بحيث تكون هنالك استراتيجية تفصيلية لتربية الأجيال خلقيا ومسلكيا وربطهم بوطنهم وأمتهم العربية والإسلامية من خلال برامج مفصلة واضحة.
ودعا الدحيات إلى إيجاد آلية استراتيجية مستقبلية للتعليم في المملكة الأردنية الهاشمية وأن تأتي بحل لمعضلة امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي)، فقد أصبح هذا الامتحان بوضعه الحالي غير مقبول، لأنه صار مصدر خوف وإزعاج وقلق للطلبة وأولياء أمورهم، كما أصبح إلى حد ما امتحانا أمنيا يشرف على تنفيذه وحسن سيره جهاز الأمن العام بدلا من وزارة التربية والتعليم. ولا يعقل أن يستمر الحال هكذا بحيث يوضع الطلبة في أجواء من الخوف والرعب من ناحية. كما لا نرضى، من ناحية أخرى، أن يلجأ أبناؤنا وبناتنا من طلبة المدارس إلى الغش في الامتحانات التي أساءت لهم ولسمعة مشرفي وزارة التربية والتعليم.
ورأى أن بناء الشخصية الطلابية الواثقة من نفسها والمعتزة برأيها يتطلب -إضافة إلى التربية المسلكية الخلقية- تغيير المنهجية العقيمة البائسة المتبعة في المدارس والجامعات، التي تعتمد على الإملاء والتلقين وخزن المعلومات في ذاكرة الطلبة. على المخططين التربويين أن يدركوا أن غاية التعليم والتربية خلق الوعي عند الطالب لا تزويده بمجموعة من المعارف والمعلومات فقط.
وأكد أن منهجية التلقين والإملاء مسؤولة عن جعل أبنائنا مجرد مستقبلين وحفاظ يرددون ما يسمعون، وبذلك يقعون فريسة سهلة لأرباب الكلام والديماغوجيين والمتطرفين. والحق علينا جميعا، في البيت والمدرسة، لأننا لم نعودهم على تحليل ما يسمعون والتأمل فيه وتمحيصه، كما لم ندربهم على التوصل إلى قناعات من خلال إعمال العقل واستعمال التفكير والمنطق.
وقال إن أهم وسائل الاتصال بين المعلم والتلميذ في سن الطفولة، هي أن يسمع المعلم أكثر مما يتكلم، ليشجع تلاميذه على الكلام، ثم يناقشهم فيما يتكلمون. إن هذا الأسلوب (أن يسمع المعلم أكثر مما يتكلم) يوجد عند الطالب أهم قيمة في التعليم وفي الحياة كذلك، وهي الشعور بأهميته، وبالتالي احترامه لنفسه واعتزازه بقدراته. ولهذا، يجب الاعتراف بأن الكتاب وحده عاجز عن إحداث التغييرات المطلوبة في إنماء القدرات وخلق الاتجاهات الإيجابية وترسيخ منظومات القيم والفضائل. وتبقى معظم مناهجنا مركزية جامدة تعتمد على مجموعة من الكتب المقررة، والمطلوب إكمالها من الغلاف إلى الغلاف! وبهذا اكتسب الكتاب نوعا من القدسية، وعد المفتاح للمعرفة والتعليم والتعلم.
ويرأس هيئة التحرير د. عيد الدحيات، ويضم عضوية كل من: د.همام غصيب، د.عبدالحميد الفلاح، د.جعفر عبابنة، د.عبدالقادرعابد، د.محمد عصفور، سكرتير التحرير نبيل احريز، والإخراج الفني كفاح آل شبيب.
ويحتوي العدد على العديد من المواضيع تحت عنوان “لغتنا العربية”، كتب كل من عمر أبو ناموس عن “حماية اللغة العربية: بالتشريع أم بالتثقيف؟”، وعبدالقادر عايد كتب عن “معوقات النهوض باللغة العربية”، وعن “اللغة العربية: بعض أهلها عدو لها”، كتبت سرى سبع العيش، وكتب بسام العلي عن “الحرب المصطلحية: الطبيعة والتقنيات وسبل الأمن الوقائي”، وكتب محمد الهروط عن “تأثير اللغة العربية في غيرها من اللغات”.
أما محور اللغة العربية لغة علمية، فكتب فيه كل من: همام غصيب عن “نصوص مختارة من تراثنا العلمي القديم والحديث”، ومن التراث كتب كل من: حمدي منصور عن “القسم في الشعر الجاهلي”، وكتب نبيل احريز عن “خطبة عمر بن عبدالعزيز لما ولي الخلافة”، وفي زاوية قضايا كتب كل من: عبدالجليل الزق عن “مسؤولية الكلمة وآثارها”، وعلاء الدين القريوتي عن “جامعاتنا والانهزام الحضاري”، محمد شاهين “تأملات حول الأب في المجتمع”، محمود السلمان وعامر حميدات “اللغة الإنجليزية: أصلها وتعلمها ومكانتها الاجتماعية”، نادر رزق “التفسير العلمي للقرآن الكريم وإشكالياته اللغوية”.
وشارك في زاوية الترجمة كل من: عيد الدحيات “أبيات من قصيدة لجميل بثينة مترجمة إلى الإنجليزية”، وديمة عابد “مثلان محكيان من اللغة الإنجليزية”، ويكتب محمد عصفور عن “من مشكلات الترجمة”، وفي زاوية قراءة في كتاب: قدم خليل الزيود قراءة في كتاب “حماسة الشهداء” للدكتور خالد الكركي، وتحت عنوان مراجعة كتاب “في زمن الموجة الشرقية” للدكتور عيد الدحيات كتبها حنا سعادة وترجمها جعفر عبابنة، وفي زاوية الشعر كتب كل من: إبراهيم الكوفحي “لمن تكتب الشعر”، وحسين عدوان “بودك هجر العيش لولا”.
عزيزة علي/ الغد
التعليقات مغلقة.