معركة الأسرى تشتعل بين “حماس” والاحتلال

تشتعل معركة جديدة غير عسكرية بين حركة “حماس” وحكومة الاحتلال حول ملف تبادل الأسرى، بعدما رفعت “حماس” من سقف مطالبها وشروطها بالإفراج عن قيادات فلسطينية كبيرة من سجون الاحتلال لإنجاح “الصفقة”، التي يرفضها الاحتلال ويخشى من تبعاتها.
جولات المفاوضات المكوكية غير المباشرة بين “حماس” والاحتلال، عبر الوسيط المصري، لم تفض حتى الآن إلى مخرجات ملموسة، بسبب التعنت الإسرائيلي، وذلك على وقع إعلان 250 أسيراً في سجون الاحتلال من حركة “الجهاد الإسلامي”، أمس، بدء الإضراب المفتوح عن الطعام ضد العقوبات والإجراءات التنكيلية التي فرضتها الإدارة بحقهم، عقب عملية “نفق الحرية” الشهر الماضي.
حكومة الاحتلال، برئاسة “نفتالي بينيت”، تريد استعادة الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى “حماس” بمقابل زهيد ودون أي ثمن سياسي، قد يتمثل في تقديم “التسهيلات” الاقتصادية لتحسين الظروف المعيشية لأهالي قطاع غزة، من أجل منع التصعيد في الضفة الغربية، والتسويق في الداخل الإسرائيلي لإنجاز قد ينتشل مصير الإئتلاف الحكومي الإسرائيلي من الفشل حد احتمال التفكك.
أما “حماس” فترفض مقايضة ملف الأسرى بإعادة الإعمار والاقتصاد، وتطالب بصفقة ضخمة مماثلة لصفقة “وفاء الأحرار”، في العام 2011، عبر الإفراج عن زهاء 50 أسيرا محررا بصفقة “شاليط” بعدما أعادت سلطات الاحتلال اعتقالهم خلافا لاتفاقها مع “حماس”.
وتشترط “حماس” إطلاق سراح قيادات فلسطينية بتنظيمات أخرى، مثل عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، الأسير مروان البرغوثي، المعتقل منذ العام 2002، وأمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الأسير أحمد سعدات، المعتقل منذ العام 2006، وهو أمر تخشاه سلطات الاحتلال بسبب تأثيرهم القوي في الساحة الفلسطينية.
وقد ألمح رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، في لقائه بفدوى البرغوثي زوجة مروان قبل أشهر من الآن، إلى مطلب “حماس” بإدراجهم ضمن صفقة التبادل، حينما أكد أن موضوع تحرير الأسرى وقادة النضال الوطني على رأس أولويات الحركة.
كما تطالب “حماس”، أيضاً، بالإفراج عن كبار قادة المقاومة الفلسطينية من سجون الاحتلال، وهو الأمر الذي ترفضه سلطات الاحتلال بسبب تاريخهم وتأثيرهم القوى في الساحة الفلسطينية، ونظير سنوات أحكامهم الممتدّة، مثل القيادي في “كتائب عز الدين القسام”، الذراع العسكري لحماس، عبدالله البرغوثي المحكوم بالسجن 67 مؤبداً، كأعلى حكم بالتاريخ.
ويعد هؤلاء الأسرى بالنسبة للاحتلال خطاً أحمر لا يمكن التفاوض حوله، بزعم تورطهم بدماء الإسرائيليين وتنفيذهم لعمليات أوقعت قتلى بين صفوفهم.
كما تطالب “حماس” بالإفراج عن النساء، وعددهن 43 أسيرة، والأطفال، وعددهم 225 طفلا، وعمداء الأسرى، ممن مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاماً ويبلغ عددهم 51 أسيراً، بالإضافة إلى أسرى الدول العربية، ويبلغ عددهم 19 أسيراً، في سجون الاحتلال، والإفراج عن الأسرى الستة الفارين من سجن “جلبوع” الذين أعيد اعتقالهم الشهر الماضي.
وتسعى “حماس” إلى إنجاز صفقة تريدها ناجحة وشبيهة بما تسميه الحركة صفقة “وفاء الأحرار” التي أفرجت سلطات الاحتلال بموجبها عن 1027 أسيراً فلسطينياً، مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي “جلعاد شاليط”، مما يثير الخشية الإسرائيلية من تكرارها حالياً.
وترفض “حماس” تقديم أي معلومة للاحتلال تخص الأسرى والمفقودين لديها أو تتعلق بمصيرهم عما إذا كانوا أحياء أم أموات إلا بمقابل ثمن تلبية شروطها ومطالبها.
وطبقاً لحماس؛ فإنها تحتفظ بأربعة أسرى إسرائيليين لديها، هم الجنديان آرون شاؤول، وهدار غولدن، استطاعت كتائب القسام أَسرهم خلال العدوان الإسرائيلي ضدّ غزة صيف عام 2014، إضافة إلى أسيرين يهوديّن آخرين، وهما أفيرا منغستو وهو يهودي إثيوبي، وهشام السيد، وكلاهما دخل قطاع غزة عن طريق الخطأ في العام 2014 و2015 توالياً.
من جانبه، أكد عضو المكتب السياسي لحركة “حماس”، حسام بدران، أن صفقة “وفاء الأحرار” شكلت مرحلة مفصلية في تاريخ الصراع مع الاحتلال وبقيت آثارها مستمرة حتى الآن وسوف تستمر للفترة القادمة.
وقال بدران إن الزيارة إلى مصر تناولت قضية الأسرى وخاصة ظروف حياتهم وما يمارسه الاحتلال بحقهم من تضييق بعد عملية جلبوع “نفق الحرية” واتخاذ الإجراءات ضدهم.
وفي الأثناء؛ قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، إن 250 أسيراً في سجون الاحتلال الإسرائيلي من حركة الجهاد الإسلامي، أعلنوا بدء الإضراب المفتوح عن الطعام، احتجاجاً على سلسلة العقوبات والإجراءات التنكيلية التي فرضتها الإدارة بحقهم، في أعقاب انتزاع 6 من أسرى سجن “جلبوع” لحريتهم الشهر الماضي.
وأوضح فارس، خلال مؤتمر صحفي عقد بمدينة رام الله، أن 100 أسير منهم سيتوقفون بعد أسبوع عن شرب الماء، على أن تنضم مجموعات من كافة الفصائل الفلسطينية ومكونات الحركة الأسيرة تباعاً للإضراب عن الطعام.
واضاف إن الاحتلال يستهدف بنية الحركة الأسيرة وإنجازاتها لكسر عزيمة الشعب الفلسطيني، مما يحتم على الفصائل والأطر النقابية والطلابية والأهلية تنظيم فعاليات شعبية مساندة لإضراب الأسرى في سجون الاحتلال.
وحذر من خطورة الحالة الصحية للأسرى السبعة المضربين عن الطعام احتجاجاً على الاعتقال الإداري، والذين مضى على إضراب بعضهم عدة أشهر، محملاً سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياتهم.
بدوره، أفاد رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، أمين شومان، بأن المؤسسات المعنية بالأسرى في سجون الاحتلال والقوى والفصائل الوطنية ستتوافق، اليوم، على برنامج وطني تصعيدي إسنادي للحركة الأسيرة، لدى عدم استجابة إدارة سجون الاحتلال لمطالب الحركة الأسيرة، وأسرى الجهاد الإسلامي بشكل خاص، والأسرى المضربين عن الطعام ضد الاعتقال الإداري.

نادية سعد الدين/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة