معركة “الأقصى”: الفلسطينيون يطردون المستوطنين من “باب العامود”

في تطور لافت بمعركة الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك؛ أجبّر الشبان الفلسطينيون، أمس، المستوطنين المتطرفين على مغادرة منطقة باب العامود بطردهم منها والتصدي لعدوانهم، من دون أن تفلح قوات الاحتلال الإسرائيلي المنتشرة بكثافة بالقدس المحتلة في تأمين الحماية الأمنية لهم، وقمع الغضب الفلسطيني المتصاعد لنصرة القدس والأقصى.
وعلى وقع استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال؛ فإن “باب العامود”، الذي يعد خط الدفاع الأول عن الأقصى بوصفه مدخلا رئيسا للمسجد وكنيسة القيامة وحائط البراق وصولا لأسواق المدينة القديمة، قد شهد أمس ساحة صدام مع المستوطنين، بحماية قوات الاحتلال الذي حولته لثكنة عسكرية حصيّنة، في إطار المساعي الإسرائيلية الحثيثة لمحاولات التهويد وتغيير الهوية.
وتصدى الفلسطينيون لمجموعات كبيرة من المستوطنين المتطرفين الذين احتشدوا عند “باب العامود”، الذي يعد أكبر وأهم أبواب مدينة القدس المحتلة، وذلك في محاولة منهم لانتهاك المدرج بأداء الطقوس التلمودية المزعومة والأفعال الاستفزازية، بحماية قوات الاحتلال، حيث تم إجبارهم على مغادرة المنطقة وطردهم منها.
ولا تتوقف انتهاكات المستوطنين، بحراسة قوات الاحتلال، ضد المقدسات الدينية، الإسلامية والمسيحية، في القدس المحتلة، إذ اقتحم أكثر من 1700 مستوطن باحات المسجد الأقصى خلال الأسبوع الماضي فقط، مع أداء الصلوات والطقوس التلمودية في باحاته، لا سيما عند المنطقة الشرقية قرب مصلى باب الرحمة، وتنفيذ جولات استفزازية تخللها رقص وتصفيق وغناء، بحماية الاحتلال.
ويتزامن مع ذلك اعتداء شرطة الاحتلال على المصلين في المسجد والفلسطينيين المدافعين عنه، وفرض التشديدات الأمنية عند الأبواب، ومنع عشرات الشبان والمصلين من الدخول إليه، وإغلاق المصلى القبلي بالسلاسل الحديدية، ومحاصرة المرابطين في داخله وإبعاد بعضهم عن المسجد.
فيما تواصل التنديد الفلسطيني والأوروبي باستيلاء المستوطنين على ممتلكات مسيحية في القدس المحتلة، أسوة باستيلاء المنظمة الاستيطانية المتطرفة “عطيرت كوهانيم” الإسرائيلية على ممتلكات الروم الأرثوذكس في باب الخليل، مما يهدد الفلسطينيين بخطر الإخلاء.
وكان الاتحاد الأوروبي، قد أعرب عن “قلقه العميق بشأن التداعيات المقلقة لقرار الاحتلال والاستيلاء على المجتمع المسيحي والحي المسيحي في البلدة القديمة”، مطالبا بوقف محاولات المستوطنين للاستيلاء على الممتلكات المسيحية في البلدة القديمة من القدس؛ لأنها تعرض تراث وتقاليد المجتمع المسيحي للخطر.
وكان الاتحاد الأوروبي، قد أصدر بيانا عن ممثله في القدس، بالاتفاق مع رؤساء بعثات دول الاتحاد الأوروبي في القدس ورام الله، اعتبر فيه إن رفض محكمة الاحتلال في القدس استئناف بطريركية الروم الأرثوذكس ضد هذا الانتهاك قد “زاد من الضغط على الوجود المسيحي في القدس الذي يرافقه تهديد المستوطنين للمجتمعات المسيحية وممتلكاتهم”.
وقال، إن هذه المحاولات تشكل تهديدا للتعايش السلمي في القدس، وكذلك على التوازن الديني الراسخ، داعيا إلى التمسك بالوضع الراهن، بما في ذلك الخاص بالمواقع المسيحية المقدسة، والحفاظ على حرية الأديان والوضع والطابع الخاص بالمدينة واحترامها من الجميع.
وكانت ما تسمى المحكمة العليا الإسرائيلية، قد رفضت التماساً قدمته بطريركية الروم الأرثوذكس لإبطال استيلاء منظمة “عطيريت كوهانيم” الاستيطانية المتطرفة على ثلاثة من ممتلكاتها في “باب الخليل” في البلدة القديمة بالقدس المحتلة.
ويُشار إلى أن تلك القضية تعود إلى عام 2004، عندما استولت المنظمة المتطرفة، التي تهدف إلى “تهويد” مدينة القدس المحتلة وبخاصة البلدة القديمة، على حقوق إيجار محمي طويل الأمد لثلاثة عقارات بينها فندقي إمبريال وبترا من ممتلكات بطريركية الروم الأرثوذكس.
وقد أثار ذلك غضب الفلسطينيين، فيما أطلقت البطريركية ملاحقات ضد منظمة “عطيريت كوهانيم” مؤكدة أن عمليات الاستحواذ جرت بشكل غير قانوني وبدون موافقتها.
غير أن ما يسمى المحكمة العليا الإسرائيلية زعمت في قرارها إن البطريركية لم تتمكن من “إثبات الادعاء بالاحتيال، ولم يتم تقديم أي دليل لإثبات ذلك حتى ظاهرياً”، وفق ما ادّعته بالقرار.
من جانبها؛ طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الإدارة الأميركية بالإيفاء بالتزاماتها وحماية أملاك الكنائس في القدس المحتلة.
وقالت “الخارجية الفلسطينية”، إن قرار محكمة الاحتلال إثبات جديد على أن ما تسمى منظومة المحاكم والقضاء الإسرائيلية هي جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال، ومتورطة في توفير الحماية القانونية لمصادرة الأملاك المسيحية والإسلامية في القدس، والاستيلاء عليها كحلقة في عدوان متواصل لتهويد القدس ومقدساتها.
وطالبت “الخارجية”، مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، ووقف سياسة الكيل بمكيالين واحترام القرارات الأممية وتنفيذها فورا خاصة القرار 2334، كما طالبت الإدارة الأميركية الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها، وفي مقدمتها سرعة إعادة فتح القنصلية في القدس والضغط على سلطات الاحتلال لوقف تغولها وتهويدها للقدس، داعية الأمم المتحدة بتفعيل نظام الحماية الدولية للشعب الفلسطيني عامة وللقدس ومقدساتها بشكل خاص.
وفي الأثناء؛ أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، أمس، عن استشهاد الشاب الفلسطيني سميح عمارنة متأثراً بإصابته الخطيرة برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، قبل أيام، خلال مواجهات في بلدة يعبد بمحافظة جنين، شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وباستشهاد الأسير المحرر عمارنة؛ يرتفع عدد شهداء الشعب الفلسطيني إلى 65 منذ بداية عام 2022، بينهم 23 من محافظة جنين وحدها.
في حين اندلعت مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية، أطلقت الأخيرة خلالها الرصاص والغاز المسيل للدموع، مما تسبب في إصابة عشرات الفلسطينيين بحالات اختناق شديدة.
من جانبها؛ أكدت حركة الجهاد الإسلامي، المضي قدماً على درب المقاومة، في مواجهة اَلة القتل والدمار الصهيوني، داعية إلى رص الصفوف والعمل على تعزيز روح المقاومة، للتصدي لجنود الاحتلال والمستوطنين الذين يستهدفون الأرض والشعب والمقدسات.

نادية سعد الدين/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة