مع أزمة سير متفاقمة وحلول خجولة بإربد.. هل يبقى “الاتجاه الواحد” مؤجلا؟

إربد – على مدار سنوات عدة، تعكف الجهات المعنية في إربد على إيجاد حلول لوقف تفاقم الأزمة المرورية، في وقت تضاعف فيه أعداد المركبات في كل سنة، بينما سعة الشوارع ثابتة، يحصرها البناء، وحلول الجسور والأنفاق صعبة إن لم تكن مستحيلة كونها تحتاج لمساحات ومخصصات كبيرة.

أمام هذا الواقع، لجأت الجهات المعنية إلى حلول متنوعة، من قبيل استحداث إشارات مرور ضوئية عند التقاطعات، وإنشاء ميادين، وعمل فتحات التفاف في العديد من الشوارع، وإغلاق أخرى كانت موجودة، واستبدال إشارات ضوئية بميادين واستبدال ميادين بإشارات ضوئية.

رغم هذه الإجراءات، فإن السائقين لم يلمسوا أي تحسن، بل إن الأزمة تتزايد، في المقابل يقر القائمون على الخطط المرورية في المدينة، وتحديدا أعضاء لجنة السلامة المرورية المشكلة من عدة جهات، أبرزها البلدية والسير، أن هذه الحلول غير جذرية وأن الحد من الأزمة ومنع تفاقمها يكمن في حل مؤجل وهو “الاتجاه الواحد”.
ملف أزمة السير، طالما كان محور نقاش العديد من اللقاءات، سواء تلك التي جمعت أطراف شعبية ورسمية، أو حتى التي عقدت داخل القاعات المغلقة.
في اجتماع عقد مؤخرا، ويمكن اعتباره بـ “استباقي”، قبل دخول فترة الصيف ووصول أزمة السير إلى مراحل مزعجة، أعيد طرح ملف أزمة السير، مع تصور ما يمكن أن تكون عليه شوارع المدينة خلال السنوات القادمة، إذا ما استمر الحال على ما هو عليه دون إيجاد حلول جذرية.
المجتمعون والذي مثلوا أكثر من جهة معنية بإربد، أجمعوا على أن الحل الوحيد هو تطبيق خطة الاتجاه الواحد، والتي طالما تم اقتراحها ولكن من دون تطبيقها.
في الاجتماع المشار إليه، اعتبرت مدير دائرة المرور في بلدية إربد الكبرى المهندسة لمياء أبو العسل أن تطبيق الخطة المرورية وتحويل بعض الشوارع بالاتجاه الواحد في هذا الوقت، بات أمرا ضروريا وملحا، في ظل تفاقم المشكلة في كل عام، لافتة إلى أن البلدية في الوقت الحالي ليس لديها حلول فيما يخص توسعة الشوارع من خلال الاستملاك، بسبب وجود الأبنية، إضافة إلى عدم وجود مجال لعمل أنفاق وجسور في الشوارع.
وتؤكد أبو العسل أن البلدية بدأت قبل سنوات وبشكل حقيقي بتطبيق الخطة المرورية، وقامت بإجراء تنفيذي على أرض الواقع، وإزالة حينها بعض العوائق في الجزر الوسطية، إلا أنها اصطدمت بمعارضة واسعة من قبل المجتمع المحلي والنقابات المهنية وغيرها، مما أدى إلى وقف المشروع.
وكانت جامعة العلوم والتكنولوجيا وقبل حوالي 17 سنة، قد أجرت دراسة “حول واقع المدينة المروري” بتكليف من بلدية إربد الكبرى حينها، واستمرت الدراسة ثلاث سنوات فيما اصطدمت مخرجاتها ونتائجها بمعارضة العديد من الجهات، ولم ينفذ منها إلا توصيات محدودة، وتم إيقاف تنفيذ الجزء المهم منها إلى إشعار آخر.
وقدمت الدراسة حلولا مناسبة لمعالجة مشاكل إربد المرورية والتنظيمية وللحيلولة دون تفاقم المشاكل المرورية عبر السنوات المقبلة.
وحسب الدراسة فإن تحويل بعض الطرق الرئيسة وسط المدينة إلى اتجاه واحد كان على رأس الحلول التي من شأنها الحد من الأزمات المرورية في إربد، على أن يتم البدء بالشوارع الأكثر ازدحاما (شارع إيدون، شارع الحصن، شارع الهاشمي، شارع بغداد)، وإكمال المراحل الناقصة من الطريق الدائري ورفع مستوى الخدمة على أجزائه المنفذة حاليا.
وأوضحت أبو العسل أن الميادين التي تقوم البلدية بإنشائها تتم من خلال دراسة شاملة وبمشاركة مختلف الجهات المعنية، ولا يتم وضعها بشكل عشوائي، مؤكدة أن تصميم الميادين يتم بشكل هندسي للتخفيف من الأزمات المرورية التي تشهدها بعض الشوارع.
من جانبه، يقول رئيس قسم السير بإربد المقدم خالد الخالدي إن مديرية الأمن تطبق القانون على المخالفين، مبينا أن هناك بعض الشوارع في المحافظة تم تحويلها إلى اتجاه واحد بعد إجراء دراسة والتصويت على القرار من قبل لجنة السير في ظل وجود أزمات واختناقات مرورية، لافتا إلى تضاعف عدد المركبات إلى أكثر من 5 مرات، في المقابل لا يمكن توسعة الشوارع بسبب وجود أبنية على جوانبها.
وأكد الخالدي أن تحويل بعض الشوارع الرئيسة في مدينة إلى الاتجاه الواحد أصبح ضرورة في ظل ضيق الشوارع من جهة وزيادة أعداد المركبات بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
وأضاف أن مرتبات قسم السير يبذلون قصارى جهدهم في الحفاظ على انسياب الحركة واتخاذ إجراءات في أرض الميدان بإغلاق جزء من الميادين وتحويل السير وغيرها من الإجراءات حسب ما تقتضيه الظروف.
ولفت إلى أن عدد مخالفات السير بكافة أنواعها وخاصة فيما يتعلق بالوقوف المزدوج واستخدام الهاتف الخلوي وتجاوز الإشارة الحمراء قد انخفضت بشكل لافت بعد تغليظ المخالفات، مبينا أن الميادين وإغلاق الفتحات في الجزر الوسطية يتم عادة بالتنسيق مع الجهات المعنية وبعد دراسات مرورية.
وقالت مديرة هيئة تنظيم قطاع النقل في إربد المهندسة رولا العمري إن تحويل بعض الشوارع إلى اتجاه واحد من شأنه خدمة باصات النقل العمومي من خلال تخصيص مسرب من تلك الشوارع لمرور باصات النقل العمومي، الأمر الذي يسهم يتخفيف الاختناقات المرورية، وسيزيد من إقبال المواطنين على استخدامها، بدلا من مركباتهم الخاصة.
وتأمل العمري أن يرى مشروع النقل الحضري في إربد النور في أقرب وقت، مؤكدة أن الهيئة بذلت جهودا كبيرة خلال السنوات السابقة على تنظيم المواصلات في إربد، لافتة إلى أن 50 % من الباصات والحافلات باتت مدموجة، الأمر الذي يسهل التعامل مع أصحاب تلك الباصات.
وأشارت إلى أن الهيئة جاهزة بعمل مواقف ومواقف انتظار للركاب بتمويل من مجلس المحافظة، في حال تم البدء بالخطة المرورية وتحويل الشوارع بالاتجاه الواحد والعمل بنظام التردد أسوة بالباص السريع في عمان وتجويد الخدمة المقدمة للركاب.
وكانت هيئة تنظيم قطاع النقل البري أكدت العام الماضي أنها ستعمل على طرح عطاء مشروع النقل الحضري لمدينتي إربد والزرقاء بعد إنهاء مرحلة الدراسات التي امتدت لست سنوات.
والمشروع الذي تقدّر كلفته بنحو 18 مليون دينار سيشمل سبعة خطوط، فيما ستتكفل وزارة النقل بشراء 39 حافلة بعضها تعمل بنظام الكهرباء لصالح المشروع على أن تقوم البلدية بتأهيل البنية التحتية وأيجاد محطة مبيت وانطلاق للحافلات.
بدوره، قال عضو مجلس محافظة إربد محمد فوزي الناصر إن مجلس المحافظة على استعداد تام لتمويل أي مشروع من شأنه التخفيف من الأزمات المرورية في شوارع إربد ومناطقها، لافتا إلى أن تحويل شوارع إربد باتجاه واحد بات مطلبا لأهالي المدينة في ظل عدم جدوى الإجراءات التي تقوم بها الجهات المعنية بين الفينة والأخرى لحل مشكلة الأزمات.
بالعودة ألى الدراسة التي أشرفت على إعدادها عدة جهات منها جامعة العلوم والتكنولوجيا وأمانة عمان ووزارة الأشغال إضافة إلى البلدية، فقد دعت اإلى أهمية إعادة النظر بواقع المطبات من حيث وضعها على الشوارع الفرعية قبل دخول الشوارع الرئيسة وإزالتها عن الشوارع الرئيسة، إضافة إلى ضرورة تحسين مداخل الدواوير، وتحسين مدى الرؤية على جميع التقاطعات، وتشديد الرقابة المرورية وتحسين سلوك السائقين والمشاة من خلال تكثيف برامج التوعية المرورية.
كما أوصت بزيادة مستوى الرقابة وتقليل عدد التقاطعات المصلبة (ذات الأربعة مداخل) على الطرق الرئيسة، وإغلاق الجزر الوسطية قدر الإمكان، وتقصير أطوال ممرات المشاة عند الطرق الرئيسة باستخدام الجزر الوسطية وتوفير أماكن للعب والتنزه للأطفال في المناطق السكنية.
وكانت البلدية قبل أكثر من 17 سنة قد بدأت بتنفيذ خطة تحويل بعض الشوارع باتجاه واحد، إلا أنها اصطدمت بالعديد من الاحتجاجات من قبل التجار وناشطين وخاصة بعد عزم البلدية آنذاك قطع أشجار معمرة استجابة لمقتضيات الخطة المرورية.
ونسقت البلدية آنذاك مع شركة الكهرباء لإزالة الأعمدة وخطوط الكهرباء ونقلها لأماكن بديلة بكلفة تصل إلى ربع مليون دينار لتنفيذ الخطة وتضمنت الخطة إزالة أعداد من الأشجار يعود عمر بعضها لقرابة سبعين عاما.
ولم يحظ هذا التوجه بموافقة جهات رسمية أبرزها مديرية زراعة إربد التي أعلن مديرها حينها عدم موافقته.
وبموجب توصيات اللجنة من المقرر أن تشهد أبرز الشوارع، “الملك عبدالله الثاني وفراس العجلوني وشفيق إرشيدات وراتب البطاينة وعبد القادر التل وغيرها، تحويلا كليا أو جزئيا لاتجاهاتها على أن يكون المسير فيها باتجاه واحد”.
كما تضمنت التوصيات الشروع بالتحضير لإزالة حسبة الخضار والفواكه وإنشاء نفق أو جسر أمام البوابة الشمالية لجامعة اليرموك للمشاة لضمان عدم التداخل ما بين المواطنين وحركة مرور المركبات في الشارع.

 أحمد التميمي/ الغد

 

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة