موز محلي بشكل وطعم “المستورد”.. قصة نجاح هل يكتب لها الاستمرار؟

الشونة الجنوبية- بين المحلي والمستورد، تفاصيل دقيقة، قد لا يميزها مستهلكون عند شرائهم لمنتج الموز من الأسواق، بعد أن اقترب الموز “الغوري” من منافسه “الصومالي”، من حيث الجودة شكلا وطعماً، في تطور نوعي للمنتج المحلي، الذي ما يزال بحاجة إلى الدعم، وفق ما يراه مزارعون، اعتبروا انهم “يخوضون معركة”، وصفوها بـ “الشرسة” في مواجهة “قرارات رفع الحماية”.
وعلى مدى عقود مضت، اعتبرت زراعة الموز في الأغوار من أهم الزراعات المجدية، إلا أنها واجهت تحديات جمة نتاج الإجراءات الحكومية المتعاقبة والمتمثلة بالسماح باستيراد الموز وخاصة الصنف الصومالي، والذي كان لوقت قريب لا يستطيع الموز المحلي منافسته من حيث الجودة.
وفي تطور تدريجي، حرص مزارعو الموز بالاغوار على مواكبة التطورات التي شهدتها زراعة الموز، باستخدام الطرق الزراعية والتكنولوجيا الحديثة التي أسهمت في تحسين الإنتاج وعززت من قدرته على المنافسة، إذ أن غالبية الأصناف التي تزرع حاليا هي أصناف محسنة تؤتي ثمارا ذات جودة عالية سواء من ناحية الإنتاج أو الحجم الذي بات ينافس أفضل الأصناف المستوردة في الطعم والشكل.
في هذا الخصوص، يشير المزارع عامر العدوان الى ان “العائد الاقتصادي الجيد من زراعة الموز شجع الكثير من المزارعين والمستثمرين والشركات على الإقبال على زراعته باستخدام الطرق الحديثة التي تقلل من الحاجة لمياه الري مقارنة بالصنف البلدي واقل عرضة للامراض، رغم الكلف المرتفعة وحاجة المحصول الى خدمة ورعاية كبيرة طوال فترة زراعته”.
وأوضح، أن “إقبال المزارعين على استخدام التكنولوجيا الحديثة والمتطورة كزراعة الفسائل النسيجية واستخدام أحدث الطرق في عمليات الري والتسميد والانضاج وعمليات ما بعد الحصاد أحدثت تغيرا جذريا في زراعة الموز الذي يعتبر احد اهم محاصيل الفاكهة التي يقبل عليها المستهلك بشكل كبير وعلى مدار العام”.
واستدرك العدوان قائلا، “رغم النجاحات الكبيرة التي حققها المزارعون إلا أنهم ما زالوا يواجهون تحديات كبيرة ويخوضون معركة شرسة مع المنتج المستورد خاصة خلال فترة ذروة الانتاج، الأمر الذي قد يتسبب بخسائر فادحة في ظل الارتفاع المتوالي لكلف الانتاج”.
ولفت الى “ان تجاهل وزارة الزراعة لمطالب المزارعين المتكررة بحماية المنتج المحلي ووقف الاستيراد سيؤدي الى تدمير القطاع ويفاقم من ظاهرتي الفقر والبطالة في المنطقة التي تعاني اصلا من ظروف اقتصادية صعبة نتيجة تراجع القطاع الزراعي”.
على وقع هذا التطور، بات الموز البلدي الغوري من ذكريات الزمن الماضي، فيما ستتشابه الاصناف المحلية المنتجة حديثا بالاصناف المستوردة، مع استمرار المنافسة التاريخية غير العادلة بين الصنفين.
ويؤكد المزارع محمد أبو الطبيخ أن “معظم محصول الموز الذي يزرع في مناطق الاغوار هو عبارة عن أصناف هجينة ومتطورة ويتم انتاج الاشتال عن طريق المختبرات أو ما يسمى بالزراعات النسيجية والتي تؤتي محصولا ذا جودة عالية شبيها بالموز المستورد حتى أن البعض يقوم بتسويقها على انها منتج مستورد”.
غير انه اعتبر أن “استمرار وزارة الزراعة بفتح الأبواب لاستيراد الموز بشكل كبير سيؤثر بشكل سلبي على المزارع المحلي، ويسبب خسائر كبيرة له نتيجة تدني أسعار بيع المنتج المحلي”، مشيرا الى ان “المنافسة بين الموز المحلي والمستورد غیر عادلة لارتفاع كلف الإنتاج ما قد يؤدي الى انتكاسة لمزارعي مناطق الأغوار لصالح فئة محدودة من المستوردين”.
ويقول” ان على الحكومة تنفيذ الرؤى والتوجيهات الملكية بالنهوض بالقطاع الزراعي كركيزة للأمن الغذائي وتوفير الحماية للمزارع ودعمه”، موضحا “ان المزارع الأردني يتحمل الكثير من الأعباء ويبذل الجهود الجبارة للاستمرار في الانتاج رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها ما يستدعي العمل بجد لدعمه وحمايته وتوفير البيئة المناسبة لضمان استمرار عمله بالزراعة”.
ويشير المزارع بكر العدوان، الى أن “مزارع الموز يبذل جهودا جبارة في سبيل الاستمرار في زراعة ارضه، اذ ان غالبية الاراضي الزراعية التي تزرع بالموز خاصة في لواء الشونة الجنوبية تعتمد على مياه الآبار المالحة التي يتحمل المزارع أعباء كبيرة لتحليتها لكي تصبح صالحة للري”، موضحا ان “كميات المياه التي توفرها وزارة المياه والري / سلطة وادي الاردن مرهونة بمعدلات الهطل المطري ومخزون السدود وفي معظم الاوقات لا تلبي %30 من حاجة الاراضي الزراعية”.
ويضيف، “هذه الجهود يجب ان تقابل بالثناء والدعم إلا أننا على أرض الواقع نواجه حربا في ظل الاجراءات التي تتخذها الحكومة ممثلة بوزارة الزراعة والتي من شأنها زيادة التحديات والصعوبات حتى اصبح صغار المزارعين على وجه الخصوص غير قادرين على الاستمرار في زراعة أراضيهم”، مشيراً الى أن “استمرار هذا النهج خلال الفترة القادمة التي ستبدأ فيها ذروة موسم الانتاج، سيشكل انتكاسة للمزارعين الذين يعتمدون كليا في معيشتهم على زراعة الموز”.
ويطالب مزارعون بضرورة توفير الحماية للمنتج المحلي ووقف الاستيراد خلال فترة ذروة موسم الإنتاج التي يغطي فيها الانتاج المحلي حاجة السوق ويوفر أصنافا تضاهي المستورد، وضرورة إعادة الرسم النوعي الذي يحقق المنافسة بين المحلي والمستورد ويوفر لخزينة الدولة عشرات الملايين.
من جانبه، شدد عضو الاتحاد النوعي للموز زياد العدوان على ضرورة وقف استيراد الموز خلال الفترة المقبلة التي تعتبر ذروة الانتاج والتي تبدأ منتصف شهر ايلول (سبتمبر) المقبل وتنتهي في منتصف شهر ايار (مايو) من العام المقبل.
واضاف العدوان لـ “الغد”، انه خلال الفتره الحالية يجب على وزارة الزراعة تقنين منح الرخص لاستيراد الموز في ظل وجوده وبكثرة بالاسواق وبجودة عالية، مؤكدا انه خلال فترة الانتاج فان الموز المحلي يغطي حاجة السوق.
ويقول “إن نسبة الأراضي المزروعة في لواء الشونة الجنوبيه لا تتجاوز %10 ويتم ريها عن طريق تحلية المياه المالحة، اذ ان سلطة وادي الأردن تمنح المياه لمدة عشر ساعات في الأسبوع وهذه المدة لا تروي سوى 3 دونمات من الوحدة الزراعية التي تبلغ من 35 الى 40 دونما”، موضحا انه “وفي ظل دعوات وقف زراعة الموز كونه يحتاج الى كميات مياه كثيرة، فان زراعة الموز التي تتركز في منطقة لواء الشونة الجنوبية تعتمد بشكل شبه كلي على المياه المالحة المحلاة، لأن المنطقة التي تضم سدي الكفرين ووادي شعيب وهي سدود تستغل لغايات الري فقط ولا تستخدم للشرب، لا توفر الكميات اللازمة لري الاراضي الزراعية بغض النظر عن المحاصيل التي تزرع فيها”.
ويوضح ان “وزارة الزراعة قامت مؤخرا بإلغاء الرسم النوعي “رسوم الجمرك” على الموز المستورد، وهو ما حرم خزينة الدولة من 200 مليون دينار سنويا، معتبرا ان هذا القرار لصالح عدة مستوردين فقط، فيما ألحق الضرر بمزارعي الموز بشكل كبير، مشددا على ضرورة إعادة النظر بهذه القرارات التي من شأنها إرهاق القطاع.
وكانت وزارة الزراعة وفي ردها على تقرير سابق نشر بـ”الغد” حول شكاوى مزارعين من إغراق الأسواق بالموز المستورد اكدت أن “الكميات التي ترد لسوق عمان المركزي لا تتجاوز 100 طن يوميا، فيما تبلغ حاجة السوق من 250 إلى 280 طنا يوميا”.
واضافت على لسان ناطقها الإعلامي لورانس المجالي، “تقوم الوزارة بمنح رخص تجميلية لسد احتياجات السوق بواقع 75 الى 100 طن يوميا، وذلك يعد أقل من احتياجات السوق الفعلية ومراعاة لتوفر الكميات والأصناف المختلفة مثل الدراق والمشمش والتفاح والبطيخ والشمام وغيرها”.
وشدد على التزام الوزارة في الحفاظ على التوازن وبما يضمن توفر المنتج للمستهلك دون المساس بالمزارع، علما أن الوزارة لا تمنح رخصا لاستيراد الموز العربي ولا تسمح بدخول الموز الاكوادوري من المراكز الحدودية للأسواق مباشرة، بل تحت إشراف دائرة الجمارك والوزارة.

حابس العدوان وعبد الله ربيحات/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة