هربا من دكتاتورية “ميتا”.. نزوح الآلاف إلى “تليغرام”

بعد أن شنَّت معظم وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها “ميتا” المالكة لفيسبوك وانستغرام وواتساب، حربا ضروسا ضد الفلسطينيين وكل من يتعاطف معهم في ظل حرب الإبادة التي يشنها الصهاينة على الفلسطينيين، شهدت التطبيقات الأكثر شهرة “نزوحا جماعيا” إلى تطبيق “تليغرام” الذي كان الملجأ الوحيد للتفاعل ونقل الأخبار بحرية.

تلك الحرب العمياء التي قادتها وسائل التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” و”انستغرام” و”واتساب” زادت الاقبال على تطبيق تليغرام بوتيرة غير مسبوقة، بينما تراجع ترتيب عمالقة السوشال ميديا بشكل غير مسبوق أيضا.

ولا توجد ارقام رسمية ترصد عدد مستخدمي تطبيق ” تليغرام” في الاردن لكن موقع ” سيميلار ويب” الذي يظهر اكثر التطبيقات تحميلا في مختلف الدول كشف أن ” تليغرام” احتل المرتبة الاولى طيلة الاسابيع القليلة الماضية كأكثر تطبيق تحميلا عبر متجر الجوجل بلاي، بينما حل تطبيق ” فيسبوك” في المرتبة السابعة، فيما كان الاخير المملوك لشركة ” ميتا” العالمية يتصدر قبل بداية العدوان على غزة قائمة التطبيقات الاكثر تحميلا في الاردن والمنطقة العربية.
بلغة الارقام يقدر عدد مستخدمي تليغرام اليوم حول العالم بأكثر من 800 مليون مستخدم، فيما يقدر عدد مستخدمي فسيبوك بحوالي 3 مليارات مستخدم، فيما يمتلك تطبيق واتساب قرابة 2 مليار مستخدم.
وخلال اربعين يوما فقط منذ بدء العدوان الهمجي على غزة، اضحى تطبيق تليغرام وفقا لخبراء الاكثر شعبية في الاردن والمنطقة مع تمتعه بمزايا توفير المحتوى الاخباري دون تقييدات او خوارزميات تنحاز لجانب على آخر، وسهولة إجراء المحادثات ومشاركة المعلومات أو الملفات ذات الحجم الكبير، فضلا عن توفيره أيضاً ميزة الحذف التلقائي، وغيرها من المزايا والادوات التي جعلته مقصدا لكثير من وسائل الاعلام وصانعي المحتوى مثل ميزة انشاء القنوات المتخصصة وتوفيره الامان والخصوصية والتشفير.
وتعتمد حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على تطبيق تليغرام في نشر محتواها وأخبارها، ففي هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الذي أطلقت فيه عملية طوفان الأقصى، عرضت أخبار العملية والهجوم ومقاطع الفيديو على قنواتها في تليغرام ويبلغ عددها 7 قنوات، لانها وجدت في التطبيق خيارا مناسبا لأخبارها وفيديوهاتها بسبب قيوده المخففة مقارنة بالمنصات الاخرى لا سيما فيسبوك.
وتضاعفت متابعة قنوات تليغرام التابعة لحماس بسرعة في الأيام الخمسة الأولى من طوفان الأقصى، كما تضاعفت قناة “كتائب القسام” – وهي القناة المخصصة للجناح العسكري للحركة- 3 مرات من 205 آلاف مشارك إلى نحو 620 ألفا، إلى جانب زيادة عدد المشاهدات لكل منشور بمقدار 10 أضعاف
بيد ان دكتاتورية وانحياز شركات التقنية العالمية مثل جوجل وابل المالكة لأنظمة تشغيل الهواتف الذكية لأجهزة الاندرويد والايفون، قد وصلت حتى تليغرام، حيث اجبر تليغرام على حذف عدد من القنوات المرتبطة بحركة حماس، وذلك بعد ضغوط كبيرة تعرضت لها من الشركتين الاميركيتين لادعاء مجموعات خارجية ان قنوات حماس تنتهك شروط خدمة متجري آبل وغوغل التي يتم تنزيل تطبيق تلغرام من خلالهما.
ياسمين عثمان التي لمست تحيزا واضحا من قبل منصات اجتماعية عالمية على رأسها فيسبوك لدعم الرواية الاسرائيلية على حساب الفلسطينيين قررت قبل اسابيع قليلة تحميل واستخدام تطبيق ” تليغرام” للتراسل الذي وجدت فيه كما تقول ” ملجأ محايدا وآمنا” للتواصل والحصول على معلومات متجددة حول الحدث المؤلم في غزة.
ياسمين تقول “استخدامي هذا التطبيق، روسي المنشأ، كان سببه تقييد المحتوى العربي على المنصات الاخرى وتحديدا المحتوى الفلسطيني واحداث غزة”.
وتضيف “وجدت فيه سرعة في الوصول لأكبر قدر من المعلومات حول القضية الفلسطينية والاحداث في غزة، ووجود خاصية المجموعات والقنوات التي تساعدنا كداعمين للقضية الفلسطينية لتقديم المساعدة ونشر الجرائم التي يقوم بها الاحتلال ضد اهلنا في غزة”.
وأكدت ياسمين أنها بحثت طيلة الفترة الماضية عن بدائل افضل واكثر عدالة وحفاظا على الخصوصية من التطبيقات التي اعتاد عليها الناس في التواصل الاجتماعي وتناقل ومشاركة المحتوى والتي ظهر انحيازها ودعمها الواضح للصهاينة وعلى رأسها فيسبوك وانستغرام، لأن الاخيرة بالنسبة لها ” قد فقدت احترامها ومصداقيتها لدى كثير من المستخدمين العرب وحول العالم” لانها تتيح للعدوان الاسرائيلي نشر محتواه التحريضي فيما تقيد حق التعبير للعرب والفلسطيني وبشكل واضح.
وياسمين عثمان هي واحدة من بين آلاف الاردنيين والعرب الذين انضموا الى تطبيق تليغرام للتواصل ومتابعة الاخبار مع الميزات التي يوفرها هذا التطبيق الذي مر على انطلاقته اليوم عشر سنوات، الى جانب منصة “اكس” او “تويتر” سابقا والتي تتيح مساحة للتعبير عن الرأي وبشكل حيادي اكثر من المنصات الاخرى.
إضافة تطبيق ” تليغرام” الى قائمة التطبيقات التي يعتمد عليها الأردنيون والعرب في المنطقة وزيادة اعداد مستخدميه عبر عنه مؤسس “تليغرام” بافيل دوروف ثاني أيام العدوان الاسرائيلي على غزة عندما نشر على قناته العامة على التطبيق قائلا: “يقوم حاليا مئات الآلاف بالتسجيل في تليغرام من الاراضي المحتلة” مضيفا أن الشركة توفر الدعم للغتين العبرية والعربية في التطبيق.
وأكد دوروف وقتها ” يجب أن يتمتع كل شخص متضرر من الحرب بإمكانية الوصول بشكل موثوق إلى الأخبار والاتصالات”.
ولعب تطبيق تليغرام دورا رئيسيا في الحرب الدائرة في قطاع غزة  خصوصا من الناحية النفسية عند بداية الحرب عندما سهل إيصال المحتوى إلى ملايين الأشخاص بسرعة بسبب عدم وجود رقابة قوية على المحتوى على هذه المنصة، بالإضافة إلى وجود شبكة واسعة من القنوات والمجموعات العامة.
وقال الخبير في مجال الاعلام الاجتماعي يزن صوالحة ان “تليغرام عبارة عن منصة رسائل وشبكة اجتماعية مختلطة، يمكن للمستخدمين عبرها إرسال رسائل خاصة مع الأصدقاء أو مجموعات الأصدقاء، أو الانضمام إلى “قنوات” عامة مع عدد غير محدود من الأعضاء، أو الانضمام إلى مجموعات خاصة (كل ما تحتاج إليه هو رابط للانضمام)”.
وقال “لجوء المستخدمين في الاردن والمنطقة العربية الى ” تليغرام” يأتي ردا على سياسات وتقييدات المنصات الاجتماعي مثل فيسبوك وانستغرام للمحتوى الفلسطيني الأمر الذي أغضب المستخدمين الذين وجدوا البديل في التطبيق الذي يعتبر واحدا من تطبيقات التراسل الاساسية اليوم ومثله تطبيقات اخرى مثل السيغنال والفايبر.
ويرى صوالحة “من الجيد أن يجد المستخدم بديلا فعالا للنشر ومتابعة الاخبار، ولكنه نصح بالتواجد الذكي حتى على المنصات التقليدية التي ابدت انحيازا للكيان الصهيوني حتى يستمر صوتنا في الوصول الى الغرب مع قاعدة المستخدمين الهائلة التي تمتلكها منصات مثل فيسبوك وغيرها”.
واشار إلى أن المستخدم في العادة يفضل التواجد على منصات يتواجد عليها معظم معارفه وأصحابه ولكن المشهد اليوم يظهر ان هناك تجمعا ورحيلا كبيرا الى تطبيقات بديلة مثل تليغرام.
وعن مميزات تطبيق ” تليغرام” قال الخبير في مجال التقنية والاتصالات وصفي الصفدي ان “التطبيق يحمل العديد من المزايا التي تستقطب المستخدمين في كل الحالات وخصوصا في اوقات الازمات والحروب، لافتا الى انه بالإجمال فسر لجوء الكثير من المستخدمين اليوم لتحميل واستخدام التطبيق لـ” عدم تحيزه” للرواية الاسرائيلية كما فعلت منصات اجتماعية اخرى مثل ” فيسبوك” و ” انستغرام” و ” واتساب” وغيرها، كما انه ” اصبح الوسيلة المفضلة لقنوات البث للمستخدمين العاديين”.
واوضح الصفدي ان ابرز مزايا ” تليغرام” تتمثل في توفيره ميزة ( الدردشات الجماعية غير المحدودة)، اذ يسمح تليغرام بأحجام وقنوات أكبر للمجموعات، مما يجعله أكثر ملاءمة للبث إلى جمهور كبير مقارنة مع أحجام مجموعات واتساب المحدودة، والقنوات ليست ميزة قوية ومنافسة لتليغرام.
وبين أن من مزايا التطبيق ايضا (الوصول العام)، موضحا ان قنوات تليغرام مصممة لبث الرسائل لعدد كبير من المشتركين دون الكشف عن هوياتهم، وهذا يجعلها أكثر ملاءمة لنشر المعلومات العامة.
وأشار الصفدي الى ميزة ( المرونة) في التطبيق وذلك من خلال توفيره قنوات تليغرام المزيد من المرونة من حيث التخصيص، حيث يمكن أن تكون لديك قنوات عامة أو خاصة، ويتمتع المسؤول عن القناة بقدر أكبر من التحكم في المحتوى والإعدادات وآلية الوصول للمحتوى.
وأكد ميزة رابعة تتمثل في ( امكانية مشاركة الروابط)  يمكن مشاركة قنوات تليغرام بسهولة عبر الروابط، مما يسمح للمستخدمين بالانضمام دون الحاجة إلى دعوة، وهذا يجعلها ملائمة لنمو الجمهور بسرعة.
وقال الصفدي “التطبيق يمتلك ميزة ( تخزين الوسائط) بتوفيره مساحة تخزين سحابية مجانية لملفات الوسائط المتعددة، مما قد يكون مفيدًا عند التعامل مع كميات كبيرة من محتوى الوسائط المتعددة في قناة البث” مبينا ان هذه الميزة تتيح هذه الخاصية للمستخدمين الوصول إلى الرسائل من أجهزة متعددة بسلاسة ويسر من خلال اجهزة متعددة ايضا.
وتأكيدا على المزايا التي استعرضها الصفدي لـ” تليغرام” اكد المستخدم كريم علي الذي يعمل في القطاع الاعلامي بانه ” استفاد” كثيرا من هذا التطبيق بالمزايا التي يوفرها وخصوصا لمتابعة اخبار العدوان الهمجي لقوات الاحتلال على غزة.
وقال المستخدم كريم انه انضم الى تليغرام قبل اكثر من اربع سنوات، وهو الامر الذي ابعده بشكل اختياري عن استخدام “تطبيق فيسبوك واصفا اياه بأنه قليل الفوائد” قياسا بتطبيقات اخرى بديلة فضلا عن انه يعرض محتوى عاما غير متخصص قد يضيع الكثير من الوقت عليك.
وبين المستخدم كريم ابن 29 عاما أن هناك ادوات ومزايا يوفرها التطبيق استفاد منها في التعلم الذاتي وخصوصا تعلم اللغات والمونتاج للفيديو والصور الى جانب ما يوفره من تدفق مستمر للاحداث الجارية اذا ما كان المستخدم يتابع قنوات او مجموعات متخصصة في نقل الاخبار.
ومن ميزات تليغرام أيضا سهولة جمع جمهور كبير إذ يمكن أن تحتوي القنوات العامة على عدد غير محدود من المشتركين، والمجموعات الخاصة على 200 ألف عضو، وهو أكثر بكثير من الحد الأقصى المسموح به في واتساب الذي يسمح بالوصول إلى 1024 عضوا فقط.

 إبراهيم المبيضين/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة