وقفات مع التجربة الاقتصادية الماليزية/ أحمد غزالة – مصر

=

بقلم : أحمد غزالة

كاتب ، وخبير اقتصادي – مصر

أصدقائي القراء في الوطن العربي ، أتناول معكم في هذا المقال تحليلاً اقتصادياً موجزاً للتجربة الماليزية ، وحقيقةً اختياري للتجربة الماليزية ليس عشوائياً ، فهي تجربة تستحق منا ككتاب اقتصاديين أن نلقي الضوء عليها ؛ وذلك لما حققته من نهضة اقتصادية غير مسبوقة واستطاعت أن تكون في مقدمة دول جنوب شرق آسيا ، فأصبحت حاليا ما بين ثالث ورابع أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا ، بينما تحتل المرتبة 35 عالمياً ،

وأيضاً كان من أهم أسباب تناولي لهذه التجربة أن ماليزيا لم تكن بطبيعتها من الدول المتقدمة اقتصادياً فضلاً عن تأثرها قبل ذلك بالأزمة المالية الآسيوية والتي كادت أن تعصف بالاقتصاد الماليزي وخاصة مع بداية عام 1997، حيث انخفض الناتج المحلي لماليزيا بنسبة كبيرة واستمر هذا الانخفاض لعدة سنوات ، وحدث تدهور للاستثمارات وانخفاض لقيمة العملة وظهور عدة مشاكل اقتصادية وكان على رأسها مشكلة التضخم التي أثرت على الاقتصاد الماليزي في ذلك الفترة ، ولكن سرعان ما تعافى الاقتصاد الماليزي مع بداية عام 2003 ، حتى أصبح في المرتبة الثالثة لدول جنوب شرق آسيا ، ومن هنا يجب علينا كمحللين اقتصاديين أن نلقي الضوء على كيفية خروج الاقتصاد الماليزي من هذه الأزمات الاقتصادية إلى هذا التقدم الاقتصادي ،

وبالبحث حول كيفية تخطي الاقتصاد الماليزي لهذه الأزمة حتى يمكن الإستفادة من هذه التجربة وخاصة في الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية ، تبين أن أحد وسائل العلاج الهامة للاقتصاد الماليزي تمثل في السياسات الاقتصادية الرشيدة ، ومن هنا يتضح لنا أن السياسات الاقتصادية تلعب دوراً هاماً في تقدم أي اقتصاد  ، وأيضاً من الدروس المستفادة من التجربة الماليزية لتخطي العقبات الاقتصادية ، هي أن الاقتصاد الماليزي في تلك الفترة اعتمد على تنمية مختلف القطاعات ، حيث كان الاقتصاد الماليزي يعتمد على الزراعة فقط ، فتم تنشيط الصناعة المحلية والاهتمام بها ، وتنشيط حركة التجارة الخارجية وخاصةً التصدير مما أدى لانفتاح أكثر للسوق الماليزية مع الأسواق العالمية ، ومن هنا يتضح لنا مدى أهمية الاهتمام بمختلف القطاعات ،

وألا يعتمد الاستثمار على قطاع واحد نظراً  للأثر الإيجابي لتنوع الاستثمارات على الاقتصاد ، من هنا يمكن الاستفادة من خطوات التجربة الماليزية في مناهضة الأزمات والمشاكل الاقتصادية وبخاصة مشكلة التضخم  والذي يعد مرضاً عضالاً يعوق التنمية الاقتصادية في أي دولة ، وخاصة أنه كان هناك أثراً إيجابياً لهذه الاجراءات التي اتبعتها ماليزيا واستطاعت من خلالها كبح جماح التضخم ، وتحسين الأوضاع الاقتصادية منذ عام 2003 حتى الآن ، واستطاعت بذلك أن تحقق نهضة اقتصادية غير مسبوقة يضعها في مقدمة دول جنوب شرق آسيا ، ومن هنا يجب أن يكون هناك دروس مستفادة من التجربة الماليزية وخاصة لدى كثير من الدول الإفريقية التي تعاني من أزمات اقتصادية ، فيجب أن يكون هناك تحدياً لمواجهة الأزمات الاقتصادية سواء على مستوى الشعوب أو الحكومات ، ويجب أن ندرك تماماً أنه من رحم المحن تولد المنح ، وإلى اللقاء مع القارىء العربي في كتابات اقتصادية لاحقة إن شاء الله .

 

 

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة