آن الأوان لإعلان الثورة في جميع القطاعات / مهند ياسر سالم حداد

=

بِكفي…آن الأوان لإعلان الثورة في جميع القطاعات وعلى رأسها القطاع الصحي والتعليمي الاردني

بداية أتقدم بخالص المواساة والعزاء لصاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ولكافة الاردنيين عامة ولأبناء السلط خاصة والدعاء بالرحمة لشهداء مستشفى السلط.
لقد أحزنني كما أحزن الجميع الحادث الآليم والذي أدى الى إستشهاد ثلةً من أبناء هذا الوطن الغالي وثقوا بإخوةٍ لهم وأئتمنوهم على أرواحهم على أمل الشفاء فكان الموت خنقاً هو مصيرهم، فلم تُصن الامانة مما أدى لإستشهادهم بهذه الطريقة التراجيدية والتي أحدثت جرح عميق في قلوب كل الأردنيين.

وصدقاً منذ ان تولى جلالة الملك المعظم حفظه، وعلى مدار عشرين عاماً، رأيته فقط مرتين كما نقول باللهجة العامية “يقدح الشرار” من عيونه، اول مره عندما تبلغنا بخبر إستشهاد صقرنا الشهيد معاذ الكساسبة رحمة الله عليه وهذه كانت الحادثة الثانية التى رأيته فيها في هذه الحالة من الحُزن والغضب، حُزن على الأرواح البريئة التي أُزهقت، وغضب بسبب الإهمال والتقصير.

إن ما دعاني للكتابة وتقديم الاقتراح التالي، هو حديث جلالة الملك عبدالله الثاني خلال اجتماع مجلس السياسات الوطني قبل ايام بكل صراحة وحرقه عن ما لمسه من كسل وإهمال وفساد البعض من المسؤولين والذي كسر كل قدرة على الإحتمال واعلنها عالية مُدوية انه “بِكفي”, وشعرت بأنني أحد هولاء الآلاف الاردنيين الذين قصدهم جلالة الملك في حديثه الذين يريدون خدمة الاردن من قلوبهم بدون مقابل، الذين ويخافون الله ويعملون بإخلاص من قلوبهم لخدمة هذا الوطن من كل المواقع ومن اي مكان في العالم حتى لو بفكره او كلمة لأننا تربينا كما هي ثقافة كل الاردنيين على الشرف والرجولة والكرامة نحن أهل العزم والشيم الطيبة وورثة الثورة العربية الكبرى ومبادئها السامية.

إذا فليكن حديث جلالة الملك دعوة لثورة في قطاعات الدولة، لإعادة بناءها وهيكلتها وفق أحدث النُظم والمعايير وإعادة بناء وتطوير الخدمات ومحاسبة الفاسدين وإجتثاث الفساد والقضاء عليه.

بناء على ما سبق أتقدم بإقتراحي هذا وهو برأيي المتواضع مشروع وطني استراتيجي، مبني على تجارب انسانية ناجحة يمكننا الاقتباس منها وتبني نموذج اردني.

التجربة الكوبية:

على الرغم من الحصار القاسي والطويل المفروض على كوبا، نجحت هذه الدولة الفقيرة المحاصرة بالوفاء بوعودها لشعبها في توفير الصحة والتعليم وهي حقوق أساسية مجانية تتكفل بها الدولة الكوبية بشكل كامل. وقد إستطاعت الوفاءً به بالرغم من الحصار المفروض عليها وفقرها وقلة امكانياتها وقد تمكنت كوبا ونجحت بتوفير طبيب واحد لكل 148 مواطن، لا بل أصبحت كوبا تُصدر الاطباء لكل دول العالم، وفتحت ابواب جامعاتها لدراسة الطب ليس فقط للكوبيين بل للطلاب الراغبين بدراسة الطب من مختلف دول العالم ومجاناً، حيث تُدرس المدرسة اللاتينية الأميركية للطب والتي تقع على شاطئ كوبا الاستوائي جميع اختصاصات الطب لما يزيد عن 13 ألف طالب من مختلف الجنسية مجاناً، وقد تمكنت خلال 14 عاما من تخريج حوالي أكثر من 17 الف طبيب من 70 دولة، وتقع هذه الجامعة في “سانتا في” غرب العاصمة هافانا.

كل ذلك تم في إطار سياسة يطلق عليها اسم “القمصان البيض” انطلقت بعد سنوات من انتصار الثورة التي قادها فيدل كاسترو في عام 1959 ومنذ ستينيات القرن الماضي استثمرت كوبا في التعليم خصوصا في المجال الصحي وقد بات تصدير الأطباء يمثل دعامة مهمة لإقتصادها ودبلوماسيتها ويعد الأطباء أهم بضاعة تصدرها هافانا إلى العالم، حيث تجني من ذلك أرباحا تتجاوز 11 مليار دولار سنويا وحالياً يوجد أكثر من 45 ألف طبيب كوبي في 67 دولة في مختلف القارات إلى جانب عشرات الآلاف من الممرضين والفنيين والمسعفين.

مشروع وطني استراتيجي:

إستناداً الى الدستور الاردني، المادة السادسة، البند رقم (3) : تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود إمكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين.

يوجد بالأردن ست كليات للطب البشري وكليتان لطب الأسنان وهي:

• الجامعة الأردنية (طب بشري + طب أسنان)
• جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية (طب بشري + طب أسنان)
• الجامعة الهاشمية
• جامعة مؤتة
• جامعة اليرموك
• جامعة البلقاء التطبيقية

وبناء على ما ورد اعلاه من معلومات أتقدم وأضع الإقتراح التالي أمام المسؤولين، حكومةً ونواب وديوان ملكي وجميع المخلصين من أبناء هذا الوطن الغالي متمنياً عليهم تبني هذا المشروع الوطني الاستراتيجي والذي يتلخص بفتح ابواب كليات الطب والدراسات المرتبطة والرديفة للقطاع الطبي في الجامعات الاردنية والإستثمار بتدريس الالاف الاردنيين من جريجي الثانوية العامة والتي تزيد معدلاتهم عن 85% مجاناً وذلك بهدف سد الفجوة والعجز بالأطباء والفنيين والممرضين المؤهلين بالقطاع الصحي وتصدير الفائض من الاطباء والفنيين لدول الجوار مما يمكننا من ضرب عدة اهداف بحجر واحد.

التمويل:

تمويل هذا المشروع الوطني الاستراتيجي يمكن توفيره عن طريق تخصيص الحكومة لمبالغ مالية تقتطع من الموازنة العامة للدولة (على سبيل المثال ولا الحصر ضريبة الجامعات + ضريبة التلفزيون + جزء من الضرائب المفروضة على القطاع الطبي الخاص) وكذلك عن طريق فتح باب التبرعات من القطاع الخاص او عن طريق إنشاء صندوق وطني لجمع التبرعات من كافة ابناء هذا الوطن المعطاء على أن يكون هذا المشروع الاستراتيجي مرتبط بشكل متوازي مع مشروع تحسين القطاع الصحي ورفع كفاءته إداريا وخدماتيا وشمول جميع الاردنيين بلا استثناء بمظلة الضمان الصحي الكامل المجاني.

احتفالنا بمرور قرن كامل على قيام مملكتنا الحبيبة وثورة العرب الكبرى والتي كان عنوانها الرئيسي هو نهضة العرب لا يجب ان تمر بدون قرارت مصيرية ومشاريع استثنائية واستراتيجية للنهوض واعتلاء القمم من جديد وتذليل كل التحديات وخلق برامج ومشاريع وطنية جديدة تساير العصر وتسابق الزمن لكي نعود مجدد في مقدمة الامم والشعوب.

ختاماً أذكر الجميع أنه وخلال العقود الماضية قامت الحكومة الاردنية باستثمار الملايين والملايين بمشاريع مختلفة، الكثير منها اما قد فشل او انه كان بلا جدوى او مردود اقتصادي، هذا المشروع هو مشروع وطني استراتيجي مُجرب ومضمون النتائج وهو مضمون النتائج لأنه إستثمار بالإنسان “أغلى ما يملك الأردن” وهو الاستثمار المضمون دائما.

حفظ الله الأردن وشعبه وقيادته المظفرة.

والسلام عليكم ورحمة الله

مهند ياسر سالم حداد
قرية عرجان – محافظة عجلون
محاسبة – تدقيق وإدارة مالية
مغترب بدولة الامارات العربية المتحدة

 

3 تعليقات

  1. م.اسامة حداد يقول

    نعم الاردن يحتاج ثورة حقيقية في كل مناحي الحياة للحاق بالامم الاخرى والذين كنا نتقدم عليهم في كل المجالات ولكن للاسف تطورت هذه الشعوب ونحن عدنا الى الخلف والسبب الحقيقي هو غياب مشاعر الانتماء والولاء الحقيقي للوطن والسعي نحو المكتسبات الشخصية على حساب الوطن والمواطن والتي اصبحت جهار نهارا بلا خجل فلم نستطع النهوض وتطوير المكتسبات و الخدمات ولم نستطع الحفاظ على ارث ما عمله الاباء والاجداد ، مقال جميل وافكار نيرة لكن عسى من مجيب

  2. ماهر حنا حدّاد يقول

    ابن العم الحبيب مهند أفكار رائعة لو تم تنفيذها وهذا الوباء الذي داهمنا واجب علينا جميعا التكاتف لأن الحكومة وحدها لا تستطيع مجابهة الموقف في ظل استهتار البعض فخطأ أودى بحياة مجموعة من أبناء السلط عليهم رحمة الله وتقبل محبتي وتقديري.

  3. كرم سلامه حدّاد يقول

    شكرا ابن العم مهند ياسر حداد الغالي , على ما ورد بمقالك على صفحة محطة عجلون الزاهرة,
    واعتقد ان الاستثمار (في تنمية الانسان علميا) هو اقل الكلف الاستثمارية على الدولة وخاصة في المجال التمريضي والطبي, والمهن المساندة . شريطة ان يتكفل الخريج بتسديد تكاليف دراسته الفعلية بعد العمل سواء في الداخل او الخارج, لان التكلفة مرتفعه على الجامعات في العلوم الطبية لدينا, ومعظم التخصصات العلمية,

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة