أخلاق الطبيب بين القَسَم وإغراء السوشيال ميديا // الدكتور عاصم منصور

د. منصور يدعو لمدنة سلوك اخلاقي رقمية تنظم تواجد الكوادر الصحية على التواصل الاجتماعي

شدد مدير عام مركز الحسين للسرطان الدكتور عاصم منصور على أهمية وضع مدوّنة سلوك أخلاقي رقمية تنظّم تواجد الأطباء، ومقدمي الرعاية الصحية على منصات التواصل الاجتماعي.

وقال ان ذلك يهدف كما يفترض، للتحديد بوضوح ما هو مقبول وما هو مرفوض من الممارسات الرقمية، بما يحفظ ثقة المجتمع بالمؤسسات الصحية والعاملين فيها، ويحفظ كرامة المرضى وحقوقهم،ويحافظ على الصورة المهنة الطبية ورسالتها الإنسانية.

جاء ذلك،في محاضرة للدكتور منصور، ضمن فعاليات اليوم العلمي لأطباء الأسنان الجدد، وبحضور نخبة من أطباء الأسنان ومجلس النقابة، تناول فيها التحديات الأخلاقية للأطباء في العصر الرقمي وإغراءات منصات السوشيال ميديا، تناولت جملة من القضايا الأخلاقية التي تفرضها وسائل التواصل الاجتماعي على الممارسة الطبية المعاصرة.

وسلّط الدكتور منصور الضوء على التحوّل الكبير الذي أحدثته منصات التواصل الاجتماعي في حياة الأفراد عمومًا، والأطباء على وجه الخصوص، موضحًا كيف غيّر هذا الواقع من حدود الخصوصية الشخصية، وحدود الفصل بين الحياة الخاصة والمهنية للطبيب.

كما ناقش الاستخدامات المختلفة للسوشيال ميديا من قبل الكوادر الطبية، سواء في التسويق للخدمات الطبية، أو التثقيف الصحي، أو التواصل مع الجمهور، أو بناء الصورة المهنية، مؤكّدًا أن هذه الاستخدامات على الرغم من إيجابياتها، إلا أنّها تحمل في طياتها مخاطر أخلاقية وقانونية تقود إلى الإنفلات ما لم تُضبط بقيود واضحة.

وتناول في محاضرته عددا من المحاور الرئيسية، كان من أبرزها: الصورة المهنية للطبيب،المزاول لمهنة الطب، على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف يمكن أن تؤثر منشوراته وسلوكه الرقمي على ثقة المرضى به بشكل خاص وبالمهنة الطبية بشكل عام. محور آخر غاية في الحساسية ناقش حدود الخصوصية والسرية وخطورة مشاركة معلومات أو صور لمرضى عبر المنصات الرقمية دون ضوابط واضحة وموافقات خطيّة مُوقعة من قبل المريض صاحب الشأن أو ولي أمره ، وانعكاسات ذلك على حقوق المريض وعلى المسؤولية القانونية للطبيب.

أيضاً تضارب المصالح المتمثلة في التسويق للمنتجات الطبية والتجميلية، وضرورة الفصل بين النصيحة الطبية المبنية على الحجج والشواهد العلمية، وبين المحتوى الترويجي أو التجاري الذي يهدف لتحقيق أرباح مادية، ووجوب الإفصاح عن أيّ منها. كذلك تناول العلاقة العلاجية بين الطبيب والمريض المحكومة بمعايير التواصل الرقمي، وما يترتب على قبول طلبات المتابعة أو التواصل الشخصي بينهما عبر المنصات الرقمية المختلفة، وما قد يؤدي إليه من اختلال في توازن العلاقة العلاجية واحتمال انزلاقها إلى إطار شخصي غير مهني.

وأكد منصور في محاضرته على أن قَسَم الطبيب وقيم المهنة العريقة تظلُّ هي الفَصْل، والمرجعية الأساسية لسلوك الطبيب داخل العيادة وخارجها، وأن حضور الطبيب على السوشيال ميديا ينبغي أن يكون امتدادًا للقيم التي ينتهجها ذاتها: من الرحمة، والاحترام، والحفاظ على السرية، والصدق، والعدل، والإخلاص: وأن لا يتحوّل إلى مجال للاستعراض أو التكسّب على حساب المريض أو المهنة.

وشدّد على أهمية وضع مدوّنة سلوك أخلاقي رقمية تنظّم تواجد الأطباء، ومقدمي الرعاية الصحية على منصات التواصل الاجتماعي، وتحدّد بوضوح ما هو مقبول وما هو مرفوض من الممارسات الرقمية، بما يحفظ ثقة المجتمع بالمؤسسات الصحية والعاملين فيها، ويحفظ كرامة المرضى وحقوقهم،ويحافظ على الصورة المهنة الطبية ورسالتها الإنسانية.

كما دعا إلى دمج موضوع «الأخلاقيات الرقمية» في مناهج كليات الطب والعلوم الصحية، وتدريب طلبة الطب والأطباء المقيمين على مهارات استخدام السوشيال ميديا بشكل مهني ومسؤول، موضحًا أن التعليم الأخلاقي لا يقتصر على ردهات المحاضرات، بل يمتد إلى ما يقدّمه الأطباء من قدوة عبر حضورهم اليومي في الفضاء الرقمي.

واختُتمت المحاضرة بجلسة نقاشية تفاعلية، طَرَح خلالها الحضور أسئلة وتجارب عملية حول التعامل مع طلبات «المتابعة» من المرضى، و نشر الحالات السريرية لأغراض تعليمية، وحدود الاستشارة الطبية عبر الرسائل الخاصة، وآليات وضع سياسات داخلية في المؤسسات الصحية تنظم سلوك الكوادر الطبية على وسائل التواصل الاجتماعي.

تأتي هذه المحاضرة في إطار جهود نقابة أطباء الأسنان لتعزيز ثقافة الممارسة الأخلاقية في العصر الرقمي، ودعم الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية بالأدوات المعرفية والعملية التي تساعدهم على الموازنة بين متطلبات القَسَم المهني وإغراءات السوشيال ميديا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة