أيلول.. شهر الزيت في الزيتون بين الحكمة الشعبية والتحديات الزراعية

«في شهر أيلول بدور الزيت في الزيتون».. مثل شعبي قديم، توارثته الأجيال مئات السنين، ليبقى شاهدًا على حكمة الفلاحين ومعرفتهم الدقيقة بدورة حياة الشجرة المباركة.

فشهر أيلول، الشهر التاسع من السنة الميلادية، لا يُعدّ مجرد فصل من فصول السنة بالنسبة للمزارعين، بل هو مرحلة مفصلية في حياة الزيتون؛ ففيه تبلغ عملية تخلق الزيت في الثمار ذروتها، بعد أن تكون قد بدأت قبل أسبوعين تقريبًا، وتستمر حتى الشهر العاشر تبعًا لصنف الزيتون.

ويتميّز هذا الشهر بمناخ معتدل، حيث تنخفض درجات الحرارة وترتفع نسب الرطوبة، ما يجعل التمثيل الكلوروفيلي في أوجه، وبالتالي تتسارع عملية تكوين الزيت داخل الثمرة. لكن هذه السرعة لا تدوم طويلًا، إذ تبدأ بالتباطؤ لاحقًا، بينما تنضج الأصناف المبكرة مع مطلع الشهر العاشر، وتتحرر زيوتها من الماء، لتصل إلى أجود مستوياتها مقارنة بالأصناف المتأخرة. لكن وراء جمال هذه المرحلة يكمن التحدي الأكبر؛ فأيلول يُعتبر أيضًا الأخطر على شجرة الزيتون، إذ يواجه المزارعون نشاطًا متزايدًا لذبابة الزيتون، لا سيما الجيل الثالث أو الرابع منها، بأعداد كبيرة ونسبة عالية من الإناث، مستفيدة من اعتدال الطقس ورطوبة الجو. إلى جانب ذلك، تعاني بساتين الزيتون البعلية من نقص حاد في المياه بسبب عطش الأشجار، ما يجعل الثمار أكثر عرضة للتلف وضعف الإنتاج.

وبين حكمة المثل الشعبي «بدور الزيت في الزيتون» وحقيقة ما يعيشه المزارعون اليوم، يظل شهر أيلول عنوانًا للجدّ والتعب، لكنه أيضًا موسم الأمل بزيتٍ ذهبيٍّ يختصر بركة الأرض وصبر الفلاح.

الدستور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة