إربد: كروم الزيتون الأقل تأثرا بالتغير المناخي.. والحر يواجه بالري التكميلي

إربد- رغم غياب أي دراسة علمية حول مدى تأثر اشجار الزيتون في محافظة اربد بالتغيرات المناخية للموسم الحالي، إلا أن مزارعين وخبراء قللوا من حجم هذه التغيرات على مستوى وجودة الانتاج، موضحين أنه وحتى مع توقع تراجع كميات الانتاج لهذا العام، فإن ذلك يعود الى ظاهرة المعاومة التي تمتاز بها اشجار الزيتون.

ويذهب البعض إلى التأكيد أكثر، على أن ارتفاع درجات الحرارة لمستويات غير مسبوقة هذا الصيف ساهم بالقضاء على آفة دودة الزرع، فيما استطاع مزارعون تفادي تأثير هذا الارتفاع باتباع عمليات الري التكميلي.

وقالوا، لا توجد حتى الآن أي عمليات بحثية أو دراسات علمية تؤكد مدى تأثر شجرة الزيتون بمحافظة اربد بالتغيرات المناخية، وهل سيكون هناك تهديدا لمستقبلها خلال السنوات القادمة؟ غير أن الشاهد يدل على عدم تأثرها كما حدث بأنماط زراعية أخرى اظهرت تراجعا واضحا بكميات وجودة الانتاج نتيجة تأخر وقلة الامطار وارتفاع درجات الحرارة.
ويهدد تغير المناخ ووصول الحرارة إلى مستويات قياسية مستقبل قطاع الزراعة بشكل عام، فيما يعتبر قطاع الزيتون الأكثر أهمية في اربد، في ظل اعتماد آلاف الأسر من أصحاب الحيازات الصغيرة على هذه القطاع، ويعتبر موسم الزيتون مصدر دخل لهم.
يقول المزارع محمد رحاحلة إن عوامل المناخ أثرت سلبا على حمل أشجار الزيتون هذا العام، وشهدت العديد من الاشجار تساقط الثمار بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وتابع، لا بد من تدارك الاجواء الحارة بعمليات الري التكميلي، المشكلة تكمن عند المزارعين الذين لا يستطيعون ري اشجارهم لارتفاع تكليف عمليات الري.
وأشار المزارع انس الزعبي إلى أن بعض المزارعين يتوقعون تراجعا حادا في الإنتاج بسبب التغير المناخي وعدم انتظام تساقط الأمطار، إضافة إلى ما شهدته المملكة من ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة أدى إلى تساقط ثمار الزيتون وذبولها في بعض الأحيان لحاجتها للمياه.
غير ان الزعبي اشار إلى أنه لا يمكن ارجاع تراجع الانتاج الى التغير المناخي، فأشجار الزيتون تتميز بظاهرة المعاومة، موضحا ان الامر يحتاج الى اكثر من موسم لحين قياس مدى تأثر الاشجار بالتغير المناخي.
وقال، “يجب ان تكون هناك دراسات علمية من اجل تدارك أي تأثير على هذا القطاع الحيوي والمهم في محافظة اربد، وان تكون هناك دورات ارشادية للمزارعين من اجل اتخاذ خطوات احترازية قبل فوات الآون”.
في المقابل، يقول مدير زراعة اربد الدكتور عبد الحافظ أبو عرابي إن ارتفاع درجات الحرارة لم يكن له تأثير مباشر على شجرة الزيتون، بل على العكس من ذلك فقد ساهم بالقضاء على دودة الزرع التي كانت منتشرة بشكل كبير في بعض مناطق محافظة اربد، مؤكدا أن ارتفاع درجات الحرارة لم يمتد لفترات طويلة حتى يؤثر على شجرة الزيتون.
وبين أبو عرابي أن هناك بعض المناطق في المحافظة وخصوصا في المناطق الشمالية ارتفعت فيها نسبة “حمل” ثمار الزيتون وهناك بعض المناطق تراجعت فيها وهذا أمر طبيعي في ظل تفاوت حمل شجرة الزيتون من عام لآخر، متوقعا أن تحافظ كميات الإنتاج على معدلها كما كانت العام الماضي.
وبلغ انتاج الزيتون بمحافظة اربد العام الماضي الى قرابة 76 ألف طن من الثمار، خصص منها 10 %، للكبيس، و90 % لاستخراج الزيت، فيما بلغ حجم إنتاج مادة زيت الزيتون للموسم الماضي حوالي 16 ألف طنا.
وتراوحت سعر صفيحة زيت الزيتون ذات سعة (16) الموسم الماضي ما بين 80 إلى 90 دينارا، فيما يتوقع هذا العام أن يتجاوز سعرها الـ 90 دينارا مع توقعات تراجع الإنتاج وما رافقه من ارتفاع بالكلف الزراعية ومدخلات الانتاج.
وتعد محافظة اربد الأكبر بين المحافظات المزروعة بأشجار الزيتون، وتقدر وزارة الزراعة ان أكثر من مليون دونم مزروعة بالزيتون في الأردن وتشكل 40 % من الانتاج الزراعي و77 % من الأشجار المثمرة.
ووفق احصائيات مديرية زراعة اربد فإن محافظة إربد تنتج ثلث انتاج المملكة من ثمار الزيتون والزيت حيث تبلغ المساحة المزروعة قرابة 300 الف دونم، فيما يبلغ عدد الاشجار 3.5 مليون شجرة.
ويشكل الزيتون والزيت مصدر دخل رئيسي أو ثانوي مساند لقرابة 35 ألف أسرة على صعيد المحافظة ما يعكس أهميته في معالجة مشاكل الفقر والبطالة.
يقول الرئيس السابق لفرع نقابة المهندسين الزراعيين في اربد، المهندس ماجد عبندة، “يتميز الزيتون بأنه متبادل الحمل، وتسمى هذه الظاهرة بالمعاومة، فالزيتون يزهر في بداية شهر نيسان (ابريل) و يتم القطاف في بداية تشرين الثاني (نوفمبر) لذلك فإن ثمرة الزيتون تستهلك كمية كبيرة من الغذاء والماء خلال هذه الأشهر وبالتالي فهي بحاجة لموسم مطري لا يقل عن 450 ملم وتسميد عضوي وكيماوي خلال الموسم”.
وأكد عبنده، أنه إذا قل الهطول أو التسميد فان الشجرة تغدو غير قادرة على إكمال موسمها بإنتاج مناسب فيتم التخلص من نسبة كبيرة من الأزهار في البداية ثم كمية من الثمار بعد ذلك، ويؤدي ذلك إلى انخفاض الإنتاج السنوي، غير ان الشجرة تعوض هذا النقص في الموسم التالي وهكذا تحدث ظاهرة المعاومة.
ويلجأ عادة المزارع للتخفيف من هذه الظاهرة بتناوب عملية تقليم الشجرة مع التسميد، ويؤدي ذلك إلى تقليل انتاج الموسم الأول ليزيد انتاج الموسم التالي.
وقال الناطق باسم أصحاب المعاصر محمود العمري إنه لم نشهد هناك أي تغييرات جذرية على شجرة الزيتون مع إتباع العديد من المزارعين برامج الري والري التكميلي وبرامج التسميد التي خففت من آثار التغيير المناخي وارتفاع درجات الحرارة.
وأشار إلى أنه لا يوجد هناك أي دراسات علمية بأن التغير المناخي سيؤدي إلى تقليل مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون.
وفيما يتعلق برفع أسعار أجور عصر الزيتون للموسم الحالي، أكد العمري انه تم التوافق مع وزارة الزراعة ونقابة أصحاب المعاصر، على عدم رفع أجور عصر الزيتون للموسم الحالي، وعدم إلزام المزارع بشراء عبوات تعبئة الزيوت من المعصرة.
وقال العمري إن النقابة توافقت على عدم رفع  سعر العصر والمعمول به منذ 10 سنوات، إضافة إلى استمرار اعتماد “الرد” وهو قبول الزيت بدل الأجرة، وحسب أسعار الزيت في وقت العصر نفسه، وقد تم تثبيت الأجرة رغم ارتفاع كلف العصر من طاقة وأجور، وسعر العبوة المعدنية التي ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات الماضية.
وفيما يتعلق بأسعار الزيت لهذا العام، أوضح العمري أن السعر يحكمه العرض والطلب والكميات المتوفرة في الأسواق وجودة الزيت، وانه لا يمكن الحكم من الآن بوجود تراجع في الإنتاج، اذ قد يكون الانتاج قليل في بعض المناطق وغزير في مناطق أخرى، وأن الزيت الأردني يكفي احتياجات المملكة.
وعن وجود تساقط كبير لثمار الزيتون هذا العام بسبب ارتفاع درجات الحرارة، أكد أن تراجع كميات الأمطار أدى إلى تراجع في الأحمال ولكن شجرة الزيتون تمتاز بظاهرة المعاومة بالأحمال، حيث يكون حملها في موسم 100 % ويتراجع في الموسم التالي بنسبة 50 %، إلا أن اتباع برامج التسميد والري التكميلي يخفف من تفاوت الحمل أو قلته.

 أحمد التميمي/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة