إربد.. مشروع تطوير “طاحونة عودة” يراوح مكانه منذ سنوات

إربد – يراوح مشروع تطوير طاحونة عودة بوادي الريان جنوب بلدة جديتا في إربد، مكانه منذ سنوات، لعدم تخصيص أي مبالغ مالية طيلة السنوات الماضية بموازنة مشاريع اللامركزية لقطاع السياحة والآثار في لواء الكورة.

وطاحونة عودة التاريخية تضم قناة لجر المياه بطول 11 متراً مبنية على جسر من الحجارة المشذبة وينحدر مستواها باتجاه بئر يبلغ عمقها نحو 7 أمتار تتوسط برجاً مربع الشكل. وتجاور البرج من الجهة الشمالية حجرة الطحن وفي أرضيتها فتحة يثبت فوقها حجر الجاروشة ولها نافذة مطلة على الشمال.

وتقع الطاحونة في أجمل المناطق المحيطة بجديتا، إذ ينبع من هناك نبع من العصور القديمة على وادي الريان، وهو من أجمل الوديان المليئة بالرمان والأشجار المثمرة ويوجد على مساحة مسير وادي الريان الذي يمر بمنطقتي جديتا وعرجان خمس طواحين كانت تعمل بقوة حركة المياه.
وكانت دائرة الآثار العامة أحيت، قبل ما يقارب 20 عاماً، طاحونة عودة وأعادتها للحياة بعد سبات لعشرات العقود منذ العهد العثماني بعد ترميمها وأنفقت مبالغ مالية عليها، إلا أن الإهمال قد طالها مجدداً في ظل عدم استثمار المنطقة سياحياً، إذ لو تمت إعادة ترميمها وتشغيلها فستنعش الآمال بتوفير فرص عمل لأبناء المنطقة.
ويطالب مواطنون بإعادة إحياء منطقة وادي الريان وتأهيل طاحونة عودة حتى تكون نقطة جذب للسياح، في ظل ما تتميز به المنطقة من مناظر خلابة وإنشاء مركز زوار في المنطقة وتأهيل الموقع وتزويده بمحطة اتصالات خلوية وإنارة وإنشاء مواقع لاصطفاف المركبات.
ودعوا إلى توفير المخصصات المالية لمشروع طاحونة عودة في السنوات المقبلة، من خلال مطاعم وأكشاك وأماكن للتنزه واستراحات خارجية ودورات صحية وغرفة حراسة وممرات ومركز الزوار الذي يعمل على تهيئة وتعريف الزوار على المشروع وطبيعة الخدمات الترفيهية المتوفرة، إلى جانب جدار تعريفي يبين طبيعة النشاطات والاحتفالات.
تصميم مسار سياحي
كما أكدوا أهمية تصميم مسار سياحي لطاحونة عودة ومناطق للجلوس والتجمع وتأهيل التقاطعات المرورية بدهانها بالعلامات الأرضية، مع وضع الشواخص المرورية اللازمة ومثبطات السرعة وتقليم الأشجار عند التقاطعات لضمان تحقيق الرؤية الجيدة على الطرق والتقاطعات.
وقالت الباحثة في الشأن التنموي إسراء خالد بني ياسين “إنه في قلب وادي الريان حيث تنساب المياه العذبة بين التلال الخضراء، تقف طاحونة عودة شامخة رغم ما مر عليها من عقود كشاهد على تاريخ عريق من الاعتماد على قوة الماء في طحن الحبوب وخدمة الإنسان”.
وأضافت “مع تنامي الوعي بأهمية السياحة البيئية والتراثية، تبرز هذه الطاحونة كموقع مثالي يمكن تحويله إلى نقطة جذب سياحي وتنموي تجمع بين عبق الماضي وحيوية المستقبل”.
وقالت بني ياسين “إن الطاحونة تتمتع بموقع طبيعي ساحر في وادي الريان، وهو أحد أكثر المواقع الطبيعية غنى بالمياه والمناظر الخلابة في شمال الأردن، وتحديداً في لواء الكورة”، مشيرة إلى “أن المنطقة تشهد تدفقاً مائياً جيداً على مدار العام يجعلها مناسبة لإعادة تشغيل الطاحونة بشكل رمزي أو جزئي سواء باستخدام التدفق الطبيعي أو بمساعدة أنظمة دعم مائي مخفية تحافظ على الطابع الأصلي للمكان”.
وبينت “أن الهيكل الإنشائي للطاحونة ما يزال قائماً ويمكن ترميمه بجهد هندسي بسيط نسبياً مع الحفاظ على طابعها المعماري الأصيل، وأن العجلة المائية أو نظام التشغيل القديم (وإن لم يكن محفوظاً بالكامل) يمكن إعادة تصنيعه أو تصميم نموذج مشابه يعكس آلية العمل القديمة ويستخدم في العروض التفاعلية أمام الزوار”.
وأكدت أيضا “أن إعادة تشغيل الطاحونة لأغراض سياحية لا تعني بالضرورة استخدامها لطحن الحبوب، بل يمكن أن تتحول إلى متحف صغير حي يستعرض تاريخ الطواحين المائية في الأردن ويتيح للزوار (خصوصا طلبة المدارس والعائلات) مشاهدة آلية عمل الطاحونة بشكل مباشر”.
ودعت بني ياسين إلى “إنشاء مسار بيئي قصير يربط بين الطاحونة والمجرى المائي المحيط بها مع لوحات تعريفية وأكشاك لعرض المنتجات الريفية المحلية، مثل الزعتر والعسل ودبس الخروب ودبس الرمان الذي يشتهر به الوادي، مع إمكانية إنشاء استراحات بيئية خفيفة لا تضر بالبيئة ولا تحتاج إلى بنى تحتية ضخمة، ما يعزز من فرص تحويل وادي الريان إلى وجهة سياحة طبيعية ثقافية مستدامة”.
وأوضحت “أنه يمكن للجهات المعنية في المنطقة والوادي أو المجتمع المحلي أن يدير المشروع بصيغة تشاركية تضمن خلق فرص عمل لأبناء المنطقة وتسهم في تحفيز الاقتصاد المحلي من دون الحاجة لاستثمارات ضخمة”، مؤكدة “أن طاحونة عودة ليست مجرد مبنى قديم على ضفاف الوادي، بل هي فرصة نادرة لاستعادة روح المكان واستثمار التراث المائي في خدمة التنمية والسياحة وتحقيق معادلة متوازنة بين الحفاظ على الذاكرة التاريخية وتحفيز الحاضر نحو الأفضل”.
“لا بواكي لها”
من جهته، قال رئيس جمعية السنابل الخيرية الدكتور فادي مقدادي “إن طاحونة عودة تقف في مستهل وادي الريان الشامخ بينابيعه الصافية وأشجار الرمان والزيتون الرومي القديم والحور والتين صامتة وكأنها ترقب الزمان من بعيد لا بواكي لها، في ظل غياب الاهتمام الحكومي بهذه الآثار القديمة”.
وطالب بـ”إحياء هذه الطاحونة لاسترداد ذاكرة مائية حجرية زرعها الأجداد على مجرى الوادي، كانت تشتعل بماء العين وبعرق الفلاحين”، مضيفا “أن الاستثمار في وادي الريان وإنشاء مركز زوار وتوفير الخدمات والبنية التحتية من كهرباء وشارع معبد وشارع مقابل الوادي (طريق أم اللوز) الذي وئد في مهده هو طموح بل واجب أخلاقي وثقافي يضعنا أمام مسؤولية ألا نترك ذاكرتنا تتآكل في النسيان ونترك فرصا قد تخلق اقتصادا لشباب المنطقة المعطلين عن العمل”.
كما دعا مقدادي إلى “إعادة دراسة وهيكلة لمواقعنا الأثرية والتاريخية والسياحية، وهناك قصور تام من الجهات الرسمية، فهي معنية قبل كل شيء بإيجاد الأمن السياحي الذي يتأسس ببنية تحتية صالحة للارتياد لا أن تكون قاتلة ومؤذية”، لافتاً إلى “أن طريق وادي الريان المؤدي إلى طاحونة عودة قام على توسعته جمعية السنابل الذهبية للتنمية الاجتماعية بفريقها التطوعي مبادرون، وبالتعاون مع المجتمع المحلي والمزارعين، حيث تم توسعة الشارع وتبطين جزء من قناة الوادي، واستمر العمل بفريق يقدر بثلاثين مبادراً متطوعاً مدة خمسة وأربعين يوماً، إضافة إلى التعاون المشترك من الأهالي”.
بدوره، قال مدير آثار إربد عماد عبيدات “إن الطاحونة تتبع لدائرة الآثار العامة، إلا أن عدم رصد أي مخصصات مالية على موازنة مجلس المحافظة، العام الحالي، لقطاع الآثار في اللواء حال دون عمل أي ترميم أو مشاريع في المنطقة، مؤكداً أنه كانت هناك رؤية وخطط للدائرة لتطوير الطاحونة، خلال السنوات الماضية، لتكون نقطة جذب سياحي.
وأشار إلى أن هناك مشروعا متكاملا في المنطقة كانت قد بدأته السياحة يشمل تطوير منطقة وادي الريان وستشمل طاحونة عودة، مبيناً أن الآثار ستقوم بمخاطبة مجلس المحافظة من أجل رصد مبالغ مالية لقطاع الآثار في لواء الكورة للقيام بأعمال وترميم بعض المواقع الأثرية في اللواء.

 أحمد التميمي/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة