إلغاء قرار “تقاعد الـ30 عاما”: الموازنة بين حماية الموظف وتحديث الجهاز الإداري

– أكد خبراء في الإدارة، توجه الحكومة قريبا، لإلغاء قرار سابق بإنهاء خدمات الموظفين بعد إتمامهم 30 عاما من الخدمة، وهذه رسالة بأن الحكومة غير مستعدة لـ”نهج الإحلال الآلي” كأداة لإدارة التوظيف، بل تريد الموازنة بين حماية الموظف وتحديث الجهاز الإداري، بخاصة أن بقاء هذا القرار يتعارض مع منطوق التحديث.

وبينوا في أحاديث منفصلة لهم لـ”الغد”، بأن إلغاء هذا القرار، يعكس توجها لتحسين حقوق الموظف والاستقرار الوظيفي، خصوصًا لمن أمضوا سنوات طويلة في الخدمة، ما يعزز الثقة في الجهاز الحكومي، مبينين أن اتخاذ قرار بالاستغناء عن خدمات مجموعة ليست بالصغيرة، ممن يملكون خبرة طويلة ومعرفة بشؤون الإدارة، يعني تفريغ المؤسسات الحكومية من الخبرات الإدارية.
لا يجوز إنهاء خدمة موظف
بلا نص صريح
وزيرة الدولة لتطوير القطاع المؤسسي الأسبق، ياسرة غوشة، قالت إنها تتفق مع وزير العمل بضرورة مراجعة قرار الحكومة السابق بشأن إنهاء خدمات موظفين أتموا 30 عاما في الخدمة، باعتباره يضر بالموظف ذي الخبرة الطويلة وكذلك يضر بالمؤسسة التي يعمل فيها، مبينة أن إنهاء خدمات الموظف تجري بموجب قوانين وأنظمة وعقود متفق عليها، ولا يجوز إنهاء خدمة موظف وجوبيا، دون وجود نص صريح، كما هو التقاعد الوجوبي ببلوغ سن معين.
وأضافت غوشة أن اتخاذ قرار بالاستغناء عن خدمات مجموعة ليست بالصغيرة ممن يملكون خبرة طويلة ومعرفة بشؤون الإدارة، هي تفريغ للمؤسسة من ذوي الخبرات الإدارية. موضحة أن الموظفين يشكلون الطبقة الوسطى في أي إدارة، ولا يمكن للمؤسسة التخلي عنهم فجأة، فهذا يؤدي لعدم الاستقرار في العمل، ويؤثر على جودته، وعلى الأمان الوظيفي للعاملين، إذ يجعلهم يشعرون بأن المؤسسة لا تقدرهم، ويمكنها الاستغناء عنهم في أي وقت.
وبينت، انه إذا كنا نتبنى تعزيز الثقافة المؤسسية وترسيخ قيم النزاهة وبناء روح الانتماء في المؤسسة، فيجب المحافظة على من يملكون المعرفة، حتى لو جرى تعيين موظفين من ذوي الكفاءات، ذلك أن المعينين الجدد، بحاجة لمن يدربهم ويعلمهم في نطاق خبرته وتجربته في المؤسسة. مؤكدة أن هذا لا يعني بأننا سنبقي عليهم لان المؤسسة لن تعمل بدونهم، فنحن نريد مؤسسات تعمل بنهج سليم، وتتبني المعرفة وتنقلها لموظفيها، ولهذا يجب إيجاد معايير موضوعية معينة لبقاء الموظف أو الاستغناء عن خدماته.
الحكومة غير مستعدة
لـ”نهج الإحلال الآلي”
وقال أمين عام وزارة تطوير القطاع العام الأسبق د. عبدالله القضاة، يأتي هذا القرار بعد دراسة من الحكومة، إذ وجدت بأن هناك ظلما يقع على الموظفين ممن يحالون إلى التقاعد بسببه؛ بينما هم في “قمة عطائهم”، مضيفا أن إلغاءه رسالة تفيد بأن الحكومة غير مستعدة لـ”نهج الإحلال الآلي” كأداة لإدارة التوظيف، بل تريد الموازنة بين حماية الموظف وتحديث الجهاز الإداري، بخاصة وأن بقاء هذا القرار، يتعارض مع منطوق التحديث، أما إلغاؤه فيعكس توجها لتحسين حقوق الموظف والاستقرار  الوظيفي، خصوصًا لمن أمضوا سنوات طويلة في الخدمة؛ ما يعزز الثقة بالجهاز الحكومي.
وبين القضاة، أن إلغاء القرار، سيؤدي لإنصاف الموظفين كي يستمر عطاؤهم ويحفظ الخبرات والكفاءات في الجهاز الحكومي، فإذا تُرِك الموظف ليكمل عمله لحين التقاعد الوجوبي بدلاً من إنهاء خدمته عند 30 سنة، فإن المؤسسات تحتفظ بخبرته المكتسبة منذ سنوات طويلة، وهذا مفيد لخدمة الإدارة وجودة الأداء، ويحقق العدالة في مكافآت التقاعد والمزايا.
وبين أن كثيرا من شملهم القرار، ربما لا يصلون إلى السن القانونية للتقاعد، أو لا يتمتعون بمزايا التقاعد الكاملة، ما يعني بأن حقهم في أجر سنوات خدمتهم ومزاياهم يكون أقل مما يستحقون، لذلك يجب إلغاء القرار السابق بشأن إنهاء خدماتهم، والإسراع بتعديل نظام الموارد البشرية بإلغاء استحقاق الموظف لشروط التقاعد المبكر من حالات إنهاء الخدمات.
وقال القضاة، كما يمكن أن يرتبط إنهاء الخدمة بالأداء المتدني، مع وجود معايير ضابطة لمنع حالات الظلم؛ كما في قانون العمل الذي تفوق كثيرا على نظام الموارد البشرية، بخاصة أن غالبية عمليات الإحالة إلى التقاعد المبكر، تستهدف الكفاءات عبر قرارات كيدية. متسائلا، بما أن وزير العمل يعترف بأن هذا القرار ألحق ظلما بفئة كبيرة من موظفي القطاع العام، وهذا يسجل له؛ ألا يشكل ذلك الاعتراف دافعا للحكومة لمراجعة هذه القرارات، وإنصاف من أحيلوا إلى التقاعد المبكر في السنوات السابقة؛ بإعادتهم إلى الخدمة لحين استكمال شروط استحقاق تقاعد الشيخوخة الوجوبي؟.
ويستغرب القضاه من تصريحات وزراء تتضمن عدم مراجعة نظام الموارد البشرية قبل عام من هذا التاريخ، وباتفاق الخبراء بأن النظام يحتاج تدخلا سريعا لمعالجة الاختلالات التي وردت فيه. فيما بين مدير عام معهد الإدارة العامة السابق راضي العتوم، أن إحالة من أتموا الـ30 عاما من خدمتهم، ناجح وطبيعي، ليتسنى للحكومة فتح شواغر للشباب العاطل عن العمل، وفي حالة رأى الطرف الحكومي، أن المؤسسات بحاجة لخبرتهم ومعرفتهم، إذ يمكن الإفادة منها بعمل استشاري جزئي، لا بإعادة تعيينهم بعقود كما سلف وأن قامت الحكومة بهذا.
أي يتم التعاقد معهم باستشارة مدفوعة الأجر لأمر محدد وعمل محدد يقف عند زمن معين، دون التزام بعقد سنوي للعمل.
ظلم المحالين إلى التقاعد
وكان وزير العمل خالد البكار أكد أن الحكومة ستلغي قرار إنهاء خدمات موظفين بعد إتمامهم 30 عاما من الخدمة قريبا. مشيرا إلى أن هذا القرار كان قد صدر من حكومات سابقة، وسيتم تعديله.
وأوضح البكار، أن الحكومة الحالية درست القرار ووجدت أن هناك “ظلما” يقع على الموظفين الذين يحالون إلى التقاعد من خلال هذا القرار؛ وهم في “قمة عطائهم”.
وأضاف أن “حكومات سابقة، اتخذت قرارا بأن كل موظف حكومي تبلغ خدمته 30 عاما، تكون إنهاء خدماته وجوبية. أي أن الوزير سينسب بإنهاء خدماته، وهذه الحكومة بصدد تعديل القرار”. مبينا في تصريحات تلفزيونية أول من امس، بأن الحكومة بصدد تعديل القرار لعدم ظلم هذه الفئة، وأن التعديل لن يشمل عدد سنوات خدمة محددة لإحالة الموظفين إلى التقاعد، بل سيكون حتى الوصول إلى التقاعد الوجوبي.
وأشار إلى أن تعديل هذا القرار سيجعل الحكومة واقعية بخلق الفرص، موضحا بأن خلق فرص العمل الجديدة تكون بالاستثمار، وليس عن طريق الإحلال.

الغ\

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة