“إلي حبلها.. يولدها”.. قراءة تربوية في تصريح غير تربوي // د. باسم القضاة

في مشهد يفترض أن تتقدمه المهنية والوضوح والاحترام، فوجئ المتابعون للشأن التربوي في الأردن برد أمين عام وزارة التربية والتعليم على سؤال بشأن مصير نقابة المعلمين بقوله: “الي حولها يولدها”، وهي عبارة دارجة تنتمي إلى القاموس الشعبي أكثر من انتمائها إلى الخطاب الرسمي أو التربوي.
هذا الرد، الذي قد يُفهم مجازًا على أنه محاولة لرد المسؤولية إلى جهة غير محددة، يفتقر إلى كثير من المنطقية والمهنية واللياقة التربوية التي يتوقعها الجمهور، لا سيما عند الحديث عن قضية تمسّ شريحة واسعة من أبناء الوطن، هم المعلمون، عماد النظام التربوي وركيزته الأساسية.
أولًا: من حيث المنطق المؤسسي
الرد لا يتضمن معلومة دقيقة أو موقفًا واضحًا، بل يترك الأمور في إطار التلميح والضبابية. وهو ما يُضعف الثقة بالتصريحات الرسمية، ويعكس غياب استراتيجية واضحة للتعامل مع ملفات معلّقة وحساسة كملف نقابة المعلمين.
ثانيًا: من حيث الموقف التربوي
لغة التربية تقوم على الاحترام، الشفافية، والوضوح. واستخدام مثل هذه العبارات الدارجة في سياق نقابي وتربوي يوحي بنوع من التهرب من المسؤولية، ويؤشر إلى خلل في التواصل التربوي والإداري مع المجتمع التربوي، الذي يتطلع إلى خطاب يعكس تقديرًا لدور المعلم، لا تهميشًا له.
ثالثًا: من حيث الأثر العام
تصريحات المسؤولين التربويين لا تُقرأ فقط من قبل الصحافة أو النخبة، بل تصل إلى المعلم والطالب وولي الأمر. ومن هنا، فإن رسائل الغموض أو السخرية أو التجاهل تؤثر سلبًا على صورة المؤسسة التربوية بأكملها، وتفتح باب التأويلات والاصطفافات، بدلًا من إغلاق الملفات بالحوار الجاد والاعتراف المتبادل.
ختامًا:
القضايا الكبرى، كقضية نقابة المعلمين، لا تُعالج بالأمثال الشعبية، بل بخطاب دولة، ولغة مؤسسات، وروح تربوية راقية. ومن الواجب على المسؤولين التربويين أن يكونوا على قدر الثقة، وأن يُدركوا أن كل كلمة تُقال على الملأ، قد تُبنى عليها مواقف، وتُستخلص منها نوايا.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة