إيقاف رواتب متقاعدين لـ”تفقد الحياة”.. هل هو قرار موفق؟

عمان- أثار إيقاف مؤسسة الضمان الاجتماعي، صرف رواتب متقاعدين لم يقدّموا إثبات “تفقد الحياة”، حالة من النقد، جراء اعتبره خبراء في مجال الحماية الاجتماعية، ان له تأثيرات سلبية على معيشة من توقف صرف رواتبهم، وهم من كبار السن.

ورأى الخبراء، أن وقف صرف رواتب المتقاعدين، يفتقر للمرونة، بخاصة وأن الراتب التقاعدي، مصدر دخل أساس لغالبية المتقاعدين، كما أنه يحملهم عبء مراجعة فروع الضمان، أو استخدام وسائل رقمية لإثبات بقائهم على قيد الحياة، ما يجعله فعلا غير عادل، في ظل ما يواجهونه من أمراض وصعوبات في الحركة أو ضعف مهاراتهم التكنولوجية.
وحذروا من أن تطبيق هذا القرار على نحو مفاجئ، ألقى بضغوط نفسية على المتقاعدين، وغير مبرر، بخاصة وأنه يتعامل مع شريحة يجب أن يجري التعامل معها بأقصى درجات الانتباه لواقعها الصحي والذهني والإنساني، مطالبين بالبحث عن بدائل أكثر إنسانية وتطورًا، لحل هذه القضية، كتفعيل أنظمة الربط الإلكتروني مع المؤسسات الرسمية، بما يحافظ على كرامة المتقاعدين وحقوقهم.
ودعت المؤسسة، من أوقف صرف رواتب: تقاعدهم، أو الاعتلال، أو زيادة الإعالة، أو أنصبة الورثة، بسبب تفقد الحياة، لتزويدها بالوثائق المطلوبة عبر الإيميل lifeverification@ssc.gov.jo لإعادة تفعيلها، موضحة بأن لها الحق بالتحقق من شروط الاستحقاق، معتبرة هذا الإجراء، مرتبط بعدم التزام متقاعدين بالإبلاغ عن تغييرات تؤثر على الاستحقاق، ولحماية أموال الضمان من الصرف دون وجه حق.
وبيّنت أنها أوقفت صرف الرواتب لمن مضى على وجودهم خارج البلاد أكثر من عام، داعية المقيمين خارج الأردن لتقديم وثيقة تفقد حياة مختومة من السفارة أو طلب مكالمة فيديو، داعية أبناء المتقاعدين فوق الـ18 عاما، تقديم إثباتات الإقامة، وعدم الزواج أو العمل للإناث، أو وثائق ضريبية واجتماعية في حال حيازة جنسية أخرى.
وأعلنت “الضمان”، أنه اعتبارا من راتب تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، سيُوقف صرف رواتب من تجاوزوا الـ80 عاماً ما لم يجروا تفقد الحياة.
الصبيحي: قرار غير موفق
الخبير موسى الصبيحي، قال إن “هذا القرار غير موفق، وبالذات لمتقاعدين أردنيين مقيمين في المملكة”، مبينا أن إيقاف أو حتى تأخير الراتب التقاعدي مخالف للقانون، فالراتب مصدر معيشة أساسي للمتقاعد، ولا يجوز المساس به، بخاصة لكبار السن ممن تجاوزوا الـ80 عاما.
وأضاف الصبيحي، أن قرار “الضمان” أكد أن تطبيقه سيبدأ في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لكن متقاعدين فوجئوا بإيقاف رواتبهم منذ آب (أغسطس) الماضي، ما يعكس تناقضًا بين ما أُعلن وما جرى فعليًا، لافتا إلى أن على المؤسسة ابتكار حلول تراعي الحفاظ على أموال الضمان، وضمان معيشة واحترام المتقاعدين.
وأكد أن إلزام كبار السن بمراجعة فروع المؤسسة لإثبات أنهم على قيد الحياة غير مقبول، خصوصًا أن كثيرًا منهم يعانون أمراضًا أو صعوبات في الحركة، وبعضهم لا يملك مهارات تكنولوجية لاستخدام الوسائل الرقمية، مبينا أن ذلك شكل ضغطًا نفسيًا سلبيًا عليهم، وتسبب بازدحامات غير مبررة في بعض فروع المؤسسة.
وأكد الصبيحي ضرورة التراجع عن هذا الإجراء للمتقاعدين الأردنيين في المملكة، مبينًا أن الوضع قد يختلف بالنسبة لمتقاعدين غير أردنيين، إذ يحق للمؤسسة أن تطلب إثباتًا للحياة عبر السفارات الأردنية في دولهم.
ورأى الصبيحي أن أسهل الحلول وأكثرها قبولاً في هذا الجانب، تتمثل ببناء قاعدة بيانات صحيحة ومكتملة لمتقاعدي الضمان، للتواصل الدائم معهم، ليس فقط من أجل تفقد حياتهم، بل وللاطمئنان عليهم وتقديم ما يمكن من تسهيلات وخدمات لهم.
كتكت: مرهق وغير عملي
من جانبه قال مسؤول الإعلام بمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية مراد كتكت “من حيث المبدأ يحق للضمان، التأكد من استمرار حياة المتقاعدين فوق سن الـ80، لكن ليس عبر إجراءات قد تُعرقل وصول الرواتب التقاعدية إليهم. موضحا بأن معظم المتقاعدين في هذه الفئة العمرية، يعانون من أمراض مزمنة أو إعاقات، ما يجعل حضورهم الشخصي لإثبات الحياة مرهق وغير عملي.
وأضاف كتكت، أن هناك بدائل أكثر مرونة وتطورًا، تُمكّن من تسهيل إثبات استمرار الحياة، كالربط الإلكتروني مع دائرة الأحوال المدنية، لتحديث بيانات الوفيات دوريا وبدقة. مؤكدا أن هذا الخيار يتماشى مع خطط الحكومة لتحويل معاملاتها إلى رقمية، بما يضمن الحفاظ على حقوق المتقاعدين وكرامتهم، دون تحميلهم أعباء إضافية.
أبو نجمة: هناك طرق أخرى
على الجانب الآخر، قال رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة، إنّه لم يكن على “الضمان” إيقاف رواتب متقاعدين فيها لم يثبتوا تفقد الحياة، مشيرًا إلى أنّ هناك طرقًا أخرى، كان يمكن اتباعها للتعامل مع هذا الموضوع.
وأضاف أبو نجمة، أنه كان من الأولى للمؤسسة، البحث عن وسائل لمساعدة هؤلاء المتقاعدين كبار السن، بإيجاد ربط إلكتروني مع المؤسسات المعنية بتبليغ شهادات الوفاة، كالمستشفيات و”الأحوال المدنية”، وغيرها من الجهات ذات العلاقة. مؤكدا أنّ على “الضمان” تحمّل مسؤولية متابعة “تفقد الحياة”، وألّا تترك العبء على المتقاعد كبير السن.
وأشار إلى أنه في الدول المتقدمة، يجري اعتماد أنظمة ربط إلكتروني حديثة، تتيح آليات أسهل وأكثر إنصافًا للتعامل مع قضايا المتقاعدين في “الضمان”.

هبة العيساوي/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة