استمرار تراجع الحركة الشرائية في سوق جرش يدفع إلى تسريح عمال

جرش- أدى تراجع الحركة الشرائية في سوق جرش على مدى سنوات، إلى لجوء أصحاب محال تجارية في السوق لتسريح العمالة لديهم، وذلك بسبب عجزهم عن دفع أجورهم مع تراكم الذمم المالية عليهم لجهات إقراض، كما اضطر بعضهم إلى عرض محالهم للبيع أو إغلاقها.
وأكد تجار أنهم سيصبحون، خلال فترة قصيرة، مطلوبين للجهات القضائية لتراكم الذمم المالية عليهم، مثل رسوم الترخيص لدى البلدية وأثمان بضائع وأجور عمال، في حين تواجه الأيدي العاملة التي تم الاستغناء عنها مأزقا كبيرا كونها تعيل أسرا.
وفق التاجر حامد القادري، فإن “بلدية جرش قامت برفع رسوم النفايات بنسبة 100 %، وقامت كذلك برفع ترخيص إعلاناتهم التجارية بنسبة كبيرة جدا، فضلا عن تكاليف التراخيص التي لا تقل عن 200 دينار لكل محل تجاري، وهذه الزيادات ترهق كاهل التجار، فضلا عن أثمان البضائع التي تباع بدون أرباح، وكميات كبيرة منها تتكدس في المخازن لسنوات، وتراجع القوى الشرائية نظرا للظروف الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون، خصوصا خلال فترة المناسبات”.
ويرى القادري أن تفعيل المشاريع السياحية في الوسط التجاري يسهم في تنشيط الحركة التجارية، كتفعيل مسار وادي الذهب ومشروع ربط المدينة الأثرية بالحضرية، وهذه المشاريع تهدف إلى إدخال السائح إلى الوسط التجاري وتفعيل الحركة التجارية فيه، غير أنها ما تزال حبرا على ورق.
إلى ذلك، قال التاجر راشد عضيبات “إن سبب تراجع الحركة الشرائية يعود إلى الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالمواطنين، وتغيير الأولويات، وزيادة الالتزامات المالية المترتبة عليهم من أقساط بنوك وأقساط جامعات ومصاريف المدارس، والمناسبات الاجتماعية العديدة التي يمرون بها، فضلا عن ارتفاع الأسعار بشكل كبير جدا لمختلف السلع، وعدم توفر فرص عمل لفئة كبيرة من الشباب والخريجين”.
وأكد عضيبات أن المئات من التجار بدأوا بترك محالهم التجارية أو تغيير نوع تجارتهم، واستبدالها بتجارات تشهد إقبالا من المواطنين، وأهمها بيع المواد الغذائية والمشروبات بمختلف الأنواع، كونها من أساسيات الحياة التي لا يمكن الاستغناء عنها، أما تجار الإلكترونيات والألبسة والأحذية والمجوهرات والهواتف، فأصبحت غير ضرورية للعديد من الأسر ويتراجع الطلب عليها.
عدم القدرة على دفع الأجور
أما التاجر حسن القيام، فيقول، من جهته، إن قرار الاستغناء عن العمالة في محله التجاري من أفضل الحلول لعدم مقدرته على دفع أجورهم، والعمل وحده بالمحل بمساعدة أبنائه، فضلا عن الاستغناء عن أحد المحال التي يستأجرها والإبقاء على محل واحد فقط، كحلول تسهم في تخفيض النفقات، لا سيما أنه يسعى حاليا للحصول على قرض من إحدى الجهات الإقراضية لغاية تجديد بضائع محله، وعمل تسوية مع بلدية جرش الكبرى، ودفع جزء من المبالغ المتراكمة عليه للبلدية خوفا من إغلاق المحل أو حبسه.
وبحسب مصدر مطلع في بلدية جرش الكبرى، فإن “المئات من تجار سوق جرش لم يرخصوا محالهم التجارية منذ سنوات طويلة، وتتراكم عليهم ذمم مالية لبلدية جرش الكبرى، وقد أصدرت البلدية العام 2017 قرارا بإغلاق محالهم، وقد تم تأجيل القرار للعام 2019 لغاية تصويب أوضاعهم، وقد أجل قرار الإغلاق إلى شعار آخر نظرا للظروف التي يعاني منها التجار وتراجع الحركة الشرائية، وحرصا على مصادر أرزاقهم كونهم يعتمدون على محالهم التجارية في إعالة أسرهم”.
وأضاف أنه لا يقل عدد التجار في الوسط التجاري وضواحيه عن 500 تاجر، والمئات منهم لا يلتزمون بالترخيص وتتراكم عليهم ذمم مالية لبلدية جرش الكبرى.
ويرى المصدر ذاته أن الحل في إنقاذ التجار هو تفعيل المشاريع السياحية في الوسط التجاري، وأبرزها مشروع الربط بين المدينتين، وتفعيل مسار وادي الذهب، أو عمل دراسات جدوى من خلال مراكز تعزيز الإنتاجية قبل بدء المشروع لضمان نجاحه.
تعويل على قرية جرش السياحية
ووفق ما ذكر رئيس الغرفة التجارية في محافظة جرش الدكتور علي العتوم، في تصريح سابق، فإن “القوى الشرائية في تراجع مستمر بسبب الظروف الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون، والظروف السياسية التي تمر بها المنطقة، وتراجع القوى الشرائية ينعكس سلبا على قدرة التجار على الاستمرار بالعمل أو ترخيص محالهم ودفع المستحقات المالية التي تترتب عليهم من ترخيص لبلدية جرش وترخيص لغرفة التجارة، مما تسبب في تراكم الديون والذمم المالية على التجار”.
ويعول الجرشيون، خصوصا العاملين في القطاعين السياحي والتجاري، على تحسن واقع المحافظة بشكل عام، مع مشروع قرية جرش السياحية البيئية، الذي وضع رئيس الوزراء جعفر حسان قبل أيام حجر الأساس له، حيث أكد ضرورة إنجاز مراحل المشروع في مواعيدها المقررة، ليبدأ تشغيله في منتصف العام 2027 ليسهم في تعزيز ودعم قطاع السياحة ويوفر بيئة سياحية فريدة ومتكاملة في المحافظة.
ويمتد المشروع الذي تشرف على تنفيذه الجمعية الملكية لحماية الطبيعة على مساحة 210 دونمات، ويقع في منطقة جبلية مطلة على غابات جرش ودبين وتل الرمان والجبال المحيطة بسيل الزرقاء، ويبعد قرابة 10 دقائق عن مدينة جرش الأثرية.
كما يتضمن المشروع إنشاء فندق بيئي يضم 55 غرفة فندقية، وحديقة بيئية متكاملة المرافق تعتمد أنظمة بيئية حديثة ومستدامة تعكس هوية محافظة جرش وطبيعتها، ومركز للزوار يضم قاعات لعقد المؤتمرات والاجتماعات، ومناطق للمطاعم، ومرافق للعائلات والأطفال، وأماكن للألعاب وأنشطة المغامرات، كما يوفر مساحة لعرض وتسويق المنتجات المحلية التي ينتجها أبناء المجتمع المحلي.
وكان رئيس الوزراء زار موقع المشروع في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، حيث وجه بتنفيذه إلى قرية سياحية بيئية بديلا عن مشروع المدينة الصناعية، لينجز كمعلم سياحي جاذب من شأنه أن يسهم في إطالة مدة إقامة السائح في جرش.