البحر الميت.. انتعاش سياحي يفتح آفاقا جديدة لتجاوز التحديات

البحر الميت – مع انحسار درجات الحرارة المرتفعة وتحسن الأجواء، يعود النشاط السياحي إلى واجهة البحر الميت، إذ يشهد القطاع السياحي في المنطقة انتعاشا ملحوظا خلال عطلة نهاية الأسبوع منهيا حال التراجع التي عانت منها المنطقة نتيجة الأحداث الإقليمية والظروف الاقتصادية والأجواء الحارة خلال أشهر الصيف.

وتعد الفترة من أيلول / سبتمبر وحتى نيسان / أبريل هي الفترة المفضلة للسياح والمتنزهين لزيارة المنطقة بهدف الاستجمام، ما يسهم في زيادة نسب الإشغال الفندقي ورواد المنتجعات السياحية.
ويؤكد عاملون في القطاع ان أعداد الزوار بدأت تتزايد بشكل ملحوظ منذ الأسبوع الماضي، موضحين أن أيام العطل شهدت إقبالا كبيرا على المنتجعات والمتنزهات والشواطئ العامة والمفتوحة.
ويشير العاملون إلى أن الانتعاش الحالي له آثار إيجابية ملموسة على جوانب مختلفة، كاستقرار الاستثمار وخصوصا في المنتجعات الكبيرة من خلال توفير تعزيز الإيرادات التشغيلية للمنشآت الفندقية، إضافة إلى تشغيل المزيد من العمالة التي فقدت مصدر دخلها نتيجة تراجع العمل بالقطاع، موضحين أن الانتعاش لم يقتصر على الفنادق والمنتجعات فقط، بل امتد ليشمل المطاعم، والمقاهي، والاستراحات، وكذلك الأنشطة الترفيهية الأخرى وتنشيط الحركة التجارية بشكل عام.
ويبين علاء سليمان أن نهاية الأسبوع المنصرم شهدت حركة سياحية لم نر مثلها منذ سنوات، مشيرا إلى أن نسب إشغال بعض الفنادق وصلت إلى 90 %، في حين امتلات المتنزهات والمنتجعات والمطاعم والاستراحات بالزوار والمتنزهين، ناهيك عن الأعداد الكبيرة التي افترشت الطرق والشواطئ المفتوحة.
ويضيف، إن العامل المناخي هو الدافع الأساسي الذي يجذب العائلات والمجموعات السياحية لقضاء عطلات نهاية الأسبوع في المنتجعات والفنادق المطلة على البحر؛ فاعتدال الأجواء أسهم بشكل كبير في وفود أعداد كبيرة من المتنزهين، لافتا إلى أن الحركة المتنامية سيكون لها آثار إيجابية كبيرة على المناخ الاستثماري والاقتصادي والتنموي، إذ سيسهم في خفض الخسائر التي منيت بها المنشآت السياحية نتيجة غياب السياحة الأجنبية.
ويبين مديرو استقبال في فنادق البحر الميت أن نسب الإشغال وصلت خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى %90  وهو رقم لم يتكرر كثيرا خلال السنوات الماضية، مشيرين إلى أن النشاط المتنامي سيعوض فترة الركود التي عاشتها المنتجعات خلال الأشهر الماضية.
وينوهوا إلى أن استمرار الجهود التسويقية والترويجية من قبل هيئة تنشيط السياحة ووزارة السياحة، فإن الموسم الشتوي الحالي يحمل معه آمالًا كبيرة لقطاع السياحة في البحر الميت، إذ من المتوقع أن تستمر نسب الإشغال في الارتفاع، مما يعيد الحيوية إلى هذه الوجهة السياحية الفريدة من نوعها.
ويبين أمين سر جمعية أصدقاء البحر الميت يزن الحن أن الإقبال المتزايد على المنتجعات والفنادق يؤشر إلى أن السياحة الداخلية هي المحرك الأساسي للنشاط الحالي، لافتا إلى أن الظروف الراهنة حدت من حركة السياحة الأجنبية ما دفع المنشآت إلى تقديم عروض ترويجية لجذب المزيد من الزوار المحليين.
ويلفت إلى أن البحر الميت يوفر خيارا مثاليا للاستجمام والاسترخاء كونه على مقربة من المدن الرئيسة مثل العاصمة عمان والمدن الكبرى، مما يجعله وجهة مفضلة للهروب من ضغوط الحياة اليومية، قائلا: “لا يقتصر سحر البحر الميت على المناظر الطبيعية فقط، فالخصائص الاستشفائية والأنشطة الترفيهية والمنتج السياحي المتنوع الذي يلبي مختلف الرغبات يجعل منه وجهة سياحية مثالية.”
وينوه الحن إلى أن النشاط المتنامي في البحر الميت بمثابة عامل تعويض مهم للخسائر التي منيت بها المنشآت السياحية جراء تراجع السياحة الأجنبية، فالاعتماد على السوق المحلي في الوقت الحالي يمثل إستراتيجية حيوية لضمان استمرارية الأعمال والحفاظ على الوظائف، متوقعا أن يستمر هذا الانتعاش خلال الأشهر المقبلة ما يسهم في تحسين الوضع المالي للعاملين والمستثمرين في القطاع.
ويرى مراقبون أنه وعلى الرغم من الانتعاش الحالي، فالقطاع السياحي في البحر الميت ما يزال يواجه بعض التحديات التي يجب معالجتها لضمان استدامة النمو كالدفع باتجاه استعادة السياحة الأجنبية التي تشكل العمود الفقري للسياحة في الأردن من خلال تكثيف الترويج في الأسواق الدولية، وتسويق البحر الميت كوجهة سياحية علاجية وترفيهية عالمية، وتنظيم رحلات تعريفية للوكلاء السياحيين العالميين، والمشاركة في المعارض السياحية الدولية، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى جمهور أوسع.
ويؤكدون على ضرورة تحسين وتطوير البنية التحتية في المنطقة بما في ذلك توسيع وتأهيل الطرق وتحسين جودة الخدمات العامة في الشواطئ المفتوحة والمتنزهات، والعمل على تنويع الأنشطة السياحية وتنظيم الفعاليات الثقافية والفنية لجعل المنطقة أكثر جاذبية للزوار من مختلف الفئات العمرية والاهتمامات، مشددين على ضرورة التركيز على حماية البيئة من التلوث وضمان استدامة الموارد الطبيعية وتشديد الرقابة على الشواطئ المفتوحة وتطبيق ممارسات صديقة للبيئة في الفنادق والمنتجعات كون الثروة الطبيعية مفتاح استدامة القطاع السياحي على المدى الطويل.
وكان مجلس الوزراء قد قرر الأسبوع الماضي الموافقة على استكمال، شركة المجموعة الأردنية للمناطق الحرة والمناطق التنموية، الإجراءات اللازمة لتمويل مشروع الشاطئ العام ومشروع الحديقة الشاطئية بالبحر الميت، في حين يتوقع أن يتم افتتاح مشروع كورنيش البحر الميت مطلع الشهر المقبل، ولا شك أن هذه المشاريع سيكون لها انعكاسات إيجابية على النشاط السياحي واستقطاب المزيد من الزوار مع وجود كافة الخدمات اللازمة التي يحتاجها مرتادو المنطقة.
ويلفت رئيس غرفة تجارة الشونة الجنوبية عبدالله العدوان إلى أن الانتعاش السياحي الحالي في منطقة البحر الميت يظهر مرونة القطاع السياحي الأردني، وقدرته على التكيف مع التحديات، مبينا أن المنطقة بدأت تستعيد حيويتها مع اعتدال الأجواء وعودة النشاط الداخلي ما يتطلب تكثيف الجهود بين القطاعين العام والخاص لتحقيق المزيد من النمو والازدهار.
ويشدد على أهمية تطوير البنية التحتية والترويج للمنطقة بشكل فعال لتبقى البحر الميت وجهة سياحية عالمية المستوى، تزامنا مع التركيز على المزايا الفريدة التي يقدمها البحر الميت في موسم الخريف والربيع، مضيفا: ” يجب الاستثمار في السياحة العلاجية والتركيز بشكل أكبر على الترويج للخصائص العلاجية للبحر الميت، واستقطاب السياح المهتمين بالسياحة العلاجية من مختلف أنحاء العالم بالتعاون مع المؤسسات الطبية والمنتجعات الصحية المتخصصة.”
وتتميز منطقة البحر الميت بكونها واحدة من أكثر المناطق انخفاضًا على سطح الأرض، وهو ما يجعل طقسها في فصل الشتاء دافئا ومشمسا، على عكس بقية مناطق الأردن التي تشهد انخفاضًا حادا في درجات الحرارة ما يشكل عامل جذب رئيس للسياح من داخل الأردن وخارجه.

حابس العدوان/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة