البرهان يضع الكرة بملعب السياسيين بإعلانه الاستعداد لانزواء العسكر

الخرطوم – بإعلانه الاستعداد للانزواء بالمؤسسة العسكرية حال وصول الأطراف للتوافق، وضع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الكرة في ملعب الأحزاب السياسية، فيما أعربت قوى إعلان الحرية والتغيير، عن رفضها إعلان البرهان.
وأكدت قوى الحرية والتغيير في مؤتمر صحفي، أمس “رفضها الكامل” لما جاء في بيان البرهان؛ قائلة إنه “لم يتضمن اعترافا واضحا بحقيقة الأزمة، المتمثلة في الواقع الذي خلقته إجراءات الخامس والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر)، مشددة على أن “حل الأزمة يتمثل في إنهاء الإجراءات التي تبعت هذا التاريخ، وعودة الجيش إلى ثكناته”، مؤكدة أنها “لم ولن تتفاوض على اقتسام السلطة، وتسعى لتأسيس مرجعية مؤسسية”.
وقال القيادي في قوى الحرية والتغيير، رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، إن “الضغط الجماهيري المستمر في كافة ربوع البلاد، هو الذي دفع البرهان للخروج ببيانه الأخير”.
ورأى الدقير أن البيان “ضل الطريق؛ وتفوح منه رائحة الوصايا ويمثل مناورة وتراجعا تكتيكيا، لكن الشارع لن يقبل به”.
وشددت قوى الحرية والتغيير على رفضها لـ”أي وصاية”، مشيرة إلى أن “القوى المدنية وحدها هي من تحدد مستويات وشكل الحكم”، موضحة أنها تريد “حكومة كفاءات قادرة على تنفيذ مطالب الشارع، ومجلس سيادة مدني بالكامل”.
ورأت القوى أن استخدام العنف والرصاص الحي ضد المتظاهرين “أجهض الجهود التي قادتها الولايات المتحدة والسعودية لحل الأزمة الحالية”.
وكان البرهان قال في كلمة مساء أول من أمس فاجأ بها الأوساط السياسية في البلاد، معلنا حزمة قرارات، إنه يستشعر الأزمة التي تمر بها البلاد وتهدد وحدتها وتنذر بمخاطر تعيق مسار إكمال التحول الديمقراطي
ومن القرارات التي أعلنها البرهان انسحاب المؤسسة العسكرية من المفاوضات الجارية على مستوى الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية الأفريقية (إيغاد) وحل مجلس السيادة بعد الاتفاق على حكومة كفاءات، معللا أن ذلك يأتي لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية والمكونات الوطنية الأخرى للجلوس، وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال مطلوبات الفترة الانتقالية، مبديا أمله أن تنخرط هذه القوى في حوار فوري وجاد.
وأوضح أنه بعد تشكيل الحكومة التنفيذية سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع يتولى القيادة العليا للقوات النظامية، ويكون مسؤولا عن مهام الأمن والدفاع، وما يتعلق بها من مسؤوليات تستكمل مهامه بالاتفاق مع الحكومة التي سيتم تشكيلها.
وترافقت كلمة البرهان مع توتر متعاظم يشهده الشارع بعد اتساع رقعة الاعتصامات التي تنفذها لجان المقاومة بمدن العاصمة الثلاث.
ويطالب المتظاهرون والمعتصمون بتنحي العسكر عن السلطة وتسليمها للمدنيين وبتحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين في قتل المحتجين، إذ بلغ عدد من قتلوا منذ 25 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي 114 شخصا، بينهم أطفال.
ومع حالة انسداد الأفق التي تعمقت بإعلان قوى الحرية والتغيير تعليق العملية التفاوضية التي كانت بدأت بحوارات مباشرة بين التحالف والمكون العسكري تحت وساطة سعودية أميركية، وارتفاع التصعيد في الشارع بإغلاق الطرق والترتيب لعصيان مدني شامل.
وفور الإعلان عن قرارات البرهان تباينت رؤى التيارات السياسية حيال مقاصدها ودلالاتها؛ بين مرحب ومشكك في مراميها، كما أكدت قيادات في لجان المقاومة للجزيرة نت مواصلة الاعتصام وعدم التراجع قبل الإيفاء بكل المطالب، وعلى رأسها تسليم السلطة لحكومة مدنية.
دور جديد للجيش
ومن وجهة نظر القيادي في حزب الأمة القومي الصديق الصادق المهدي، فإن خطاب البرهان يتصف بأهمية كبيرة، وينبغي إخضاعه للدراسة على مستوى مؤسسات الحزب وتحالف الحرية والتغيير.
وأشار المهدي إلى أن البرهان لم يكن موفقا في ترك الاتفاق للقوى المدنية، لا سيما أن الجيش يؤثر على قسم كبير منها، لافتا إلى أن من بين التيارات السياسية من يشارك الجيش في مجلس السيادة وفي الحكومة، وهو ما يؤثر على العدالة في الدور المدني خلال الفترة الانتقالية، حسب قوله.
ويقول الكاتب والباحث السياسي محمد المبروك للجزيرة نت إن خطاب البرهان بني على إستراتيجية أمنية متعلقة بخطورة الوضع في السودان وقراءات للمشهد السياسي، مؤداها أن الوضع يتجه ربما نحو فوضى واحتمالات نشوب حرب أهلية وربما تفتت الدولة نفسها.
ويشير المبروك إلى أن خطاب قائد الجيش وضع الكرة في ملعب السياسيين وكل المكونات المدنية، وفي حال صدر رد فعل إيجابي وموحد من قبل تحالفي الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي، والتوافق الوطني؛ فهو مؤشر لإمكانية الجلوس على طاولة واحدة والاتفاق على تشكيل حكومة مدنية تمضي صوب الانتخابات.
ويضيف أن عدم الاتفاق بين المكونات المدنية سيدفع باتجاه تكوين حكومة تصريف أعمال تمضي نحو التحضير للانتخابات.
ويرى القيادي بقوى الحرية والتغيير عروة الصادق أن ما أثاره البرهان بشأن تكوين المجلس العسكري يؤشر إلى أنه سيكون فوق السلطة المدنية، وهو أمر “غير مقبول”، والمرجو حسب قوله أن يكون وزيرا الداخلية والدفاع مدنيين ضمن مجلس الأمن والدفاع، وألا ينفرد الجيش والدعم السريع بقيادة هذا المجلس، وأن تشارك القوى المدنية في تسمية مديري إدارات الهيئات القيادية في الشرطة والجيش.
ويتحدث عروة الصادق عن أن البرهان ألقى بتلك الورقة أمام القوى السياسية وقوى الثورة بما قد يؤدي إلى خلط الأوراق، وازدياد تعالي صوت “التشاكس” المدني-المدني، وتصاعد ما وصفه “بأصوات الانقلابيين وفلول النظام البائد”-(وكالات)

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة