البيعة.. 24 عاما تجسد حياة سياسية يفخر بها الأردنيون

– في الذكرى الـ24 للبيعة، لم تغب الديمقراطية عن الخطاب الملكي منذ أن بايع الأردنيون جلالة الملك عبدالله الثاني ملكا للمملكة في 7 شهر شباط عام 1999، لتشكل تلك الخطابات مسارا سياسيا يرتكز على الديمقراطية ويستند إلى الحزبية.
وتدعو تلك السيرورة التاريخية للحياة السياسية التي رُسمت معالمها بريشة ملكية بألوان حزبية منذ يوم البيعة قبل نحو الربع القرن الماضي، الأردنيين للمفاخرة بذلك المسار الديمقراطي، الذي شهد وتيرة متسارعة منذ تسلم جلالته سلطاته الدستورية في عام 1999.
وفي مثل هذا اليوم تحيي الأسرة الأردنية، ذكرى الوفاء للمغفور له بإذن الله، جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، الذي كانت الانطلاقة الفعلية للحياة الحزبية في بداية عهده، عندما كلف الحزب الوطني في 29 من شهر تشرين الأول لعام 1956 بتشكيل الحكومة البرلمانية الأولى في تاريخ المملكة برئاسة سليمان النابلسي.
وفي العام ذاته، صدر قانون الأحزاب الأول على مستوى الدولة، وهو ما شكل حجر الأساس، لتثبيت قواعد العمل الحزبي على الأرض، في عهد الحسين بن طلال، الذي استمر 47 عاما من العطاء والإنجازات، تخللها لاحقا إصدار قانون الأحزاب في عام 1992، إثر عودة مظاهر الحياة الديمقراطية والبرلمانية بعد توقف النشاط الحزبي لأكثر من 3 عقود.
وعلى خطى الملك الباني، الحسين بن طلال، سار الملك المعزز عبدالله الثاني على النهج الهاشمي الداعم للديمقراطية وتمكين الحياة السياسية والبرلمانية في المملكة، التي شهدت خلال عهده أكبر تعديل للدستور الأردني، كان الأكبر والأهم فيها تعديل عام 2011، الذي شمل 38 مادة من مواد الدستور، وهو ما يعادل ربع مواد الدستور تقريبا.
وطالت تلك التعديلات الدستورية، النصوص التي تؤكد على استقلال القضاء، باعتباره سلطة مهمتها الأساسية فرض سيادة القانون، وتحقيق المساواة واحترام حقوق الإنسان وإحاطتها بكافة الضمانات التي تحقق العدالة والكرامة وتصون الحريات، وتضمن حق المواطنين في حياة كريمة آمنة ومشاركتهم في صناعة القرارات والسياسات الناظمة لمسيرة المجتمع الديمقراطي.
كما اشتملت التعديلات على إنشاء المحكمة الدستورية ضمن أفضل المعايير الدولية، وإنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات، ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم المدنية، وإناطة محاكمة الوزراء بالمحاكم العليا المدنية والطعن في نتائج الانتخابات أمام القضاء المدني.
وتضمنت أيضا تحديد صلاحيات السلطة التنفيذية بوضع قوانين مؤقتة في ثلاث حالات على سبيل الحصر كما كان عليه الحال في دستور عام 1952، وهو ما اعتبر نقلة نوعيه في تاريخ المملكة، التي دخلت أخيرا، مئويتها الثانية بقيادة جلالته، الذي دفع عبر التعديلات الدستورية الأخيرة إلى إيجاد بيئة ديمقراطية تمكن الأحزاب السياسية.
وفي عهد جلالته شهدت المملكة صدور سلسلة من قوانين الأحزاب في الأعوام 2007، 2012، 2015، 2022، جاء كل منها لمواكبة المملكة للديمقراطيات الأنسب مع طبيعة شعبها الديمقراطية وتضاريسها الجغرافية ومسيرتها التنموية.
كما شهدت المملكة في عهد جلالته سلسلة من قوانين الانتخاب، التي جاء كل منها يخدم المرحلة التي جاء فيها بما يتواءم مع مستجدات الساحة السياسية مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الأردني الممتد في أرجاء المملكة.
واستمرارا لتعزيز مسيرة المملكة الديمقراطية، جاءت مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، التي شكلها جلالة الملك عبدالله الثاني بالتزامن مع دخول الدولة الأردنية المئوية الثانية من عمرها، بهدف تطوير المنظومة السياسية وصولا لحياة برلمانية وحزبية تناسب الأردنيين والمسيرة الديمقراطية للمملكة.
وتصدر قانونا الانتخاب والأحزاب السياسية، والتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، تلك المخرجات الرامية إلى تهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة.
وأخذت الديمقراطية حيزا كبيرا في سلسلة من الأوراق النقاشية، التي وضع فيها جلالة الملك عبدالله الثاني رؤية واضحة للإصلاح الشامل ومستقبل الديمقراطية في الأردن، ترمي إلى تحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح وعملية التحول الديمقراطي التي يمر بها الأردن، بهدف بناء التوافق، وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الزخم البناء حول عملية الإصلاح.
وتضمنت أغلب خطابات العرش السامية رسائل واضحة تتحدث عن أهمية أطراف معادلة المسار السياسي في المملكة وعلى رأسها التمكين الديمقراطي والمواطنة الفاعلة والتشاركية، وهي رسائل تكررت في أغلب الأحاديث الملكية خلال مختلف اللقاءات المحلية وأبرز اللقاءات العربية والدولية.
وتطرق جلالته في خطاب العرش السامي لافتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة التاسع عشر، إلى التحديث السياسي الهادف إلى إيجاد مشاركة شعبية أوسع في صنع السياسات والقرارات من خلال أحزاب برامجية، من أجل خدمة أهداف التنمية ويعمل من أجل تمكين الشباب والمرأة ويسهم في إيجاد قيادات جديدة تبعث الحيوية في مؤسسات الدولة ويكون لها الحضور الفاعل في مجلس النواب وفي حكومات المستقبل.
ويقع الشباب الأردني في صلب اهتمامات جلالة الملك، ويحظون برعايته ومساندته، كما يؤكد جلالته دوما ضرورة تحفيزهم وتمكينهم من خلال احتضان أفكارهم ودعم مشروعاتهم، لتتحول إلى مشروعات إنتاجية مدرة للدخل وذات قيمة اقتصادية، حيث تقوم رؤية جلالته على الاستثمار في الإنسان الأردني المبدع والمتميز بعطائه.
واليوم، وبعد 24 عاما، من أداء جلالة الملك عبدالله الثاني اليمين الدستورية، ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية، يواصل الأردنيون مسيرة البناء والتقدم والإنجاز، خلف قيادتهم الهاشمية الحكيمة، لتعزيز ما بناه الآباء والأجداد.-(بترا)

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة