“التقاعد المبكر”.. “الضمان” تحسم اللغط ومطالبات بالشفافية

حسمت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، الجدل واللغط، اللذين دارا حول التعديلات المُقترحة على قانون التقاعد المُبكر، ففي الوقت الذي أصدرت فيه “الضمان” العشرات من التصريحات الصحفية، خلال الأشهر الماضية، تتعلق كلها بنية المؤسسة أو عزمها تعديل هذا القانون، كانت هناك مطالبات بضرورة الكشف عن مسودة التعديلات المقترحة.
وكانت التصريحات الصادرة عن مؤسسة الضمان بشأن التقاعد المُبكر، “تتغير” كل فترة، بينما كان آخرها، ما رشح قبل يومين، على لسان المدير العام لـ”الضمان”، الدكتور حازم رحاحلة، الذي أوضح أن التعديلات المُقترحة لن تشمل من كانت خدمته أكثر من 7 أعوام، أي بعدد اشتراكات قدره 84، بحلول نهاية العام الحالي، وإنما تشمل من تقل اشتراكاتهم عن هذا الحد، كما سيتم رفع السن المؤهلة للتقاعد المبكر إلى 55 عاما للذكور، و52 للإناث.
وقال رحاحلة إن “مشروع القانون ألغى التقاعد المبكر لمن تقل اشتراكاته، في الأول من كانون الثاني (يناير) 2026، عن 36 اشتراكا، وأصبح تقاعدهم في سن الشيخوخة 62 عاما للذكر، و59 للإناث”، مضيفا أن مشروع القانون سيعرض على مجلس إدارة المؤسسة نهاية الشهر الحالي، على أن يستكمل بعدها جميع مراحله التشريعية والقانونية تمهيدا لإقراره.
مصدر، طلب عدم نشر اسمه، واكتفى بوصفه بأنه متابع لملف تعديلات قانون الضمان، قال “قبل استمرار التغييرات المتعددة على قانون الضمان يجب الإفصاح عن كل الدراسات الاكتوارية التي تخصه، مع سائر فرضياتها ومناقشتها في مؤتمر عام يحضره العديد من المتخصصين”.
يشار الى ان قانون الضمان الاجتماعي، يلزم المؤسسة بإجراء دراسة اكتوارية تفحص مركزها المالي مرة واحدة كلّ ثلاثة أعوام من قِبل جهة متخصصة ومصنفة عالميا، لمعرفة توازنها المالي بين إيراداتها ونفقاتها، ولعدة عقود قادمة، لكن لم يتم الكشف ابدا عن نتائج هذه الدراسات أو نشرها، حتى على الموقع الإلكتروني للمؤسسة.
مديرة مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان لندا كلش أكدت أهمية نشر نتائج الدراسات الاكتوارية وإطلاع الرأي العام عليها قبل ان تقرر مؤسسة الضمان الاجتماعي تعديل القانون.
وفيما يتعلق بإجراء تعديل على التقاعد المبكر أو إلغائه بشكل تدريجي، أكدت كلش ضرورة أن تكون هذه الخطوة مدروسة بشمولية، لأن التعديل أو الإلغاء من دون إجراء إصلاحات جذرية تتعلق بقانون العمل، وبالمادة المتصلة بإنهاء الخدمات في القطاعين العام والخاص، إلى جانب عدم وجود فرص عمل للأفراد في عمر متقدم، لن يكون ذا جدوى.
ولفتت إلى أن توجه المؤسسة صوب رفع والغاء سن التقاعد “غير مبرر، من دون تعديل الأجور باتجاه رفعها، خاصة أن غالبية المتقاعدين يرون في التقاعد المبكر فرصة للحصول على دخل ثابت والتوجه بعدها صوب سوق العمل غير المنظم، بحيث يسعى العمال لتحصيل أكثر من أجر لتعويض مسألة تدني الأجور وانخفاضها بشكل كبير في ظل الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار، لذلك يجب على المؤسسة التعامل مع الأسباب التي تدفع العمال للتوجه صوب التقاعد المبكر قبل الغائه”.
وكانت دراسة صادرة عن البنك الدولي نشرها العام الماضي توقعت أن يواجه برنامج الرواتب التقاعدية لمؤسسة الضمان الاجتماعي عجزا بعد 10 سنوات من الآن.
وتوقعت الدراسة التي حملت عنوان “مؤسسة الضمان الاجتماعي: نحو توسيع التغطية ونظام تقاعد أكثر ملاءمة وإنصافًا واستدامة”، أنه لن تكون الإيرادات كافية لتغطية النفقات في حوالي 10 سنوات فقط، ومن الممكن استنفاد جميع احتياطيات المؤسسة في وقت أقرب مما هو متوقع، ما لم يتم النظر في تدابير إصلاحية سريعة. وأوضحت أن إجمالي الإنفاق على المعاشات التقاعدية والتعويضات في الأردن مرتفع (حوالي 9 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2019) وفقًا للمعايير الدولية، لا سيما بالنظر إلى أن الأردن ما يزال بلدا شابا، وبرنامج المعاشات التقاعدية الحالي يغطي فقط حوالي 53 % من إجمالي القوى العاملة.
وأوصت الدراسة بضرورة اتخاذ إصلاحات سريعة في برامج الضمان الاجتماعي، خصوصا المتعلقة بالمعاشات التقاعدية، مؤكدة ضرورة النظر إلى ما هو أبعد من التدابير قصيرة الأجل، والإصلاحات السريعة، والبحث بدلا من ذلك في استراتيجية طويلة الأجل لتوسيع التغطية من خلال نظام تقاعد أكثر استدامة وإنصافًا وكفاءة.
وركزت الدراسة على أهمية رفع سن التقاعد بشكل أكبر مع خفض معدلات الاستحقاق بشكل طفيف، من أجل معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية الحالية، بالإضافة إلى إعسار النظام على المدى الطويل.
وكانت حملة تبناها المجتمع المدني مؤخرا لرفض تعديل التقاعد المبكر، طالبت في عريضة صدرت عنها اتخاذ إجراءات قبل رفع سن التقاعد المبكر أو الغائه، مثل رفع الأجور بما يتناسب مع التضخم والغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار، خاصة أن نسبة مشتركي الضمان التي تقل رواتبهم عن 500 دينار تبلغ 70 %، ما يدل أن غالبية الأجور قليلة ولا تلبي احتياجات العمال وأفراد أسرهم، ولا تراعي نسب خط الفقر للأسر، ما يدفع أصحاب الأجور المتدنية نحو التقاعد المبكر، والتوجه للبحث عن فرصة عمل أخرى.

رانيا الصرايرة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة