التنمية المهنية الإلكترونية للمعلم والطالب/ د فخري الفلاح بني نصر

=

التنمية المهنية الإلكترونية للمعلم والطالب كمدخل لمواكبة التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا

مقدمة :
ساهمت جائحة كورونا على تغير الكثير من الممارسات والسياسات والسلوكيات على مستوى العالم, ويمكن اعتبار التعليم من أهم القطاعات الأكثر تأثرا بهذه الجائحة, حيث اضطرت أغلب دول العالم على غلق مؤسساتها ومدارسها وجامعتها للحد من تفشي فيروس كورونا في العالم , بحكم أن المؤسسات التربوية أكثر الأماكن ازدحاما في العالم وبالتالي الأكثر عرضت للإصابة بهذا الفيروس , ولهذا سعت دول العالم إلى البحث عن حلول لاستكمال المسار الدراسي والتعليمي للطلبة والمعلمين, ولم تجد إلا المنصات التعليم الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي للتعليم و التدريب في المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية .
ومن أهم القضايا التربوية الحالية التي تطرح نفسها بقوة على المجتمع المدرسي من المعلمين والطلاب قضية التنمية المهنية الإلكترونية للمعلم والطالب, وذلك لما لها من أهمية بالغة في تطوير الأداء، وبالتالي تحسين تعلم وتعليم الطلاب والمعلمين مما يؤدي إلى تحسين مخرجات العملية التعليمية بأكملها في المملكة الاردنية الهاشمية .
ومما لاشك فيه أن مواصلة التعلم والتعليم والتدريب للمعلم والطالب ضرورة ملحة تفرضها اعتبارات كثيرة فهي :
1- امتثالاَ لقوله تعالى ):وقل ربِّ زِدني عِلمَاً ، طه: 114) وفي ذلك ما يدل على شرف واهمية العلم وفضيلة الاستزادة منه،
2- ثورة الانفجار المعرفي والتكنولوجي، وتنوع أساليب التعليم، وظهور المستحدثات في مجال تقنيات التعليم والتعلم،
3- اعتماد دول العالم في ظل جائحة كورونا على فلسفة التعليم عن بعد، فأصبح المعلم المبدع هو طالب العلم الذي يسعى دوماَ لاكتساب مهارات متجددة، ومواكبا لتلك التطورات والتحديات المعرفية والتقنية.

ان التنمية المهنية للمعلم حافظت على مكانتها في عصر الثورة المعرفية والتكنولوجية, ونجد بالفعل أنها كانت ومازالت تحتل المكانة الكبيرة في تطوير التعليم، بل أن منظمة اليونسكو تعتبر إعداد المعلم هو طريقة أساسية للتغلب على مشكلات التعليم في عالمنا المعاصر (الحر،2010) وفي ظل ذلك طرح التأهيل الإلكتروني نفسه كمدخل رئيس هذه الآونة لتطوير المعلمين والطلاب لتمكينهم من مواكبة فلسفة التعليم عن بعد.

مفهوم التأهيل الإلكتروني: إنه نظام تدريبي تعليمي غير تقليدي يعتمد على التأهيل النشط والفعال من خلال الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي المناسبة والمنصات التعليمية ، ويتحدد بثلاثة عناصر هي المرسل والمستقبل والمحتوى التدريبي (عبد الرازق،2011) بل إن من “أهم تأثيرات العصر الرقمي على التنمية المهنية للمعلم ظهور نظام التنمية المهنية الإلكترونية” (وهبة ،2011(.
وبالتالي يمكنك أن تقول أن التنمية المهنية الإلكترونية هي عملية إكساب المهارات والمعارف الضرورية لرفع المهارات المهنية الإلكترونية بما يمكن المعلمين والطلاب من تحقيق المعايير والاهداف المطلوب تحقيقها.
ومع تقدم التكنولوجيا والتطور العلمي خاصة شبكات التواصل الاجتماعي استثمرت العديد من الجامعات في إنشاء مؤسسات افتراضية بحيث تقوم هذه الجامعات الافتراضية بفتح دورات تعليمية للطلبة والتسجيل فيها وتلقي المحاضرات والدروس عبر أقراص مضغوطة أو إرسالها عبر الإيميل للطلبة وفق برنامج محدد وفي تخصصات معينة وتوجد العديد من الجامعات لها تجربة متميزة في هذا المجال ومعترف بها دوليا ومن هنا بدأ التعليم عن بعد يتغير وأصبح يعرف بالتعليم الإلكتروني أو الافتراضي والذي مكن أن نعرفه بأنه التعليم الذي يعتمد على الوسائط التكنولوجية وتوظيف المعلوماتية لتحقيق التبادل المعرفي دون الحاجة للالتقاء الواقعي واستخدام الحضور السمعي البصري اللحظي.
كما أن هناك دراسات أكدت على المبررات التي تدعو إلى الأخذ بالتأهيل الإلكتروني في مجال التنمية المهنية للمعلمين من خلال نقد وتفنيد برامج التدريب التقليدية وهي: افتقار برامج التدريب الحالية لمتابعة المفاهيم الحديثة للتنمية المهنية وما ينبغي أن يصاحبها من تطبيقات (الحلفاوي ، 2011)، وتباعد الفترات الزمنية للبرامج التدريبية والورش التعليمية التي يلتحق بها المعلمون (الكبير،2007)، وتقليدية أساليب وطرق تدريب المعلمين واعتمادها على أساليب بعينها كالمحاضرة والإلقاء، ضيق وقت المعلمين المحمل بأعباء المناهج الدراسية وأعمال التقييم و الواجبات، وإمكانية المشاركة لبرنامج التأهيل الإلكتروني في وقت وأي مكان بما يتناسب مع ظروف المعلم.

سمات التأهيل الإلكتروني للمعلم والطالب
– يسهم في تمكين المعلم والطالب من التحصيل والاستفادة بما يتفق مع ظروف عمله والوقت المناسب والمتاح لديه،
– توفير كبير في الوقت والجهد والنفقات، كما يتيح التأهيل الإلكتروني عبر الإنترنت للمتدربين تكرار أنشطة التدريب حسبما يشاؤون.
– يسهل التأهيل الإلكتروني في تنظيم برامج، وأنشطة التنمية المهنية لجميع المعلمين باختلاف مستوياتهم المهنية وتخصصاتهم العلمية “(محمد، 2007)،
– يساعد في التغلب على صعوبات التدريب التقليدي للمعلم، هذا إضافة إلى الاستفادة الجمة المتحققة من مختلف المواقع الإلكترونية (إبراهيم، 2007)،
– يساعد التأهيل الإلكتروني المعلم على الاطلاع على الجديد في مجال تخصصه من طرق واستراتيجيات وطرق تقويم تتناسب مع التطورات التقنية الحالية.
ولاعتبـارات تكنولوجيـة ومعرفية متسارعة بات من الضروري تأهيل وتدريب المعلمين إلكترونيّا وتنميتهم مهنيّا بطريقة تمكنهم من اكتساب المهارات الصفية وللاصفيه التي تعينهم على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية المرتبطة بمهنة التعليم , واصبح التطوير المهني خيارا لا بديل عنه أمامنا كمعلمين وطلاب وماكنا نجده شاقاّ بالأمس أصبح سهلّا ويسيرا، فأصبح المعلمون أنفسهم يسعون لورش العمل، والندوات، والمحاضرات، وكافة الوسائل الإلكترونية المتاحة للدخول في مجتمعات النمو المهني لمواكبة التعليم عن بعد.
معوقات التدريب التعليم والتدريب الالكتروني
– ضعف القدرات والمهارات الحاسوبية لدى الطلبة والمعلمين .
– ضعف شبكة الإنترنت أو غياب وسائل التكنولوجية الحديثة .
– الإقامة في مناطق ضعيفة التغطية
– عدم كفاية مستلزمات التصميم والتنفيذ والتدريب .
– عدم كفاية المواد اللازمة للتدريب،
– ضعف بنية الاتصالات اللازمة، وعدم توفير الصيانة الدائمة بالإنترنت (عبد المعطي، وزارع ، 2012(.
بعض التوصيات التي يمكن أن تساهم في تحسين التأهيل الإلكتروني:
• إنشاء قسم خاص للتأهيل الإلكتروني للمعلمين يكون مسؤولاً عن التخطيط لبرامج التأهيل الإلكتروني للمعلمين في وزارة التربية والتعليم الأردنية .
• تحديث وتقوية الشبكة الالكترونية التي تربط بين المدارس والوزارة، والتنوع والتوسع في برامج التأهيل الإلكتروني للمعلمين.
• تزويد المعلمين والطلاب بأجهزة تاب محمول مع خط انترنت في المدارس التي لا تحتوي على اجهزة حواسيب
• توفير الحوافز والمنح للمعلمين لرفع حماستهم على المشاركة في برامج التأهيل الإلكتروني.
• توفير كفاءات من المدربين المتخصصين للتدريب الإلكتروني.
• عقد لقاءات بين المتخصصين من أعضاء هيئة التدريس الجامعي ومجموعة من المعلمين لمناقشة كافة المشكلات الهامة، ومحاولة إيجاد الحلول لها، تزويد المدرسة بكافة تقنيات التعليم عن بعد.
• إبراز دور التعليم الإلكتروني والتعليم الهجين المتمازج بين التكنولوجيا والطريقة التقليدية في رؤية وزراه التربية والتعليم الأردنية .
• بعض الدول والحكومات وضعت تصور أخر كحل لمواجهة هذه المعضلة وهي تقديم الدروس والمحاضرات عبر القنوات الفضائية والتلفزيونية عبر حصص يتم تسجيلها وبثها وفق مستويات تعليمية تشرف عليها وزارة التربية في الغالب، لكن هذا النوع يفتقر إلى عنصر التفاعل الذي توفر التطبيقات الحديثة والمنصات التعليمية مما يجعل الأمر يتوقف على كفاءة الأستاذ في الشرح وتقديم المعلومة وعلى نوع التعليم المعتمد في كل دولة هل يعتمد على التلقين أم الاستنتاج والاستنباط

وختاماَ :
نتفق سوياَ أن مسألة التأهيل والتعليم الإلكتروني للمعلم والطالب والاستثمار فيه لم تعد ظاهرة محلية أو إقليميـة فقط، بل غدت ظاهرة عالمية، ومدخل هام ومحوري في عملية التنمية المهنية للمعلمين، وبدأت الأمور تتطور بشكل كبير من خلال دمج التعليم الإلكتروني مع التقليدي واستحداث منصات تعليمية تقوم على توظيف هذه المنصات من خلال رصد المواد التعليمية وتحميل الكتب والمحاضرات والأهم التواصل بشكل مباشر من خلال استخدام بعض التطبيقات التي تتيح التواصل عبر الكاميرات بشكل أني ومتعدد أو ما يعرف أيضا بالاجتماعات عبر الحضور السمعي البصري وبالتالي تنتقل العملية التعليمية من القسم الى البيت ويصبح المعلم متاح والطلاب متاح والدروس متاحة وهذا ما تقوم به الدول الأن من خلال الاستثمار في هذا المجال.
من خلال المعطيات الحالية نجد أن التعليم عبر المنصات سيصبح له شأن كبير بل سيصبح أحد الركائز التي تقوم عليها العملية التعليمية لأنه يوفر مزايا كثيرة لأنه يوفر الوقت والجهد والمال ويسهل التعليم عبر التفاعل بين المتعلم والمعلم ويمكن من تجاوز عقبات عدم توفر المدارس والتكلفة لبناء مؤسسات تعليمية فالأمر يحتاج إلى كمبيوتر وإنترنت ولكن هذا لا يلغي التعليم الحضوري ولا غني عنه خاصة في العديد من التخصصات التقنية والطبية التي تحتاج إلى ممارسة التطبيق والتجريب من طرف المتعلم. ويبقى العلم والتعلم عملية إنسانية في المقام الأول تقوم على تبادل المعلومات والمعرفة وهذا بأي شكل من الأشكال سواء عبر الطريقة الكلاسيكية أو الإلكترونية المهم إبقاء العملية التعليمية مستمرة وكسب العلم مستمرا على الأرض.
المراجع
–الحر، عبد العزيز(2010.) .أدوات مدرسة المستقبل للتنمية المهنية، مكتب التربية العربية لدول الخليج- الرياض- المملكة العربية السعودية.
– الحلفاوي، وليد سالم محمد (2011. ) التعليم الالكتروني: تطبيقات مستحدثة، القاهرة: دار الفكر العربي.
– الحمادي ، حورية ، والشهري ، سمية ، والمزيني ، سارة ،والهليل، نورة ( 2017 ). التعلم الالكتروني. https://sites.google.com/site/nora2008433/group-work/mfrdte-altlm alalktrwny
-الحميداوي ، خضير (2017) . التدريب الإلكتروني لتنمية المعلمين المهنية . دار السحاب للنشر والتوزيع . مصر.
-حسين ، هشام بركات (2007. ) التنمية المهنية عبر الأنترنت أداة لتطوير الأداء التدريسي للمعلم . http://www.gulfkids.com/pdf/tanm-mh.pdf
– الكبير، عمر أحمد (2007 ). التدريب والتكوين عن بعد في سياق التقنيات المتطورة الندوة القومية حول التعليم والتدريب المهني الإلكتروني ، اللجنة الشعبية للتدريب للقوي العاملة والتدريب ، طرابلس.
-محمد، جهاد، عبد ربه (2007) التدريب الإلكتروني للمعلمين ومتطلبات تطبيقه بمصر في ضوء خبرات بعض الدول، مجلة كلية التربية جامعة الأزهر، ع133، ج2.

اعداد : د فخري الفلاح بني نصر

رئيس قسم الاشراف والتدريب الكورة

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة