الجماعات والفرق الإسلامية، النشأة وأسباب الجنوح / نايف المصاروه.

بداية لا بد من توضيح قاعدة مهمة، أن الإسلام دين رباني كامل غير منقوص، والأدلة على ذلك كثيرة، من القرآن الكريم، وما بينه النبي محمد عليه السلام، من قول او فعل او تقرير، منذ أن بعث وحتى حجة الوداع، وإلى أن توفاه الله.
وأن المسلم، هو كل من شهد بأن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله مخلصا بها قلبه ، وأقام اركان الإسلام، وآمن بأركان الإيمان، والمسلم أخو المسلم ،لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، والمسلم من سلم المسلمون  من  لسانه ويده.
والإسلام دين علم وعمل، علم شرعي تقام به الأوامر والنواهي، وحث على طلب العلم بكل أنواعه ومسمياته ودين العمل الصالح الذي يعود بالخير على الفرد والاسرة والمجتمع والامة والعالم بكل مخلوقاته.
والإسلام دين وسطي ، تتناسب احكامه لكل ضرف وزمان ، فأركان الإسلام والإيمان، هي ذاتها منذ زمن النبوة الأولى وحتى يومنا هذا، فلم تختلف مثلا شروط الوجوب والصحة وأركان وسنن الصلاة  أو الصوم والحج وغيرها ، وباب الإجتهاد والقياس مفتوح لكل مجتهد من أهل العلم والإجتهاد والقياس.
والإسلام دين يجمع  ولا يفرق ، فدعى وأمر بالوحدة والتعاضد،كقوله عليه السلام، مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد…، وقوله أيضا ” المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا” وغيرها،
ونهى عن التفرق والتحزب، وحذر من أسبابه، كقوله عليه السلام” ولا ترجعوا بعدي كفارا بعضكم يضرب رقاب بعض”، وبين ان التفرق والهوى من أسباب الضعف والتشتت، فقال عليه السلام” إن اول ما دخل النقص على بني إسرائيل، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم  الضعيف اقاموا عليه الحد ”.
ومن يتتبع نشأة أغلب الجماعات والفرق والطوائف وظهورها ، فيجد ان تأسيسها سابقا ولاحقا، إما ببصمة يهودية خبيثة، او صهيوأوروبية حاقدة ، أو أن من أسس بعضها إما جاهل بأحكام الشريعة ، أو صاحب هوى .
وأول جماعة أو طائفة ظهرت في التاريخ الإسلامي، هي طائفة الشيعة وفتنتها ، وهي من نسج عبدالله بن سبأ اليهودي اليمني، والذي كان يحظى  بالدعم والتأييد  بكل مسمياته وانواعه، من قبل يهود المدينة وما حولها .
وإن ما ظهر وإبتدع بعدها  من فرق أو جماعات، وإنتهاء بجماعة داعش الإرهابية، وكل الجماعات التي على نهجها، كالقاعدة  أو بوكو حرام وغيرها ،وما سيأتي من بعدها،والتي قد تختلف في المسميات، ولكنها قطعا  تلتقي على الغايات ، فهي أيضاً  وبكل تأكيد من نسج وصناعة اليهود والذين اشركوا.
الأثر السلبي لكثرة الجماعات والفرق، على الإسلام وأهله في ديار الإسلام،  أو على محبيه  وأنصاره، والراغبين بالدخول فيه ، في كل الأرجاء المعمورة، هو إظهار فتنة التنازع والخلاف والإختلاف فيما بينها،  في بعض المسائل  والقضايا، إبتداءا  من العقيدة كتحريم او جواز التبرك بقبور الانبياء والصالحين والتوسل بهم.
وإثارة بعض الشكوك والشبهات حول  بعض العبادات، كترك الصلاة مع الجماعة بحجة انتظار خروج الإمام، عند بعض الفرق، وبحجة أنها فرض كفاية عند فرق أخرى!
وكتعطيل الجمعة بحجة أكل الثوم والبصل!
وفتنة الطعن في بعض الصحابة وأمهات المؤمنين، رضي الله عنهم أجمعين، وإبتداع قرآن غير الذي تعرفه الامة كلها واجمعت عليه، بالتواتر من السلف الى الخلف والى قيام الساعة، والطعن في صحة بعض السنن النبوية وتعطيلها ،والاكتفاء بما ورد في القرآن من أحكام، وإستحداث بعض انواع العبادات، وعمل أوراد وأذكار لم يرد نصها في السنة النبوية، وإثارة الشبهات حول حجاب المرأة، والإنتقاص من شعيرة ذبح الهدي او  الأضحية في يوم النحر .
وما أثير ويثار حول الجهاد من الشبهات، من قبل بعض
الجماعات، وسلوكها الإجرامي وأفعالها الإرهابية
،كتشويهه  بما يسمى بجهاد النكاح، وارتكاب جرائم وفضائع القتل، والتعدي على حقوق وملك الغير وخطف النساء تحت مسمى السبي واستحلال المال والملك ، ومنازعة الحكم، والخروج على أهل الحكم والسلطان.
وإثارة الشبهات حول بعض الأحكام والحدود، كحد القتل للقاتل، والرجم من الزنى او القطع من السرقة وغيرها.
وكل ذلك  واضح جلي في كثير من السلوكيات المعمول بها لبعض الجماعات والفرق ، أو من خلال المؤلفات والمصنفات.
والغاية من ذلك وغيره، هو تشويه صورة الإسلام، وإثارة الكثير من الشكوك والشبهات فيه، وأنه دين دين قتل وإرهاب، واسع الخلاف والإختلاف،فالقاتل يكبر الله، والمقتول ينطق بالشهادتين!
مع انه في أصله دين احكام محددة وواضحة النصوص ، فلا حكم ولا عبادة أو  تكليف إلا بنص شرعي.
وهو دين الرحمة على كل المخلوقات، ودين عدل بين الناس جميعا، ودين يسر في التكاليف والواجبات، ونهى عن التشدد  بغير مكانه وضرفه وأسبابه .

وسؤال الذي طرحته وكررته كثيرا، هل كثرة الجماعات والفرق والطوائف التي تدعي الإسلام ، أدوات وحدة وقوة للامة، ام أدوات تفرق وضعف؟
من يتتبع  تاريخ الفرق والجماعات والطوائف والأحزاب، في كل مراحل  التاريخ الإسلامي، يجد أنها ومنذ ولادة  فتنة التشيع، وما أحدثته من فتن وفرقة واقتتال، في زمن خلافة عثمان وعلى رضي الله عنهما، وما كان بعدها ومرورا بكل الفتن والملاحم، التي حدثت في تاريخ الخلافة الإسلامية، في زمن كل من الدولة  الأموية والعباسية والعثمانية، والى يومنا هذا، يجد بكل التأكيد ان أغلب تلك  الفرق والجماعات أدوات هدم وفرقة وضعف.
وحتى لا أطيل وأخرج بالمقالة عن سياقها، أذكر انه وبعد إنطلاقة ثورة الياسمين في تونس عام 2011، حرسها الله من شر كل ذي شر، وما لحق بها بعد ذلك من ثورات ” الربيع العربي ”، في كثير من البلاد العربية، كمصر والاردن وسوريا والمغرب،ظهرت جماعة الإخوان المسلمين بقوة، في قيادة الثورات الشعبية في كل هذه الدول.
والسبب الأول لذلك أن هذه الجماعة، تتخذ من الدين شعارا لها ، كقولهم الإسلام هو الحل، وأن غايتهم ترسيخ منهج الحكم والشورى ، لإقامة حكم الله في الإرض.
كل ذلك مطالب حق ولا ننكرها، وكل مسلم غيور ومحب لدينه، يريدها ويتطلع إليها  ، لأن فيها كل أسباب العزة في الدنيا والآخرة، وفيها السلامة من كل الفتن والمحن والبلايا.
والسؤال ، هل مفهوم الإخوة في الإسلام ،  لا يتحقق إلا بشرط أن يكون المسلم عضوا في حزب او فرقة، ام أنها تتحقق بشرط الإسلام الخالص اولا والدم والقربى؟
وما هو الدليل الشرعي على جواز التحزب والتفرق؟
وكيف يقام حكم الله في الارض، بمساعدة من بعض الاعداء أو جلهم ؟
هل هذا يعقل أو من الممكن أن يتحقق أو يكون؟
الجواب بكل اسف، نعم كان وظهر للعيان، في جملة من الوقائع والأحداث والتي بدأت عام  ‬2005 ‬تحديداً، عندما أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس أن الولايات المتحدة ليست ضد وصول الإسلاميين للسلطة فى مصر‮، وبدأت الإتصالات بعد ذلك.
والمتابع والمتبصر يعرف  ما كان ومقاصده ، وحتى لا يقول قائل أنني أتجنى، ففي 1-7-2011 نشر موقع bbc خبرا تحت عنوان ” الإخوان المسلمون في مصر يرحبون بالحوار مع أمريكا.
ثم ما كان بعد ذلك من لقاءات في السفارة الأمريكية في القاهرة، وما تبعها من تصريحات، وما ورد في الوثائق والإحاطات الاستخباراتية الواردة في رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون ، والتي بلغ عدد المتعلق منها بمصر قرابة 1600 رسالة، ورُفِعت السرية عنها مؤخرا بقرار من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
الذي اود أن اشير اليه، أن ما جرى من تقارب، بين إدارة الرئيس الأمريكي السابق أوباما، من خلال وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وجماعة الإخوان في مصر بالذات وفي غيرها من الدول بشكل عام، كان الغاية منه إحداث الفتن والفوضى، والتنازع والشقاق بين الأشقاء في الدولة الواحدة.
وأن ما كان يخطط لمصر بشكل خاص ،هو الكارثة والفتنة الكبرى، لولا لطف الله وفضله، يؤكد ذلك ما أوردته  صحيفة «نيويورك تايمز‮»، بعد الإنتخابات وإعلان النتيجة بفوز الرئيس محمد مرسي رحمه الله، والتي راحت تحرض على طريقتها وبشكل خبيث، حيث  جاء فيها: «إن المشكلات حول السلطة ستبدأ‬ بعد أداء محمد مرسى -المنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين- اليمين الدستورية بوصفه أول رئيس مصرى منتخب انتخاباً ديمقراطياً، وإن هذا ربما سيكون إيذاناً بمرحلة جديدة من الصراع لتحديد مستقبل الدولة بعد عقود من الاستبداد المدعوم عسكرياً».
وقالت‮: «إن أول ما يتوجب على‬ مرسى أن يفعله الآن هو انتزاع السلطة من العسكر الذين حكموا مصر منذ خلع حسنى مبارك».
وفي ذلك إشارات وتحريض واضح، للتنازع بين الجيش والإخوان المسلمين.
وعلى الرغم من إشادة “باراك أوباما” ،بالعملية الديمقراطية في مصر، عبر مكالمة هاتفية مع الرئيس محمد مرسي قُبيل الانقلاب بيومين.
إلا أن إدارة أوباما خذلت  الديمقراطية الوليدة في مصر بعد ثورة يناير 2011م، إذ بدا موقفها مضطربا في البداية من انقلاب 2013م على أول رئيس مدني منتخب، ثم سرعان ما تعاملت مع الانقلاب على أنه أمر واقع،  بل وصل الأمر حد “التواطؤ.
بل إن الموقف الرسمي الأمريكي، إزاء الانقلاب العسكري في مصر، يوم الثالث من يوليو 2013، يدل على “انتقائية” واشنطن للتجارب الديمقراطية؛ فقد عدت الولايات المتحدة، أن أحداث 30 يونيو” انتفاضة شعبية ضد الرئيس محمد مرسي” ، إذ جاء على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض، غاي كارني: “إن الرئيس مرسي لم يكن يحكم بطريقة ديمقراطية وإن ملايين المصريين خرجوا للشوارع والميادين مطالبين بعزله وهم يرون أن مساندة الجيش لهم لا تشكل انقلاباً”.

وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية “جين باكي” عن الموقف الرسمي الأمريكي، بكل وضوح عندما قالت “لم تكن حكومة مرسي تشكل حكماً ديمقراطياً، وخروج حوالي 22 مليون مصري للتعبير عن آرائهم وإظهار أن الديمقراطية ليست مجرد الفوز في صناديق الاقتراع”!
وللتوضيح أكثر سأذكر ما كتبه، محمود بسيوني في “أخبار اليوم” المصرية: “فضح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تفاصيل التحالف المشين بين إدارة الرئيس السابق باراك أوباما وجماعة الإخوان المسلمين ودعمها للوصول إلى الحكم وشراكتها مع بعض الدول العربية  وتدخلاتهما المدمرة فى دول الشرق الأوسط”.

وأضاف أيضا  “ما ورد فى الإيميلات من أحاديث بين هيلارى ومساعديها من ناحية وبين قادة الجماعة فى أكثر من دولة عربية يؤكد أن ما مرت به الدول العربية لم يكن ربيعاً ولا عربياً ولا ديمقراطياً كما يروج الإعلام له… ، وأن تلك التداخلات كانت مجموعة من الخطايا الكبرى فى حق الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان فقد أضاعت الدول وقتلت الإنسان”.

ولمن أراد أن يطلع أكثر، فقد أوردت هيلاري كلينتون، في مذكراتها ، كل ما يخص مصر  والتي وردت  في الجزء الخامس المعنون بـ”الاضطرابات” (الصفحات من 297- 457 في الطبعة العربية)، ومنه بالأخص الفصل الرابع عشر بعنوان “الشرق الأوسط: مسار السلام المتقلقل”، والخامس عشر بعنوان “الربيع العربي: الثورة” ، أما الفصول الباقية من السادس عشر حتى التاسع عشر، فتتناول الأوضاع في ليبيا وسوريا وإيران.
وما وقع بعد ذلك من جملة الأحداث في مصر والاردن وسوريا والمغرب وليبيا  وغيرها.
وحتى اكون منصفا، فإني أرفض كل انقلاب او منازعة الحكم لأي حاكم مسلم، استقر راي الناس او أغلبهم عليه.
والسؤال .. هل من الإسلام الخروج على الحاكم؟
وهل من الاسلام ان يقتل المسلم اخاه المسلم؟
ترى هل يعلم أي مسلم، أن حرمة الدم المسلم ومكانته عند الله تعالى، وان الكعبة بقدسيتها ومكانتها، لو تنقض حجرا حجرا، أهون على الله من إراقة قطرة من دم مسلم!
وان الذي يعين على قتل مسلم، ولو بشطر كلمة، جيئ به يوم القيامة، مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله؟
اذا فيما يقتل بعضنا بعضا ولأجل ماذا!
الشيء المؤلم انه وإبان ثورات الربيع العربي، ظهر للعيان استقواء بعض قيادات جماعة الإخوان  بالدول الغربية، وكثرة ترددهم على سفاراتها، مع ان هذا الفعل، في قواعدهم، يعتبر من المحرمات الشرعية، استنادا الى قوله تعالى ” ۞يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴿٥١﴾ المائدة.
اذا لماذا استحل هذا الفعل، وما هي مسوغاته الشرعية؟
في الأردن مثلا، رايت بأم عيني، تمرد على الدولة وتجييش للشارع، وتحشيد واستعراض شبه عسكري، وسمعت بأذني تكرار لفظ ” اسقاط النظام”٠
فكان ردي عليهم وعلى غيرهم، في ذلك الوقت وفي كل حين وآن ، ”ما هكذا تورد الإبل يا دعاة الإصلاح ”،وما هكذا يكون السبيل إلى الإصلاح ”.
بعد نحو أكثر من عشرة سنوات، على إنطلاقة الثورة التونسية ، وزوال حكم ابن علي عليه رحمة الله، وبعد أن تعاقب على الحكم وعبر الإنتخاب عدة قيادات.
ولكن بعد جملة التطبيع العربي مع الصهاينة، ونتيجة للموقف الشعبي والرسمي التونسي ، الرافض لمبدأ التطبيع ، ظهرت في تونس جملة من الأحداث، والتي كانت بداية شرارتها، من داخل البرلمان من قبل بعض النواب، وموقفهم من رئيس المجلس راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة، ومحاولة الإطاحة به من خلال بعض الشبهات،
وانا هنا لا أدافع عن الغنوشي أو غيره، ولكني أذكر بالديموقراطية التي نريدها ونطالب بها، ثم  نقبل بنتائجها.
وهل من العقل والديموقراطية، ان تكون  تونس في مرمى التحشيد الذي تقوده بعض الدول، ومنها بكل اسف دولة أو دول عربية وغيرها.
وهل من الديموقراطية إتساع الخلاف، ليصل الى حد الإعتداء بالضرب، من بعض الأحزاب وقياداتها، داخل قبة البرلمان وفي الأماكن العامة؟
وهل من الإسلام او الديموقراطية، أن يستقوي كل فريق او طرف بمن هو تبع له ؟
جملة الأحداث التي وقعت في تونس مؤخرا ، أوجبت على الرئيس التونسي  قيس بن سعيد، إنفاذ الدستور والقانون، لحماية البلاد من الانزلاق الى الفوضى، وبرأيي هي إجراءات  في مكانها وزمانها لحفظ أمن البلاد واستقلالها وسيادتها .
الملفت للنظر انه وبعد تجميد البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، طلب رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي، من أنصاره النزول الى الشارع، في قوله لحماية الديموقراطية.
والأخطر من ذلك، هو ما صرح به الغنوشي لصحيفة  «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية،ودعوته للأمم المتحدة والاتحاد البرلماني الدولي، والبرلمان العربي والبرلمان الأفريقي، وجميع الهيئات الإقليمية والدولية البرلمانية، إلى الوقوف بوضوح مع أول برلمان تونسي منتخب بصفة حرة وديمقراطية ونزيهة ورفض كل دعوة لتعطيل أعماله.
ودعوته للجيش التونسي والقوات الأمنية إلى الانحياز لصفوف الشعب التونسي!
وتكرار دعوته للشعب التونسي في الداخل والخارج، إلى الاستعداد للدفاع عن استقلال تونس وحرية شعبها وتجربتها الديموقراطية ومؤسساتها الدستورية المنتخبة!
وقوله  «لا يمكننا ضمان ما سيحدث في تونس»، وتهديده لإيطاليا وأوروبا من تداعيات ما سيحدث في تونس، إذا لم يتراجع الرئيس عن قراراته، قائلا: 500 ألف تونسي سيتدفقون نحوكم بوقت قصير!

وحتى أكون منصفا ايضا، اشير الى ان  الغنوشي، إعترف بارتكاب أخطاء خلال الأعوام الماضية، في المجالين  الاقتصادي والاجتماعي، مؤكّداً أنّ حزبه يتحمّل جزءاً من المسؤولية.
وعن استعداده لتقديم أي تنازلات، إذا كانت هناك عودة للديمقراطية، داعياً إلى «إجراء حوار وطني في البلاد».
وعن أسفه لعدم وجود حوار مع رئيس الجمهورية ومساعديه بعد القرارات الأخيرة.
لكن الغنوشي كرر قوله بأنّه في حال عدم عودة البرلمان، وتكوين حكومة يتمّ التوافق عليها، فإنّه سيدعو الشارع للدفاع عن ديمقراطيته!
جملة من الأخطاء تتكرر، وحدود وحقوق  يتكرر تجاوزها.
وانا استعرض تصريحات الغنوشي وحزبه ومن يناصره، وجدتها تتقارب وتتوافق، مع ما فعله الإخوان المسلمين في مصر وغيرها، في أيام الثورة عام 2011.
والسؤال ،هل تحمى وتحفظ الديموقراطية بالفوضى والتحشيد وتجييش الشارع ؟
وكمسلم، أسال قيادات جماعة الإخوان المسلمين، مع كل الإحترام لهم ، هل يجوز للمسلم وباسم الديموقراطية ان ينازع  الحكم أهله وأن يخرج على الحاكم؟
ختاما.. بعد نداء الغنوشي ومناشدته، استجابت له أمريكا، وقال وزير خارجيتها سنحافظ على امن تونس وديموقراطيتها!
إذا… فانتظروا الديموقراطية على أصولها في قادم الأيام، وأرجو الله بأن لا تكون، كتلك التي كانت في العراق او افغانستان او غيرها!
من المعلوم ان تونس، عضو في الجامعة العربية، وفي منظمة التعاون الإسلامي، والإتحاد الإفريقي،فالماذا لا يتم دعوتها أو الطلب منها التدخل وحل الخلاف؟
والماذا نطلب تدخل أوروبا بالذات، ومن لا يؤتمن لهم جانب،ونستقوي بهم  على أوطاننا؟

همسه.. ورجاء.. أعلم يقينا أن الشقيقة تونس، كانت ولا تزال وستبقى بإذن الله واحة للاستقرار السياسي والأمني والإقتصادي، وأعلم كذلك  أن في تونس من القيادات وعامة الناس بل جلهم،من  يدركون تمام الإدراك، أن الوطن أبقى، وأن الفتن هي محطات لإعادة الحسابات.
وقد يخطئ المرء او يزل، ولكن ليس من الكياسة والفطنة، او حتى أصول السياسة تكرار الخطأ وتعمده،
والاخطر من ذلك أن يكون ذلك  الخطأ، سبب لحدوث أو وقوع بعض الأخطار التي نتجنبها ونحذرها!
أعود وأكرر دعوتي للشعب التونسي الشقيق، التعقل والنظر بعين القلب والعقل، الى المصلحة العليا لتونس وكل أهلها ، والحفاظ على الإستقلال والسيادة، ووحدة الشعب خلف من ارتضى من القيادة.
كما ادعو الأحزاب جميعها، الى التعقل الفكري وضرورة التدبر والتفكر، في مآل أي قرار أو إجراء للتصعيد، فالحياة السياسية او الديموقراطية، وإن توقف العمل بجزئيتها وللضرورة الوطنية، لمدة شهر أو شهرين، فإن ذلك يقويها ولا يقتلها ويجعلها أكثر قبولا ومرونة، ولنا في رسول الله عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة، عندما رجع عن الحج حرصا على الوحده وحقنا للدماء.
كما أن من قواعد الديموقراطية ومنهج الشورى، هو قبول الرأي الآخر، وعدم الإستئثار بالرأي الواحد، ولا يعقل ولا يصح ان تضع طائفة أو فريق أو حزب سياسي، مصلحته فوق مصلحة الوطن كله.
اللهم احفظ تونس وكل أهلها، من شر كل ذي شر، وسلمهم يا ربنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنك يا مولانا خير حافظ وأنت ارحم الراحمين.

 

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة