الجمعيات الخيرية في الغور الشمالي تقفز من دوامة توزيع المساعدات إلى أدوار تنموية

الغور الشمالي- بات لافتا في لواء الغور الشمالي، أن عمل الجمعيات الخيرية لم يعد يقتصر على توزيع المساعدات العينية والنقدية، إذ دأبت تلك الجمعيات على تغيير مسار وطبيعة عملها الخيري والتطوعي، وذلك من خلال التركيز على المشاريع المنتجة والتدريب والتأهيل على الإنتاج، لتمكينهم من مواجهة معضلتي الفقر والبطالة، لا سيما بعد ارتفاعها حتى بين صفوف الشباب والشابات في اللواء.
ووفق رئيسة جمعية “تلال المنشية”، تهاني الشحيمات، فإن “أغلب الجمعيات في اللواء، والبالغ عددها 50 جمعية، بدأت ضمن عملها الجديد بإقامة مشاريع تنموية لتشغيل الفقراء، خصوصا السيدات منهم، بدلا من توزيع المساعدات عليهن، في نهج وتحول جديد لأسلوب عمل الجمعيات الخيرية، ما يساهم في المحافظة على كرامة الفقراء وإغنائهم عن مد أيديهم لسد العوز الذي تعاني منه أسرهم”.
وأكدت “أن عشرات السيدات في لواء الغور الشمالي استفدن من برامج التدريب المتنوعة والمتعددة كإنتاج الطعام، والزراعة المائية، وإنتاج المعجنات والمخللات والحلويات، التي عقدتها جمعية تلال المنشية بهدف تدريب سيدات المجتمع المحلي، ضمن الإمكانيات المتاحة، لتوفير دخل لأسرهن من خلال مشاريع منزلية مدرة للدخل”.
وأشارت الشحيمات إلى “أن اللواء من المناطق المصنفة ضمن جيوب الفقر، وهذا يستدعي المزيد من اهتمام الجمعيات الخيرية بالمنطقة وخدمة سكانها”، لافتة إلى “أن جمعية تلال المنشية التي كانت تختص في تقديم المساعدات، أصبحت تدرب السيدات على إقامة المشاريع المنتجة ضمن الظروف والمعطيات والإمكانيات المتاحة في المنطقة، لمواجهة تحديات أسرهن الاقتصادية والاعتماد على الذات”.
وأضافت، أنه بالتنسيق مع مجلس الخدمات المشتركة لمحافظة إربد والمنظمة الألمانية للتعاون الدولي، أطلق في جمعية سيدات تلال المنشية حملة توعوية، تقوم من خلالها مدربات بالتدريب على تأسيس مشاريع عمل مقابل الأجر للمجتمع المحلي، مطالبة الشبان والشابات بضرورة الانخراط في الدورات التي تعقد في هذه الجمعيات، لمواجهة تحديات أسرهم الاقتصادية.
محاضرات وتدريب عملي
كما تطرقت الشحيمات إلى “أن الجمعية عملت بالتنسيق والتعاون مع لجنتي مجتمع صحي المنشية والشونة، ومركز الأغوار الشمالية للتايكوندو، على تقديم بعض المحاضرات والتدريب العملي بعنوان: (التغذية، الصحة، واللياقة البدنية: تداخلها وأهميتها في حياة ذوي الإعاقات)، وتم تسليط الضوء على عناصر أساسية في الحياة الصحية، من خلال عدسة التربية الخاصة واحتياجات الفئات الأضعف في المجتمع”.
وقالت “إن محور هذا اللقاء كان عن الدور المحوري للتغذية السليمة، وأهمية اللياقة البدنية، وتأثير كل منهما في تعزيز جودة حياة ذوي الإعاقات، من خلال منظومة متكاملة تبدأ من الوعي وتنتهي بالتمكين، ليس فقط من باب الوقاية والعلاج، بل من باب التمكين والدمج وتعزيز الاستقلالية”.
وشددت الشحيمات على “أن أهمية التربية الخاصة تكمن في بناء قدرات هذه الفئة، وكيف يمكن للجهات الصحية، الرياضية، والمجتمعية أن تتعاون في تقديم خدمات متكاملة تسهم في دمجهم وإبراز قدراتهم”.
وأشارت إلى “أن العديد من المختصين والمدربين ساهموا في إنجاح هذا التغيير من متحدثين، منظمين، ومؤسسات، في حين نأمل أن يكون هذا اللقاء خطوة إضافية نحو مجتمع أكثر وعيا وصحة”.
وفي السياق ذاته، أكدت رئيسة جمعية “الشيخ حسين للتنمية المستدامة” نسرين بني دومي، “أن الجمعيات أصبحت رافدا أساسيا في عملية التنمية الاقتصادية من خلال إنشاء المشاريع المشغلة والمؤهلة، ذلك أنه يتم تدريب شبان وفتيات بهذا الاتجاه”.
وأوضحت “أن الجمعية لم يقتصر دورها على توزيع المساعدات والمواد العينية، إذ تعمل الجمعية على إدخال برامج ذات فائدة مرجوة، وعملت على تدريب العديد من الفتيات والسيدات على برامج ومهارات الحاسوب، وعلى الزراعات المائية، والعديد من البرامج”.
النهوض بالمجتمع المحلي
وأشارت بني دومي إلى أنه “يتم تدريب الشبان على العمل الزراعي كون المنطقة زراعية، فيما يتم تدريب الفتيات على صناعة المأكولات والمطرزات، وكيفية العمل على تسويقها”.
وأضافت أن “ذلك سيعمل على النهوض بالمجتمع المحلي بدلا من انتظار المساعدة أمام أبواب الجمعيات، في حين ستعمل الجمعية على تحقيق مزيد من الأهداف في المستقبل القريب، كما عملت الجمعية على استقطاب برامج تمكن الطلبة الذين تسربوا من المدارس من العودة لها، من خلال توفير بيئة مناسبة في المدرسة، والعمل على دعم أولياء أمورهم ماديا لكي يتساعدوا في عودة الطلبة إلى مقاعدهم الدراسية”.
وبحسب المواطنة نعمة علي،” فإن دور الجمعيات يجب أن يتغير من جمعيات تقوم على توزيع المساعدات، إلى جمعيات تدمج الشابات والشباب بالعمل من خلال تلقي دورات عملية وعلمية”.
أما المواطنة غنى علي المستفيد من أحد برامج التدريب، فتقول إن “الجمعيات التي عملت على تغيير آلية عملها، تمكنت من انتشال العديد من العائلات الفقيرة”، مشيرة إلى أنها تعلمت عملية تصنيع المخللات، وكيفية تسويقها، والعمل على بيعها في الأسواق المحلية والمولات.
وقالت “إن المبالغ المالية التي تمكنت من الحصول عليها من بيع منتجاتها، مكنتها من توفير متطلبات الحياة لأسرتها، لا سيما في هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها أهالي اللواء الذي يعاني من انتشار الفقر والبطالة بسبب غياب المشاريع الاقتصادية والاستثمارية المشغلة للسكان”.