الحرب تنعش تجارة السلاح في السودان

في ظل القتال الجاري بالسودان تم تسجيل مزيد من الطلب على السلاح، وارتفاع هائل في الأسعار، وتشهد البلاد المشتعلة حركة نشطة في الاتجار بالسلاح، خصوصا في المنطقة الحدودية مع إريتريا وإثيوبيا في ظل حرب متواصلة في البلاد منذ 4 أشهر، إلى حد لم يعد في إمكان التجار تلبية الطلب.

وفي هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو 48 مليون نسمة وعانى لعقود من نزاعات مسلحة وحروب أهلية، كان السلاح منتشرا أصلا، وتؤكد السلطات الموالية للجيش باستمرار ضبط شحنات من الأسلحة تصفها بـ”المتطورة”.

وفي العاشر من آب (أغسطس)، تبادلت قوة من الجيش في ولاية كسلا في شرق البلاد إطلاق النار مع مهربين كانوا يستقلون شاحنتين محملتين بالأسلحة، وفق ما نقلت وكالة أنباء السودان الرسمية التي أضافت أن الشحنتين كانتا في طريقهما إلى الخرطوم لصالح قوات الدعم السريع.
وكشف مسؤول أمني طلب عدم ذكر اسمه أن السلطات صادرت أيضا خلال أشهر الحرب الماضية شحنتين من السلاح، “واحدة جنوب ميناء سواكن على البحر الأحمر، وأخرى قرب كسلا”، لافتا إلى عدد من “عمليات (المصادرة) الصغيرة” الأخرى.
وحتى قبل اندلاع الحرب، كانت كمية الأسلحة الموجودة في البلاد تثير قلق الحكومة.
وفي نهاية العام الماضي، أعدت لجنة جمع السلاح، وهي جهة حكومية تشكلت العام 2017، تقريرا أفاد بأن هناك “5 ملايين قطعة سلاح في أيدي السودانيين، غير الأسلحة لدى الحركات المتمردة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق”.
وعن أسعار الأسلحة، يقول أحد المهربين إن الرشاش الآلي الروسي “الكلاشنكوف” بلغ سعره ما يعادل ألفي دولار تقريبا، مقارنة بحوالي ألف دولار قبل الحرب، كما بلغ سعر بندقية القنص الأميركية ما يعادل 8300 دولار.
ويقول المسؤول الأمني “يستخدم مهربو السلاح والمخدرات مرافئ في مناطق نائية من جنوب البحر الأحمر، جغرافيتها وعرة”، مضيفا أن من أشهر المناطق، منطقة خليج سالم جنوب مدينة طوكر وقرب حدود السودان مع إريتريا.
ويتابع أن حركة تجارة الأسلحة في هذه المنطقة لا تقتصر على السودان فقط بل “ينشط فيها مهربون من اليمن، وبعض المهربين من الصومال.. وهم جزء من مجموعات مرتبطة بشبكات عالمية لتهريب الأسلحة”.
ويوضح المسؤول الأمني أن “مثلث الحدود بين الدول الثلاثة (السودان، إرتيريا وإثيوبيا) يعد تاريخيا مركزا لتجارة السلاح غير الشرعية بسبب نشاط المجموعات المسلحة الإثيوبية الإرتيرية ضد حكوماتها”.
ويشير بالتحديد إلى منطقة “البطانة”، وهي منطقة سهلية منبسطة تمتد من شرق السودان وحتى العاصمة وتمر بها ولايات كسلا والقضارف والجزيرة ونهر النيل، و”تمثل ممرا لتهريب السلاح”.
وفي حين يتهم الجيش قوات الدعم السريع بأنه المشتري الأول لشحنات الأسلحة المضبوطة، نفت القوات ذلك.
ميدانيا بعدما دخلت “الأبيض” الواقعة بولاية كردفان، غرب وسط السودان دائرة العنف والحرب، ساد الهدوء الحذر المدينة.
وذكرت أنباء أمس بأن حالة من الهدوء تهيمن على “الأبيض” بعد اشتباكات عنيفة صد خلالها الجيش محاولات قوات الدعم السريع الدخول إلى المدينة.
كما لفت إلى أن الجيش أكد سيطرته على المدينة بعد اشتباكات عنيفة ضد قوات الدعم السريع التي يرأسها محمد حمدان دقلو.
وكانت أسواق المدينة، ومراكز الخدمات فيها، أغلقت بالكامل خلال الساعات الماضية، وسط دوي الرصاص والقذائف. وشهدت تلك المدينة التي تعد حاضرة ولاية شمال كردفان اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.
يشار إلى أنه منذ اندلاع شرارة القتال في السودان بين القوتين العسكريتين، سارع كل منهما إلى محاول قطع طرق الإمدادات عن الآخر، كما حاول السيطرة على مناطق إستراتيجية ومواقع عسكرية مهمة، سواء في الخرطوم أو خارجها.
ومن ضمن تلك المناطق مدينة الأبيض التي تعد إستراتيجية وذات أهمية قصوى، كونها تشكل ملتقى طرق تربط بينها وشمال وجنوب دارفور إلى جانب طريق بارا أم درمان.
كما أنها تحوي مطارا ما يزيد قيمتها الإستراتيجية للمنطقة، بحسب ما أوضح بعض المراقبين لصحيفة الشرق الأوسط.
تأتي تلك التطورات الميدانية، في وقت ينفذ فيها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان جولة على بعض الدول العربية، في إشارة على ما يبدو لدفع سبل التوصل إلى حل للأزمة التي أنهكت البلاد منذ نحو 5 أشهر، حاصدة مئات القتلى، ودفعت نحو 5 ملايين إنسان إلى النزوح.-(وكالات)

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة