الحياة تعود لطبيعتها تدريجيا بقطاع غزة وسط خشية تجدد عدوان الاحتلال

بدأت الحياة تعود لطبيعتها تدريجياً في قطاع غزة بعد انقشاع غبار المعركة عن حجم الدمار الذي خلفه عدوان الاحتلال الإسرائيلي في عمليته العسكرية الأخيرة التي ألحقت به فشلاً ذريعاً عقب إخفاقه في فرض معادلة جديدة وتغيير قواعد الاشتباك مع الفصائل الفلسطينية، ولكنها تسببت في أزمة إنسانية حادة لن يشفى سكان غزة منها بسهولة نحو التعافي.
وعلى وقع استنفار الفصائل الفلسطينية خشية تجدد هجوم الاحتلال بعد تنصله من التزامه باتفاق وقف إطلاق النار؛ ووسط أجواء الحزن والقهر الشديدين؛ فقد بدأ أهالي غزة يتفقدون آثار الدمار التي طالت الممتلكات والبنية التحتية المتهالكة نتيجة الغارات والقذائف الإسرائيلية التي تواصلت لثلاثة أيام على التوالي، في وقت ينتظر فيه قرابة ألفي فلسطيني المأوى بعدما تسبب عدوان الاحتلال في تشريدهم من منازلهم.
في حين تلوح التحديات مع مرحلة التعافي؛ إذ خلف العدوان ألإسرائيلي أضراراً لحقت بنحو 1675 وحدة سكنية، “منها 18 وحدة دمرت كلياً، و71 وحدة باتت غير صالحة للسكن، و1400 وحدة تضررت جزئياً ما بين بليغ ومتوسط”، وفق وزارة الإسكان والأشغال العامة الفلسطينية في قطاع غزة.
وإثر هدنة هشة دشنت وقف إطلاق النار الذي شكل محور جلسة مجلس الأمن الدولي؛ فتحت سلطات الاحتلال، أمس، المعابر مع قطاع غزة؛ فتم إعادة فتح حاجز بيت حانون “إيرز” للمرضى والأجانب، كما فتحت معبر “كرم أبو سالم” التجاري، جنوب شرق القطاع، جزئياً لإدخال الوقود والمواد الغذائية والطبية، وفق منسق أعمال حكومة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، غسان عليان.
ودخلت في مرحلة مبكرة 30 شاحنة محملة بالوقود إلى المعبر في طريقها إلى محطة توليد الكهرباء الوحيدة بغزة والتي توقفت عن العمل قبل ثلاثة أيام نتيجة نفاد الوقود، في خطوة أعلنت حكومة الاحتلال أنها “لأسباب إنسانية وفقاً لتقديرات الأوضاع والهدوء الأمني”، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.
فيما دبت الحركة من جديد في شوارع غزة وبدأت المحال التجارية بفتح أبوابها أمام سكانها، كما عاد الدوام بشكل طبيعي إلى الوزارات والمؤسسات الحكومية في القطاع بعد شلل الحياة لثلاثة أيام نتيجة العدوان الإسرائيلي على القطاع والذي أدى لاستشهاد 46 فلسطينياً، بينهم 16 طفلاً و4 سيدات، وإصابة أكثر من 360 آخرين.
وقد ساد الهدوء الحذر مناطق قطاع غزة، وذلك بعد تنصل سلطات الاحتلال من التزامها في اتفاق وقف إطلاق النار مع الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية، والذي شمل أن تبذل مصر جهودها للإفراج عن الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال، خليل العواودة، ونقله للعلاج، وكذلك العمل على الإفراج عن الأسير الفلسطيني القيادي في حركة “الجهاد الإسلامي”، بسام السعدي، في أقرب وقت ممكن.
إذ سرعان ما تنصل المسؤولون الإسرائيليون، أمس، عن وجود أي التزام من قبل حكومة الاحتلال بمطالب حركة “الجهاد الإسلامي” والتي تتمثل بالإفراج عن السعدي والأسير عواودة المضرب عن الطعام.
وقال وزير “القضاء” الإسرائيلي، “جدعون ساعر”، بحسب ما نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية، إن “هناك التزاماً مصرياً بالعمل من أجل إطلاق سراح بسام السعدي، ولا يوجد أي التزام إسرائيلي بذلك”، فيما أعلن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، “عومر بارليف”، أن “السعدي ما زال رهن الاعتقال الإداري”.
فيما أعلنت قيادة الجبهة الداخلية في جيش الاحتلال، إبقاء القيود على الحركة في محيط المستوطنات المحاذية لغزة، تحسباً من إطلاق صواريخ أو تنفيذ عمليات جديدة، على الرغم من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وفي محاولة للخروج من تلك الأزمة؛ فقد تحرك وفد أمني مصري مع الجانب الإسرائيلي، لمتابعة تنفيذ شروط اتفاق وقف إطلاق النار، وخاصة قضية الأسير عواودة المضرب عن الطعام منذ 148 يومًا احتجاجًا على اعتقاله الإداري.
غير أن الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي”، زياد النخالة، هدد بعودة إطلاق النار حال أخل الاحتلال بأي من بنود الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بعدما أطلقت “سرايا القدس”، الجناح العسكري للحركة، والفصائل الفلسطينية مئات الصواريخ ضد المستوطنات المحاذية للقطاع ومختلف المدن والبلدات المحتلة في الكيان الإسرائيلي، والتي تعد خطوطاً حمراء بالنسبة للاحتلال.
وما تزال حسابات الربح والخسارة الإسرائيلية في موضع تقييم المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية، إذ ترى بعض الآراء أن لاحتلال حقق كافة الأهداف التي وضعها من العدوان، في كسر قوة “الجهاد الإسلامي” واستهداف 146 هدفاً من عناصر ومقار ومواقع تابعة للحركة في قطاع غزة.
في المقابل، ثمة أعضاء داخل الأجهزة ألأمنية الإسرائيلية يرون إن الاحتلال الإسرائيلي فشل في فرض معادلة جديدة على الشعب الفلسطيني جراء عدوانه ضد قطاع غزة، من خلال القبول بتنفيذ الجرائم، أي عمليات اغتيال قادة “سرايا القدس”، رغم محاولته الترويج لدى الجبهة الداخلية بتحقيقه الإنجاز الكبير، ولكنه لم يحقق نجاحاً استراتيجيا في التعامل مع الفصائل الفلسطينية بغزة.
بينما وصفت صحيفة هآرتس “الإسرائيلية” العملية العسكرية الأخيرة في غزة بأنها فشل ذريع للسياسة “الإسرائيلية” في القطاع، منددة بتكرار العمليات العسكرية، وما ينجم عنها من تعطيل لحياة “الإسرائيليين” اليومية وتحويل حياة الفلسطينيين في غزة إلى كابوس مستمر، وفق ما ورد عنها.
ولوقف “مسيرة الحماقة هذه” حثت الصحيفة الإسرائيلية، في افتتاحيتها أمس، سلطات الاحتلال على “تغيير كامل بوصلتها”، مؤكدة أن عليها، تعزيز إعادة إعمار غزة وإصدار المزيد من التصاريح لجلب مواد البناء وغيرها من البضائع إلى القطاع، لتحسين الوضع الاقتصادي والمدني في غزة، بوصفه “مصلحة إسرائيلية من الدرجة الأولى”.

وكالات

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة