الخميس بنكهة وطنية.. نهائي كأس العرب يجمع الأردنيين بسهرة عائلية استثنائية

عمان- اليوم الخميس سيكون مختلفا لدى الأردنيين، ضمن سهرات عائلية تخرج عن المألوف، لا يسودها الهدوء ولا الأحاديث الجانبية، بل سهرة عائلية وطنية بامتياز يعيشها الأردنيون بانتظار انطلاق صافرة البداية للمواجهة القوية ما بين المنتخب الوطني والمغرب في نهائي كأس العرب.
وعاش الأردنيون منذ بداية كانون الأول (ديسمبر) الحالي أجواء حماسية فرضها فوز المنتخب في جميع المواجهات الكروية مع الفرق العربية المشاركة، إلى أن تُوِج هذا المشوار بالوصول إلى النهائي، الذي يتزامن مع يوم الخميس، وهو اليوم الذي يعني للأردنيين بشكل عام يوم العائلة والتجمع والسهرات التي تمتد لساعات متأخرة، خاصة في بيوت العائلات الممتدة.
تحضيرات “احتفالية” مسبقة
لذا، يبدو خميس الأردنيين مختلفا، وعلى سبيل المثال، فإن السهرة المعتادة في بيت الوالدة لعائلة أبو يحيى الزيود، كما يقول الابن يحيى، لا تبدو تحضيراتها كما في كل مرة؛ فوالدته وأخوته، ومنذ إعلان فوز المنتخب في مباراة يوم الإثنين أمام السعودية، حرصوا على أن تكون هناك تحضيرات “احتفالية” مسبقة، إلى جانب تحضير الضيافة والحلوى، مهما كانت النتيجة.
كما تستعد يارا وأخوتها ليكون يوم الخميس مميزا أيضا، حيث تستقبل الأسرة في كل خميس الأخوات المتزوجات في سهرة عائلية تجمعهم بوالدتهم، كما في كل مرة. إلا أن يارا تقول إن هذا الخميس تحديدا جرى الاستعداد له مبكرا، من خلال وضع الأعلام في غرفة الجلوس، وتنظيم تحدٍ بين أفراد الأسرة حول من سيفوز في المباراة، إلى جانب تحضيرات تتعلق بالضيافة المختلفة لهذا اليوم المميز.
وكان للأجواء الماطرة والباردة خلال هذه الفترة دور في أن تختار الأسر بيوتها لمتابعة المباراة النهائية، خاصة أنها تتزامن مع نهاية الأسبوع، وضمن السهرة الأسبوعية المعتادة.
إذ اعتمد الترتيب لهذا اليوم على طبيعة الأجواء السائدة، التي كان لأجواء النار و”المنقل” نصيب في عدد من البيوت.
وهو ما تعمدت أن تقوم به أسرة خالد عضوان، حيث جرى الاستعداد للسهرة التي يتوقع أفراد الأسرة أن تكون إيجابية وتحمل فرحا وفوزا للمنتخب، من خلال تجميع كمية من الحطب، وإحضار أكثر من “مِقْلَى”، وتجهيز عشاء “على النار”، في ليلة سيجتمع فيها عدد كبير من أفراد الأسرة لمتابعة المباراة بأجواء حماسية ومختلفة تكسر روتين “سهرة العائلة الخميسية”.
وكان لأداء المنتخب الأردني خلال هذه البطولة دور في أن تجذب مباريات المنتخب جميع أفراد الأسرة كبيرا صغيرا، الأمر الذي يسهم في أن تكون الأجواء السائدة أجواء حماسية يتشارك في الحديث عنها وتحليلها الكبار والصغار، الذين يجلسون سويا لمتابعة أحداث المباراة من دقيقتها الأولى وحتى نهايتها.
متابعة المباريات برفقة الأصدقاء والعائلة
وقد يكون للإعلام أيضا ومواقع التواصل الاجتماعي دور في أن تعيش الأسرة الأردنية في كل بيت حالة من الفخر بما يقدمه المنتخب الأردني من أداء وفوز في كل مباراة، والدعوة إلى أهمية التشجيع في كل مكان لرفع معنويات الفريق، الذي يتابع ما يقدمه الجمهور من رسائل دعم، ومقاطع تبث لحالات الفرح وردود أفعال المواطنين في بيوتهم وشوارع المملكة.
وفي ذات الوقت، يقول الشاب موسى خير إن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاع أسعار الدخولية لدى بعض المقاهي التي كان يتابع فيها المباريات برفقة أصدقائه أو بعض أفراد عائلته، وهو ما كان سببا في توجهه إلى الأجواء العائلية داخل البيت برفقة الأسرة، وما يرافق هذه الأجواء من مرح وضحك وتسلية، ووجود تحديات بينهم، إلى جانب أجواء دافئة دون وجود عبء مادي عليهم.
إنجازات كروية حققها المنتخب
من جانبه، يرى خبير علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي أن هناك عدة أمور ساهمت في أن يكون المجتمع الأردني جمهورا يقف خلف المنتخب في كل بيت من بيوته، من بينها الإنجازات التي يقدمها المنتخب في مشاركاته الخارجية، وما يمتلكه من مهارة وكفاءة تلفت الأنظار، وتحفز على متابعته على المستوى العالمي، وليس فقط عربيا.
لذلك، يؤكد خزاعي أن الشارع الأردني اليوم متابع بكل أطيافه، ويعيش مع الفريق تلك المشاعر الجميلة التي تنعكس على النسيج المجتمعي، مشيرا إلى أن المجتمع الأردني يتميز بوجود نسبة شباب مرتفعة تصل إلى أكثر من 60 %، إضافة إلى فئة الأطفال والمراهقين، الذين تجذبهم نجوم كرة القدم، وهو ما يشكل أيضا سببا في حالة الشغف التي نشاهدها اليوم مع المنتخب.
وكانت إحدى الفتيات قد تعمدت كتابة استفسار في إحدى “الجروبات” على مواقع التواصل الاجتماعي، تساءلت فيه: “ما هي ترتيباتكم في البيت لحضور مباراة الأردن والمغرب؟”.
لتنهال بعد ذلك مجموعة من التعليقات من متابعين أجمعوا على أن سهرة يوم الخميس في البيت ستكون مختلفة؛ فبعضهم قرر دعوة أصدقائه، فيما اتفق آخرون على إقامة عشاء عائلي كبير تشترك فيه الأسر المجتمعة، خلال مشاهدة المباراة التي ينتظر الجميع نتيجتها على أحر من الجمر، على حد تعبير بعضهم.
وسائل التواصل وتعزيز هذا الشغف
عدا عن ذلك، يبين خزاعي أن لوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير في تعزيز هذا الشغف بالمتابعة لدى العائلة الأردنية، وخلق هذه الأجواء في هذا اليوم المميز، الذي ينتظره الأردنيون على أمل فوز المنتخب والانطلاق في الاحتفال الوطني.
إذ تعمد كثيرون إجراء بث مباشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأجواء التشجيع، سواء في البيوت أو الشوارع أو المقاهي، وحتى في المدرجات، الأمر الذي من شأنه رفع المعنويات وبث روح التشجيع والحماس لدى جميع أبناء المجتمع الأردني.
لذا، يعتقد خزاعي أن المجتمع الأردني، الذي يعد كرويا منذ عقود، بات اليوم أكثر اهتماما بتفاصيل الكرة الأردنية، وهو ما يظهر حتى في تشجيع الأندية الوطنية الكبيرة. إلا أن التماسك يكون أوضح وأقوى مع المنتخب، كون لاعبي الأندية يجتمعون تحت راية واحدة، هدفهم رفع اسم الوطن.
هذا الأمر كان دافعا للعائلات الأردنية لأن تنساق خلف هذا الانسجام، وانعكاسه على يومهم (الخميس)، الذي بات مرتبطا بنتيجة مباراة المنتخب.
كما تعمدت الأسر تنظيم يومها والتخطيط لسهرات عائلية “خميسية” لمتابعة المباراة، وكسر الهدوء بأجواء الفرح والحماس والتشجيع.

