“الزراعة” تبحث سبل إنقاذ أشجار القيقب بعجلون

– يبدو أن التغيرات المناخية وتراجع معدلات الأمطار بدأت تظهر آثارها السلبية على الغابات في عجلون، سواء بتراجع نموها أو جفاف أنواع من الأشجار النادرة كـ”القيقب” التي تعرض الآلاف منها للجفاف شبه التام، مهددا بموتها تماما.
وفي الوقت الذي دفع فيه هذا الأمر مهتمين بالغابات إلى المطالبة بضرورة البحث عن طرق فاعلة لإنقاذها، تؤكد مديرية زراعة المحافظة أن الوزارة أرسلت مؤخرا فرقا فنية متخصصة لتحديد أسباب الجفاف، وذلك في محاولة منها لإيجاد حلول لمعالجتها.
ووفق المهندس الزراعي معاوية عناب، فإن الإفراط أو قلة الري يمكن أن يسبب إجهادا مائيا يؤدي إلى ذبول أشجار القيقب، كما يمكن لبعض العوامل البيئية الأخرى، مثل الرياح الجافة أو الرياح المحملة بالملح، أن تسبب احتراق أوراق القيقب، ما يستدعي الكشف على الأشجار المصابة ومواجهة التضرر وإجراء اللازم لمعالجة المشكلة.
ويقول الناشط البيئي المهندس خالد عنانزة، إن أشجار القيقب في محافظة عجلون تعاني هذا الصيف من حالات جفاف غير اعتيادية، ما دفع مديرية الزراعة إلى التحرك للكشف على هذه الأشجار النادرة والمهددة بالانقراض، مبينا أن الجفاف يعد من أهم الأسباب التي تؤدي إلى تضرر أشجار القيقب، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في المياه أو جفاف حاد.
وأضاف عنانزة أنه يمكن لتراجع رطوبة التربة بسبب تدني معدلات الأمطار، وكذلك الإجهاد الحراري الناتج عن ارتفاع درجة الحرارة أو التعرض للشمس لفترات طويلة، أن يتسبب في ذبول أشجار القيقب وتساقط أوراقها.
أما الناشط علي القضاة، فيرى أنه يجب أن تكون هناك استجابة سريعة ومناسبة لحالات التضرر التي تطال أشجار القيقب، بما في ذلك بحث إمكانية إيجاد الري المناسب والعناية بالمناطق المصابة، وتكثيف الرقابة على غابات عجلون لوقف قطع الأشجار الجائر وحماية الثروة الحرجية من جميع أشكال التعدي والحرائق والجفاف.
أشجار القيقب مهددة بالانقراض
من جهته، أكد مدير زراعة المحافظة المهندس رامي العدوان، أن الفرق المتخصصة التي تفقدت أشجار القيقب المتضررة في غابات عجلون وبعض مناطق في جرش، كشفت عن جفاف هذه الأشجار التي تقدر أعدادها بالآلاف، وذلك بسبب التغيرات المناخية وتراجع المعدل المطري لموسم الشتاء الفائت إلى أقل من النصف، موضحا أنه لا يمكن تقديم أي رعاية لها حاليا، معربا عن أمله بأن تتعافى مجددا مع دخول فصل الشتاء المقبل.
وأضاف أن كوادر مديرية زراعة عجلون، ومنذ أن رصدت هذه الحالة، قامت بإجراءاتها للكشف على أشجار القيقب النادرة في مناطق مختلفة من المحافظة التي تم فيها رصد حالات جفاف غير اعتيادية تهدد هذا النوع النباتي المهم بيئيا والمصنف من الأنواع المهددة بالانقراض، مؤكدا أن الفرق عملت على تحديد أسباب الجفاف الذي أصاب أشجار القيقب والتوصية باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الأضرار والحد من انتشارها قدر الإمكان.
وأشار العدوان إلى أن أشجار القيقب تعد من الرموز البيئية المميزة في محافظة عجلون وأي تهديد تتعرض له يشكل خطرا على التوازن والتنوع البيئي في المنطقة، مشددا على أهمية تعاون المواطنين في الإبلاغ عن أي مظاهر تدهور تصيب الأشجار الحرجية لتمكين الجهات المختصة من التدخل السريع والحفاظ على الثروة الحرجية.
كما أكد التزام المديرية بمواصلة رصد الواقع البيئي للأشجار الحرجية، خصوصا الأنواع النادرة منها، لضمان استدامتها ودعم جهود الحفاظ على الغابات الطبيعية في عجلون، لا سيما شجرة القيقب في غابات عجلون، والتي تعد إحدى الأشجار الجميلة التي تنمو بين غابات البلوط والسرو والسنديان واللزاب في المناطق ذات الارتفاعات المتوسطة بين 600 – 800 متر فوق سطح البحر، خاصة في عجلون، وهي تحمل الاسم العلمي ARBUTUS والجنس ANDRACHNE والعائلة ERICACEAE وتتميز بسيقان حمراء إلى حمراء لحمية اللون وناعمة ملساء وأحيانا نحاسية.
ولفت العدوان إلى أن أوراق هذه الشجرة كالكاوتشك، متوسطة الحجم، وهي دائمة الخضرة، وتتحور من اللون الأخضر إلى اللون الأحمر إلى اللون الأصفر.
أماكن انتشار شجرة القيقب
ووفق الدراسات العلمية والبحثية، فإن شجرة القيقب من الأشجار الكبيرة المعمرة المتفرعة المنتشرة بكثرة في جبال عجلون وجرش وإربد والسلط وأحراشها، وهي من الأشجار دائمة الخضرة، أي أنها تحمل أوراقها على مدار العام، كما أنها من الأشجار عالية الارتفاع، فقد يصل ارتفاع هذه الشجرة في بعض الأحيان إلى 7 أمتار أو يزيد، وذلك حسب نوع التربة المتواجدة بها.
ولشجرة القيقب فروع عديدة تتفرع من ساقها وتغطي هذه الفروع قشرة قرميدية اللون تميل إلى الحمرة وتكون ملساء ناعمة جميلة، كما تمتاز هذه الشجرة عن غيرها من الأشجار المشابهة لها بسهولة تقشير أغصانها، أما أوراق هذه الشجرة فبيضاوية الشكل، ملساء ناعمة، جلدية كالكاوتشوك تماما، وقد يصل طول الورقة الواحدة من أوراقها إلى 5 سم، أما أزهارها فبيضاء اللون، جرسية الشكل، تظهر للرائي من بعيد كالقناديل المضاءة ليلا، وتوجد على شكل مجاميع متدلية إلى الأسفل.
أما ثمارها، فعنبية الشكل، حمراء اللون، كروية الحجم، سطحها خشن وتشبه في ذلك حبة الفراولة إلى حد ما، ويكون طعمها حلوا عندما تنضج، كما أنها تنمو بكميات قليلة ومتباعدة عن بعضها بعضا في سفوح الجبال وفوق الهضاب وعلى ضفاف الوديان وأكتاف الشعاب، لكنها تنمو بكميات أكبر في الأراضي البور وبين الصخور وفي البساتين وبين الأشجار وفي الأحراش مثل أحراش عجلون وبرقش، وتزهر هذه الشجرة في شهر نيسان من كل عام، ولا تؤكل ثمارها إلا إذا كانت ناضجة تماما بموسم قطاف الزيتون وبكميات قليلة تفي بالحاجة، إذ لا يفضل أكل المزيد من ثمار هذه الشجرة.
وهناك من الناس من يقوم بتجفيف أوراق شجر القيقب تحت أشعة الشمس، وبعد أن تجف يقوم بطحنها جيدا وغليها بالماء لمدة لا تزيد على خمس دقائق، ثم يقوم باستعمال هذا الماء المغلي بعد تبريده لتنظيف البشرة وإعطائها النضارة والحيوية والنعومة بعد تكرار هذه العملية لعدة أيام، وهناك أيضا من يقوم بغلي ثمار القيقب مع السكر على نار هادئة ليقوم بتحضير مربى القيقب من هذه الثمار، الذي يمتاز عن غيره من المربيات الأخرى بطعمه المميز واللذيذ.
وفي الذاكرة الشعبية، تأتي شجرة القيقب في المرتبة الثانية بعد شجرة الزعرور، فمن أغصانها كانوا يجهزون عصيهم نظرا لجمال قشرتها ونعومتها وسهولة تقشيرها وصلابة خشبها، مما يسهل عليهم تزيينها بالأبيض والأسود، وذلك بإزالة القشرة عن الجزء المرغوب تلوينه بالأسود وإبقائها على الجزء الذي يريدونه أن يكون أبيض، ثم يقومون بشيّها على نار هادئة مستخدمين نبات النتش في عملية الشواء، ثم بعد ذلك يقومون بتقشيرها ثانية فتصبح عصا جميلة ملونة.
عامر خطاطبه/ الغد