الزيت الجرشي على أبواب الكساد بسبب الغلاء وضعف الشراء

جرش – فيما تتكدس مئات الأطنان من زيت الزيتون في مخازن مزارعي جرش، بسبب تراجع القوى الشرائية وسوء الظروف الاقتصادية للمواطنين، التي لا تتناسب مع أسعاره التي ارتفعت 25 % مقارنة بأسعار الزيت في الأعوام الماضية، كان المزارعون يأملون بعد هذا الارتفاع بتغطية تكاليف الإنتاج وتحقيق هامش ربح معقول.

وفي المقابل، اضطر مزارعو الزيتون في محافظات الشمال إلى بيع زيتهم بسعر أقل من نظيره في محافظة جرش، حتى يتمكنوا من تسويق منتجهم بما يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، حيث لم يتجاوز سعر الصفيحة 85 دينارا في حين أن سعر الصفيحة في محافظة جرش يتراوح بين 100-125 دينارا.

ويبدو أن مشكلة تكدس صفائح زيت الزيتون تقتصر على محافظة جرش، كون المزارعين استغلوا الإقبال الكبير على شراء الزيت من المحافظة لجودته وسمعته، فعمدوا إلى رفع أسعاره، مما تسبب بالعزوف عن شرائه منهم، وفق المزارع الأربعيني مصطفى العياصرة.
وقال العياصرة إن مزارعي الزيتون في جرش رفعوا سعره هذا الموسم، ولم يبع الزيت بسعر أقل من 100 دينار نقدي، وبـ150 دينارا بالتقسيط، فيما كانت حركة البيع والشراء جيدة بداية الموسم، لكن مع دخول فصل الشتاء تراجعت القدرة الشرائية وتكدست كميات لا بأس بها من الزيت في مخازن المزارعين، الذين عمدوا إلى عرض منتجهم بعدة طرق على وسائل التواصل الاجتماعي لكن من دون جدوى.
ويعتقد أن دخول فصل الشتاء وحاجة المواطنين لتأمين وسائل التدفئة، كان سببا رئيسيا في تراجع القدرة الشرائية لزيت الزيتون، جراء تغير احتياجات وأولويات المواطنين، مرجحا أن يزيد الطلب على الزيت قبيل حلول شهر رمضان إذا تحسنت الظروف الاقتصادية للمواطنين.
بدورهم، أكد مزارعون أن موسم الزيتون هو أهم موسم زراعي في محافظة جرش، إذ يعتمد عليه المزارعون في تغطية تكاليف عملهم، وتلبية احتياجات أسرهم والتزاماتهم السنوية، فضلا عن استغلال جزء من أثمان الزيت في العناية بالأرض والشجر، من حراثة وتسميد وتقليم وتجريف.
ويؤكدون أن تكدس الزيت لغاية الآن والانشغال بتسويقه، منعهم من الاهتمام بالأرض وإعادة تأهيلها.
بدوره، قال المزارع عيسى البرماوي إنه جنى ما يقارب 26 صفيحة من زيت الزيتون، إلا انه لم يتمكن من بيع سوى 10 منها، فيما ظل الباقي مكدسا في المخزن، في الوقت الذي لا يوجد فيه مستهلكون ولا مشترون، مشيرا إلى أنه عمل على الإعلان عن منتجه عبر وسائل التواصل الاجتماعي عشرات المرات، لكن بلا جدوى.
ويعتقد البرماوي أن الخسائر ستكون كبيرة في هذا الموسم بسبب تكدس الزيت رغم وفرة الإنتاج، لدرجة عدم تغطية تكاليف العمل فيه، في الوقت الذي لم يبق على الموسم المقبل سوى 8 أشهر.
وأكد أن أغلبية مزارعي الزيتون في محافظة جرش هم من كبار السن، ومن غير القادرين على تسويق منتجهم، لاسيما وأنهم لا يتمكنون من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وكانوا يعتمدون على علاقاتهم الاجتماعية اليومية والمجتمعية، فيما كان سعر الصفيحة لا يقل عن 80 دينارا في السنوات الماضية، ويتم بيع الزيت بعد القطاف بأسابيع قليلة.
واستدرك بالقول: “غير أنه في هذا العام، تعرضت صفائح زيت الزيتون للتكدس في مخازن المزارعين، ولحقت بهم خسائر فادحة بسبب أسعارهم المرتفعة، وفي حال خفضوا السعر فسيكون منتجهم عرضة للتشكيك بجودته.
وبين أن عدد الصفائح التي يخزنها لا يقل عددها عن 30 صفيحة، وأنه تحمل تكاليف إنتاج لا تقل عن 1500 دينار، وما تزال عليه ذمم مالية، وهو يعتمد على بيع الزيت لتسديدها.
ويطالب المزارعون وزارة الزراعة بمساعدتهم في تسويق منتجهم، من خلال تنظيم مهرجانات ومواقع تسوق دائمة لبيع الزيت.
إلى ذلك، أكد رئيس قسم الثروة النباتية في مديرية زراعة جرش المهندس هاني البكار، أن كمية الإنتاج هذا العام وفيرة، وبلغت 1370 طنا من الزيت، فيما بلغت العام الماضي 1400 طن.
وأوضح البكار أن سعر الزيت يعتمد على العرض والطلب، وأن المزارعين هم من يحددون الأسعار وفق الكميات المتوفرة والقوى الشرائية، نافيا أن تكون الوزارة أحصت كميات الزيت المتكدس في المخازن، لأن هذه الأمور تخص المزارعين وحدهم.
ويعتقد أن تفريغ الزيت في عبوات أصغر يساهم في تسويقه بشكل أفضل، مشددا على سمعة ومواصفات ونوعية وجودة المنتج الجرشي من زيت الزيتون.
ويرى البكار أن كميات الإنتاج تعتبر الأعلى منذ سنوات، ما يشير إلى توفر كميات كبيرة من الزيت في محافظة جرش وبجودة ومواصفات عالية، فضلا عن توفر أكثر من 18 ألف طن من ثمار الزيتون، ومنها “زيتون الرصيع”، الذي يباع على مستوى المملكة ويصدر إلى دول أخرى، نظرا لجودته.
ويرى أن الظروف المناخية ساهمت في تحسين المنتج الثمري للزيتون، وزيادة جودته ونوعيته ووفرة كمياته هذا الموسم.
يذكر أن المساحة الكلية التي تشغلها أشجار الزيتون في محافظة جرش تبلغ 130 ألف دونم، نسبة المثمر منها 110 آلاف دونم، وتتوزع بين مختلف المناطق في المحافظة، فيما تبلغ المساحة المزروعة بالزيتون على مستوى المملكة نحو 1.280 مليون دونم، وتعادل 72 % من إجمالي المساحة المزروعة بالأشجار المثمرة، وحوالي 34 % من كامل المساحة المزروعة في الأردن.
ويقدر عدد أشجار الزيتون في الأردن بحوالي 17 مليون شجرة تنتشر في معظم مناطق محافظات المملكة بدءا من المناطق المرتفعة وحتى وادي الأردن.

 

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة